يمهل ولا يهمل

mainThumb

20-01-2023 11:43 PM

كنّا أربعة زملاء نجلس إلى طاولة بالمقهى لم نبق موضوعا إلاّ وتحدّثنا فيه تحدّثنا عن البطالة وعن غلاء الأسعار وعن التعليم وعن ضرورة أن نؤدّب الأطفال ولا نتركهم لتربية أبناء الشوارع وكنا متفقين على كلّ شيء حين رنّ جوّال الزميل رعد وبدون اتفاق مسبق أنصتنا .. كان على الطرف الآخر ابن رعد الذي تخرّج حديثا من الجامعة ويبدو أن الحديث بينهما كان جافّا بغض الشيء إذ سمعنا الزميل رعد يقول :
أنت تعلم أن راتبي لا يكفي فمن أين أغطّي ثمن تذكرة ذهابا وإيابا ومن أين لي أيضا أن أوفّر لك مصروف هذه الرحلة غير الضرورية لك .. تقول بأن زملاءك ذاهبون في هذه الرحلة فهل سألت نفسك بأن رواتب آبائهم قادرة على تحمّل مصاريفها ونفقاتها أرجو أن لا تحملني فوق طاقتي لا أريد أن أتمادى في الردّ عليك صحيح ما تقول بأنها مشكلتي وليست مشكلتك ولذا لماذا لا تبحث عن عمل إلى أن يتمّ تعيينك ؟ فتعيل نفسك وتعينني على ما ألاقي من عنت في هذه الحياة ؟ وهنا أحسسنا بأن الأمور تكاد تفلت من عقالها قلت للزميل رعد : إنّه فلذة كبدك ففوجئت بالرّد : والله ما أوصلنا لهذا الحال إلاّ العواطف الكذّابة فلو أحسنّا تربية أبنائنا لوفّرنا على أنفسنا الكثير فالقناعة كنز لا يفنى والتواضع يحمي صاحبه ويضفي عليه مهابة واحتراما فكلّ التعاليم الدينية تقضي بالإصغاء إلى وصايا الآباء والأديان وعدم الخروج عن طوعهم ..
أغلق الزميل رعد جوّاله وكانت عيناه تنظران إلى البعيد البعيد وفيهما سحائب غيم تتجمّع ويقول إلى لا أحد إنّ الله يمهل ولا يهمل فمتى يستوعب الشباب هذا الدرس...


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد