كيف يحصل الإصلاح؟ أهمية التاريخ الثقافي
ولهذا؛ فإنّ المستشرقين عندما قالوا بالانحطاط في الحضارة الإسلامية إنما كانوا ينقلون أو يقلّدون التصور الغربي لحضارتهم هم في الأزمنة ذاتها. ولذا؛ فالذي ينبغي إدانتهم به أو الأخذ عليهم بشأنه (وإدوارد سعيد يعتبرهم سطحيين أيضاً بالمقاييس النهضوية الغربية) أنهم وهم يكتبون مقارباتهم «العلمية» عن حضارة الإسلام ما لاحظوا الحراك التاريخي الكبير الذي كان يجري باتجاه إعادة قراءة العصور الوسطى الأوروبية، بحيث يصيرون وأمامهم النتاجات الفكرية والعلمية الكبيرة للحضارة الإسلامية إلى تأويلاتٍ أخرى للوجود الحضاري العربي والإسلامي وتأويلاته. ولهذا؛ فإنّ الرؤية الإصلاحية التي ينبغي أن يصير إليها المفكرون العرب من أجل الإصلاح الحديث والمعاصر، لا تكون بضرورات القطيعة مع حضارة الإسلام القديمة؛ بل بالمراجعة وتجديد الفهم، كما فعل الغربيون مع عصورهم الوسطى، وليس من أجل التقليد، بل من أجل التجديد تطلباً لفهم التأزم الحاصل اليوم، وكيفيات الخروج منه.
بدأ توماس باور دراساته بتجديد الفهم للظواهر الأدبية العربية فيما سُمّي بعصور الانحطاط بعد القرن الثاني عشر الميلادي. ثم تقدم لبحث الرؤى الفكرية والعقدية في الحضارة الإسلامية الكلاسيكية. بعد الظواهر والتيارات الأدبية في الشعر والنثر، صار باور إلى تأليف كتابه الذي صار شهيراً بعنوان «ثقافة الالتباس». فالحضارة العربية الإسلامية في أزمنتها الكلاسيكية (فيما بين القرنين الأول والخامس للهجرة) حافلة بالتيارات المتعددة التي تعرفها الثقافات المزدهرة، ولا فرق في ذلك بين الفكر الديني والفكر الفلسفي والفكر الأدبي. في الحقبة ذاتها تطورت العلوم البحتة والتطبيقية ذات الأصول الإغريقية والفارسية والهندية، وصارت هائلة الانتشار والإنجاز والإبداع وظلّت على النحو نفسه حتى أنّ الأوروبيين في جامعاتهم توصلوا إلى نتاجات ابن سينا والرازي وابن الشاطر في القرن السابع عشر الميلادي. فلماذا يقال بالانحطاط في الفكر الديني والأدبي في الحقبة ذاتها؟ الالتباس - كما في عنوان الكتاب - ليس آتياً من الصراع بين المحافظين والمتحررين - كما ذهب إلى ذلك غولدزيهر - بشأن علوم القدماء؛ بل لأنّ الاختلاف بين التيارات العقدية والفكرية، كان قد جرى تجاوزه باتجاه تعدديات الازدهار حتى في تفسير القرآن، وفي صنع الجديد والمتقدم.
وبعد ثقافة التعدد المزدهرة في تلك الحضارة الكبرى، جاء كتابه الصغير «لماذا لم تكن في الإسلام (عصور وسطى؟)» بالمعنى الذي صار إليه المستشرقون ومن ورائهم مؤرخو الحضارة الأوروبيون. قامت الرؤية الغربية (والاستشراقية) على أنّ قطيعة حصلت بداخل الحضارة الإسلامية بعد القرن الخامس الهجري مع الحضارات الكلاسيكية بسبب سيطرة المحافظين بداخل ثقافات الإسلام وحضاراته. والحقيقة، أنّ الاستمرار الحضاري ظلَّ سائداً في زمن النشوء وفي الزمن الكلاسيكي في كل شيء، وليس في العلوم البحتة والتطبيقية فقط؛ بل وفي الثقافة والعمران وتيارات التفكير الديني والفلسفة والأخلاق. والفرق في الفهم، أنه في مرحلة معينة ما عاد المسلمون في حاجة إلى التقليد والاقتباس، بل كما في كل الحضارات الكبرى، وبعد الاستيعاب والتمثل - ومن جانب المحافظين وغيرهم – استتبّت مسارب ومسالك الثقافة بالإنتاج الخاصّ والإبداع وليس في العلوم وحسْب؛ بل في الفكر الفلسفي والكلامي واتجاهات التفكير الديني في التفسير علوم القرآن والحديث وعلوم الكلام، ومن قبل وبعد علوم اللغة ونظريات الشعر والنثر والبلاغة واللسانيات.
يتشارك المثقفون العرب مع المستشرقين والكُتاّب الغربيين في رؤاهم إلى انحطاط التقليد الديني والفكري بعد التمدح بازدهار القرن الرابع الهجري المستند إلى الإغريقيات! ثم ينتهون إلى أنّ الخروج من الانحطاط يكون بالقطيعة مع الموروث الانحطاطي، والالتفات إلى حضارة العصر وعصر العالم! وتوماس باور - وقد صارت توجهاته تياراً – يعتبر أنّ هذا التصور خطأ محض، ويخضع لرؤى الصحويين والمتشددين في الحضارتين؛ بل لا بد لتجاوز التأزم من العودة لقراءة وقائع الحضارة ومجرياتها. معظم المستشرقين وبعض مؤرخي الحضارة يذهبون إلى أنّ الخروج من انحطاطنا يكون بالمصير، كما صار الأوروبيون والغربيون بعامة إلى مغادرة عصورنا الوسطى، كما غادروا عصورهم الوسطى. وهم لم يفعلوا ذلك إلا جزئياً في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وحتى عندما كانوا لا يزالون في الرؤية القديمة لزمانهم الحضاري، انصرفوا لبعث الحضارتين الإغريقية والرومانية لتكونا أساساً في النهوض وإعادة تعريف الهوية والإطلال على مستجدات القرون وتأصيلها. التطور الثقافي والحضاري مثل التطور العلمي. ربما لا يكون ضرورياً استعادة تاريخ الطب أو الهندسة (رغم أنه يحصل)، أما التاريخ الثقافي والحضاري فهو ضروري من أجل فهم الذات الإنسانية، والذاكرة الثقافية والإنسانية. لقد حاول ذلك على سبيل المثال محمد عابد الجابري، وقد خطا خطوات، إنما ظلت غالبة عليه نزعة القطيعة التي استعارها من الأبستمولوجيا الفرنسية.
إنّ التجاذب في أوساطنا الدينية والثقافية أنتج تيارات قطيعة وتشدداً. لكن كما أعاد الغربيون النظر ويعيدون، وكذلك اليابانيون والصينيون والهنود؛ فإنّ إعادة النظر من خلال تاريخٍ ثقافي جديد، يظل أمراً ضرورياً للحاضر والمستقبل. لا عودة للماضي، وهي عودة غير ممكنة على أي حال. لكن لا بد من إعادة قراءة ليس الماضي، بل التاريخ من أجل الحاضر والمستقبل.
وفاة حدث في المفرق والأمن يحقق بسبب الوفاة
إحالة ملفّ الطلبة المتورطين بأحداث الجامعةُ الأردنيّة الأخيرة للمجلس التأديبي
العنف الجامعي في الميزان .. ومن المسؤول
صدور رواية اللوكو للكاتب والإعلامي موهوب رفيق
الأميرة بسمة ترعى فعاليات البازار الخيري للسلك الدبلوماسي بعمان
وزارة الثقافة تحتفل بخريجي معهد تدريب الفنون الجميلة
منتخب الطائرة للشابات يلاقي هونغ كونغ الأحد
الاحتلال يربط انتهاء حرب غزة بنزع سلاح حماس
اتحاد السلة يُعاقب الوحدات والفيصلي
اختتام فعاليات منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني البريطاني
أورنج الأردن وشركة جت توقعان شراكة استراتيجية
العقبة .. بدء دورة إدارة السباقات الدولية للقوارب الشراعية
منخفضان جويان يجلبان الأمطار الغزيرة لدول عربية
تفسير حلم الامتحان للعزباء في المنام
عائلة الدميسي تستنكر تداول فيديو الجريمة المؤسفة
قرار حكومي مهم بشأن الحجز على أموال المدين
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات الشخصية .. أسماء
دلالة رؤية ورق العنب للعزباء في المنام
النقل البري تتعامل مع 17 ألف راكب يومياً في معان
41 دار نشر أردنية تشارك في معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في ليبيا
وزارة الأوقاف تغلق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث
إغلاق طريق كتم وتحويل السير إلى الطريق الرئيسي (إربد – عمّان)
مأساة قناة الملك عبدالله: صرخة تتكرر بحثاً عن حل جذري
اتفاق شرم الشيخ .. محطة جديدة في مسار الصراع