حديقة ابنة الجيران

mainThumb

22-02-2023 12:17 AM

وجدت ما يلي في حافظة أوراقي القديمة فأحببت أن أشارككم بها
كان يقف هنا يرقب بزوغ الشمس متأمّلا روعة هذا الكون وكان مولعا بهذه العادة وكان نظره يقع أوّل ما يقع على حديقة منزل الجيران المليئة بالورود... في المرّة الأولى حين لمح ابنة الجيران تقطف وردة بيضاء أحسّ بالخجل وارتدّ مسرعا وهو يقول النظرة الأولى لك أمّا الثانية فلا حقّ لك بها
في المرّة الثانية أحسّ بأنها لمحته لم يرتدّ وحين صحا لنفسه كانت قد انسحبت منذ زمن وكانت الشمس قد أشرقت فشعر بأسف مزدوج وفكّر في نفسه قائلا سأخسر كثيرا إذا ظلّ الحال على ما هو عليه ولكن العادة أخذت تفعل فعلها فكان يقف كل صباح موزّع اللبّ بين صاحبة الوردة البيضاء وبين بزوغ الشمس والذي أنقذه من هذا هو اختفاء صاحبة الوردة فجأة كما لو كانت حلما لذيذا في ليلة صيف تلاشى مع تباشير الصباح وكان هذا مدعاة لقلقه فيما بعد .. حتى كان ذات صباح يقف في مكانه المعتاد يترقب بزوغ الشمس في حين أطلّت هي تأمّل وجهها جيدا في هذه المرة ولمّا لم يحرّك ساكنا وظلّ على صمته استدارت بنزق وطرقت باب منزلها خلفها ولم تعد للظهور ..
وتقبّل هو الأمر على علاّته وحتى الآن لم يكتشف بسريرته الطاهرة سرّ هذا الإختفاء حتى أنه أجهد نفسه كثيرا في محاولة إيجاد مبرّر واحد لاختفائها ولكنه لم يجد ولن يجد لأنه لم يفكّر يوما بأن للبيوت أبوابا وتناسى ذلك عن جهل أو جهالة منه ..
ذات صباح وهو مستغرق تماما في مراقبة بزوغ الشمس صاح عليه أحد الجيران : هل تنتظر أحدا ؟ ردّ عليه بعفوية لا .. ولكنّني أرقب شروق الشمس يا جار هزّ الجار رأسه كما لو لم يصدّق كلمة مما سمعت أذناه ومضى لحال سبيله بعد أن رشقه بنظرة ريبة وشكّ مما جعله يوجس خيفة من هذا الإنتقاد المبطّن الذي وجّه له وجوبه به لأول مرّة في حياته
...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد