المجد أقبل بالأفراح مبتسماً

mainThumb

06-04-2023 09:53 AM

هناك تهنئة قديمة متداولة بالحجاز عند منتصف شهر شعبان انتظاراً لشهر رمضان، وتقول بلهجة أهل مكة المحببة:
راح شعبان أكثر من نصّو/ كلها كم يوم والتمر في الصحن نرصّو
ولكل غالي بالتهاني نخصّو/ ويا رب تصوموا وتقوموا وبالتعب ما تحسّوا
وادعو لنا كمان ويا ويلكم لو تنسوا/ وكل عام وانتو بألف خير وتمسّوا
ويقضون سهراتهم في باقي أيام شعبان: بلعبة (البلوت)، أو لعبة (الكيرم)، أو لعبة (المزمار)، وهم في شوق لدخول الشهر الفضيل، الذي ما إن يحلّ حتى يتفرّغوا للعبادة ولا شيء غيرها، إلى درجة أن الأعراس عندهم لا يقدمون عليها إلاّ بعد أن ينتهوا من صلاة العيد، ولفت نظري (كارت دعوة) لحضور زواج، وعند قراءتي لتاريخ الدعوة إذا بها مطبوعة قبل (96) سنة، وهذه دلالة على أن أهل مكة منذ ذلك الوقت كانوا متحضرين، وذلك الكارت يبدأ ببيتين من الشعر (الفصيح) لا العامّيّ الدارج، هما:
«المجد أقبل بالأفراح مبتسماً... والسعد أمسى على الأكوان مرتسما
وطائر اليمن من عليائه صدحا... وكوكب السعد في أفق العلا نجما
لنا الشرف الأسمى بدعوتكم لحضور وليمة عرس ابنينا (محمد وإبراهيم) النوري، بالدار المعروفة بدار زينل بحارة الشبيكة بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 18 من شهرنا الجاري ليزدهي بحضوركم كوكب سعدنا، ويسمو بكم محفل سرورنا والعاقبة عندكم بالمسرات والهنا.
حُرر: 13 ربيع الأول سنة 1348هـ - الداعون هم: عبد القادر موسى، محمد سعيد قربان، سليمان فوري».
ورحم الله (العريسان مع عروستيهما)، ورحم الله كذلك كل الحاضرين من المعازيم –ويا ليتني كنت من ضمنهم.
وما دمنا بصدد الحديث عن رمضان وكذلك الأعراس، فلا بد لنا من التحدث عن الشعب (الموريتاني الشقيق)، فلديه عادة لطيفة وغريبة كذلك، حيث يحلق الرجال رؤوسهم (ziro) -أي (زلبطّة)- قبل دخول الشهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشعر الجديد مع نهاية الشهر، وتسمى تلك العادة (شعر رمضان)، وهم مثل أهل مكة يؤجلون الأعراس إلى العيد.
أما أغرب عادة من عادات الشعوب في رمضان على الإطلاق، فهي في (أوغندا)، وتقوم تلك العادة على أن يضرب الأزواج زوجاتهم على رؤوسهن قبل أذان الإفطار، ثم يذهبن برضى منهن لإعداد الوجبة.
الواقع أن أغلب الأزواج كانوا يطبطبون أو يمحلسون على رؤوس زوجاتهم برفق، غير أن ما شاهدته في تصوير موثَّق لتلك العادة أن بعض الزوجات المسكينات كنّ يذهبن لتحضير الإفطار والدم ينزف من رؤوسهن، والدمع يسيل على خدودهن من شدة الضرب العنيف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد