نبذه عن العائلة المالكة في انسباخ-بافاريا، المانيا

mainThumb

07-08-2023 03:48 PM

لقد قمنا مساء يوم امس الأحد الموافق 6/8/2023 انا وزوجتي وابني محمد بزيارة مدينة انسباخ وقصر الحكم والإقامة الأثري القديم من العصر السابع عشر لملوك تلك الحقبة من الزمان وقد اخذت منا مع دليل سياحي خمسون دقيقة في القصر والذي يدهشك انهم ما زالوا محتفظين ومحافظين على مقتنياته الاصلية من القرن السابع عشر.

وتبعد هذه المدينة عن مدينة نورنبرغ 45 كم واخذت من الوقت خمسون دقيقة بالسيارة سالكين طريق B14. آنسباخ مدينة صغيرة في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، يصل عدد سكانها إلى حوالي 40 ألف نسمة ويعود تأسيس المدينة إلى القرون الوسطى ولا تزال تحتفظ بهندستها المعمارية القديمة ونمط العيش الريفي فيها.

لقد لعبت أميرة انسباخ دورا كبيرا ومؤثرا في الحكم واتساع الدولة، ولدت أميرة انسباخ كارولين فون براندنبورغ في أنسباخ (فترة حياة فيلهلمينا شارلوت كارولين من 1 مارس 1683 - حتى 20 نوفمبر 1737). والمعروفة أيضا باسم كارولين أميرة انسباخ. كان معروفا عن كارولين، كأميرة وملكة، بأن لها نفوذ سياسي، حيث اتسعت ولايتها لأربعة مقاطعات خلال إقامة زوجها في هانوفر، ويرجع لها الفضل خلال فترة عدم الاستقرار السياسي في تعزيز مكانة سلالة هانوفر في بريطانيا.

وقد عم الحزن على نطاق واسع على وفاتها في عام 1737، ليس فقط من قبل العامة ولكن أيضا من قبل الملك الذي رفض الزواج مرة أُخرى (وينطبق القول في هذه الحالة: خلف كل رجل عظيم امرأة). كانت أسرة هوهن‌تسولرن قد نجحت في رفع إمارة براندن‌ بورك الناخبة إلى مملكة پروسيا في 1701، وأصبح أميرها الناخب ملكاً باسم فردريك الأول.

وقد أوصى بأن يرث ملكه بعد موته ابنه فردريك وليم الأول (الذي حكم في الفترة 1713-1740). وكان الملك الجديد، عن طريق زوجته صوفيا دورتيا، صهراً لجورج الأول الذي ارتقى عرش إنجلترا في 1714. وكانت أملاك بروسيا تشمل بروسيا الشرقية، وبومرانيا السفلى، وإقليم الحدود المسمى برندنبور وبرلين وإقليم كليفز في غربي ألمانيا، وكونتية مارك، ومدينة رافنزبيرج في ويستفاليا وكلها أخلاط مفككة من البلاد تمتد امتداداً متقطعاً من الفستولا إلى الألب، ولا تربط بينها غير قوات الملك. وبلغ عدد سكان "بروسيا" هذه في 1740 نحو 3.300.000 زادوا إلى 5.800.000 في نهاية القرن، أما بنيانها الاجتماعي فكان إقطاعياً في أساسه'فلاحون يدفعون الضرائب والفروض الإقطاعية، وطبقة وسطى ضعيفة، وطبقة نبلاء تطالب بإعفائها من الضرائب ثمناً لتزويد الملك بالعون الحزبي. وكانت رغبة فردريك وليم الأول في التحرر من الاعتماد على هؤلاء النبلاء مما دعاه إلى تنظيم جيش دائم سيقرر التاريخ السياسي لأوروبا الوسطى طوال نصف قرن. واختصر عدد كبار الموظفين المغرورين الذين عطلت سلطاتهم المتضاربة عمل الحكومة إلى النصف، وباع ما ورثه من مجوهرات، وخيول، وأثاث فاخر، واختزل مظاهر بيت الملك إلى بساطة بيت المواطن من أهل المدن، وجمع الضرائب أينما أمكن تنميتها، وخلف لفردريك الثاني خزانة مملوءة إلى حد مغر. وأراد من كل إنسان أن يكد ويكدح مثله، فأمر موظفي البلديات بأن يراقبوا أخلاق السكان، ويباشروا بالجد بالعمل والاقتصاد، وأن يؤدبوا المتشردين (من قديم الزمان) بالأشغال الشاقة وبسط إشراف الدولة على التجارة والصناعة.

وفي 1722 أصدر الملك اليقظ أمراً يقرر التعليم الإلزامي ففرض على كل أبرشية أن تمول مدرسة، فما حلت سنة 1750 حتى كانت بروسيا تتصدر اوروبا كلها في التعليمين الابتدائي والثانوي. وحين تبين فردريك وليم أن الأتقياء من الناس يعملون أثبت مما يعمل الآخرون، أيد الحركة التقوية. وتسامح مع الكاثوليك على مضض وأخبر الكلفنيين بأن يكفوا عن التبشير بكآبة مذهبهم الجبري، وأمر اللوثرين بأن يستعملوا الألمانية بدل اللاتينية في طقوسهم، وأن يقلعوا عن ارتداء المدرعات والبطرشيلات وعن رفع القربان أمام المصلين، باعتبار هذه كلها من مخلفات البابوية.

ولما أكره رئيس أساقفة سالزبورج خمسة عشر ألف بروتستنتي على الهجرة، رحب بهم فردريك وليم وأقرضهم المال، وأجر لهم الأراضي إلى أن تؤتى أراضيهم غلالها. واستقدم خمسة عشر ألف مهاجر آخرين من سويسرا والدويلات الألمانية المجاورة. وهكذا ردت بروسيا إلى الحياة الاقتصادية بعد أن دمرتها حرب الثلاثين، كانت الرغبة العارمة التي دفعت الملك إلى هذا النشاط هي تأمين الأمة في عالم لا يكف عن الحرب. فحين تقلد فردريك وليم السلطة كانت الحرب الشمالية الكبرى ما تزال مستمرة، تشتبك فيها السويد، وروسيا وبولندا، والدنمرك، وسكسونيا، وبعد قليل إنجلترا، وكانت العبرة الواضحة من هذه الحرب أنه لا غنى عن جيش قوي للسلم، وسط عالم يسوده السطو المعمم. وكان ملك بروسيا تواقاً إلى الحصول على منطقة ستتن ثغراً لتجارة برلين، فاشتراها بمبلغ 400.00 طالر من شارل الثاني عشر .

ولكن شارل رفض عقب عودته من تركيا أن يعترف بهذا البيع لبضاعة مسروقة، فعرض فردريك وليم أن يردها للسويد نظير الـ 400.000 طالر التي دفعها، ولم يكن شارل يملك المال، ولكنه أصر على استرداد ستتن، فأعلنت بروسيا الحرب عليه (1715) وانضمت إلى أعوانه في حصار شترالزوند. وفر شارل إلى السويد ونصف العالم ضده، وأدركه الموت هناك. وعاد فردريك وليم إلى برلين وستتن في جيبه، وبريق الانتصار في عينيه.

بعد هذا أصبح الجيش شغله الإداري الشاغل، ولم يكن بالرجل العسكري النزعة تماماً، ولم يكن مقاتلا قط، ولم يخض حرباً بعد ذلك بتاتاً، ولكنه عقد العزم على ألا يخوض أحد حرباً ضده وهو في مأمن. فلقد كان هذا الرجل الذي بنى أشهر جيش في ذلك القرن "من أعظم الملوك حباً للسلام" وهو القائل "أن مبدئي ألا أؤذي أحداً، على ألا أسمح بأن يستهين بي أحد" ومن ثم راح يجمع الجند، ويطلب أطول من يجد منهم قامة في ولع شديد، وكان يكفي للظفر بمودته أن يرسل له إنسان رجلاً طوله ستة أقدام على الأقل وكان الملك يسخو في دفع ثمنهم ويبتهج قلبه لقوامهم الفارع، ولم يكن أكثر جنوناً بالجيوش من زملائه الملوك، إلا فيما يتصل بطول الجندي. فقد كان لفرنسا مثلاً في 1713 من الجند النظاميين 160.000، ولروسيا 130.000، وللنمسا 90.000.

ولكي يرفع فردريك وليم عدة جيشه إلى 80.000 في بلد لا يزيد سكانه على ثلاثة ملايين، جند الجند من الخارج وفرض التجنيد الإجباري في أرض الوطن، وقاوم الفلاحون وسكان المدن الإكراه على الخدمة العسكرية، فكانوا يؤخذون بالحيلة أو القوة، وحدث مرة أن اقتحم ضابط من فرق التجنيد كنيسة وساق أطول الرجال وأقواهم رغم توسلاتهم. (ولنذكر أننا نحن أيضاً نفرض التجنيد الإجباري) وكان الرجال إذا انخرطوا في سلك الجندية يجدون الرعاية الطيبة، ولكنهم أخضعوا لنظام قاس وتدريب شاق، وكان الجلد هو العقاب حتى لصغار الذنوب. وطبق التجنيد الإجباري على النبلاء أيضاً، ففرض على كل نبيل سليم البدن أن يخدم في الجيش ضابطاً ما دام يطيق الخدمة العسكرية، وكان هؤلاء الضباط يدربون تدريباً خاصاً، ويخصهم الملك بالتكريم. فأصبحوا طبقة حاكمة يحتقرون التجار، والمعلمين، ورجال الدين، والطبقات الوسطى عامةوينظرون إليهم نظرتهم إلى طبقات دنيا مستضعفة، وكثيراً ما كانوا يعاملونهم بوقاحة وتفاخر، أو بوحشية وضراوة. ولكنهم دربوا المشاة والمدفعية والفرسان في تشكيلات دقيقة وحركات طيبة لم يعرفها قط أي جيش حديث آخر في أغلب الظن. وشارك الملك ذاته في هذه المناورات العسكرية، وأشرف على تدريب جنوده في تدقيق وحب، فلما ولى فردريك الثاني العرش وجد تحت إمرته قوة الرجال مهيأة للخدع الحربية والغنائم، متجاهلة في لحظة كل دروس السلام التي تعلمها الأمير من الفلسفة. تزوج فريدريش ڤيلهلم ابنة عمه صوفيا دوروثيا من هانوڤر، الشقيقة الصغرى لجورج الثاني في 28 نوفمبر 1706. وقد أنجبا أربعة عشر طفلاً. أعطى فردريك وليم تعليماته لمعلمي ولده.

قال: اغرسوا في ولدي ما يجب من محبة الله وخشيته باعتبارهما الأساس والركن الركين للحكم الزمني والأبدي. فلا تذكروا على مسمعه أبداً أي أديان زائفة أو مذاهب إلحادية، أو أريوسية، أو سوسينية، أو ما شاكل ذلك من أسماء لهذه السموم التي تستطيع إفساد (وقد أصبح فردريك كل هؤلاء). ومن ناحية أخرى يجب أن يعلم ما يجب من استنكار للبابوية وبصر بما تفتقر إليه من أساس وما فيها من سخف (اراد عزل السياسة عن الدين ومن هذا التاريخ بدأت تنتشر العلمانية في اوروبا).






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد