عاشق الدراجات الذي لا يبتسم

mainThumb

30-11-2023 12:37 AM

(welcome Egypt) كانت هذه جملته الغامضة المشهورة.
هو سند طرمان، صديقي الشاعر المقدسي الشاب، تعرّفت إليه في صدفة غريبة، جلس قربي في مقعد باص – رام الله/ القدس – وسألني: "من شعراتك مبيّن كاتب"، ومنذ ذلك المقعد وأنا وسند صديقا القهوة على درجات باب العامود والشاورما في مطعم على زاوية شارع الزهراء في القدس.
المصور المحترف عاشق الطبيعة لا يبتسم، يقود دراجته بسرعة غريبة في طرقات رام الله، يحبّ الشاي وجدته والشعر، وحبيبة غامضة يرفض الإفصاح عن اسمها ومكانها، ويحلم بإصدار ديوان شعر.
(من يأخذ رخصة دراجة فهو يحصل على رخصة موته)، هذه جملة سند المشهورة بين أصحابه، كان يفاجئ أصحابه بزيارات دون موعد، كان يردد دائما وهو مغمض العينين: آه لو تعرفون شعوري وأنا أسرع بالدراجة، ثمة انفصال عن الواقع، يشبه الأمر كتابة نص مغامر.
يقول سند أنه يكتب إيقاع قصائده أثناء قيادته للدراجة في ذهنه أولاً، ثم يفرّغها كلمات وصوراً على ورق في البيت. يرسل لي سند نصوصه، أبدي دهشتي أمامها فيفرح ويرسل لي: شكراً. أستاذ. لكنه لا يبتسم أبداً.
اتُّهم سند بمحاولة دهس ثلاثين جندياً قبل أكثر من سنة، وحُكِم عليه بثلاثين عاماً، وما زال سند يؤكد بأن الموضوع كله كان مجرد حادث سير.
الأمل هو أن يتحرر الحبيب سند طرمان من سجنه قبل الثلاثين عاماً القادمة التي حكم بها. ولكن إن لم يحدث ذلك سيخرج سند بعد ثلاثين عاماً. سيكون عمري في التسعين، وسيكون هو في الخمسين أو الستين، ما يقلقني هو أن لهفة جسدي التسعيني ستكون عاجزة بحكم العمر عن عناق سند بنفس مستوى اللهفة التي أحملها له في قلبي.
في حياتي كلها لم أر أنقى، وأطيب، وأجمل من سند. يغادر فوراً أي صديق يتورط في موقف مصطنع، يحب أن يفاجئ أصحابه بأماكن لا يعرفها أحد.
قلب من حرير وروح من شجاعة وجمال من الشعر، ومن بلاده التي يعشقها.
يا سند هذا وعد مقدس.
سأظل كلما جلست على درجات باب العامود أشتري لي ولك فنجانَي قهوة تماماً كما كنا نفعل في مساءات لقاءاتنا الصدفية الرائعة هناك.
أما رغيف الشاورما الذي عزمتني عليه من محل في تقاطع شارعي الزهراء وصلاح الدين والذي سميته أنا بالخرافي وسببت التسمية ضحكة خرافية لك، فلن يغيب لا طعمه ولا سياقه المقدسي الرهيب.
أتخيّلك يا سند في سجنك الآن بسجائر كثيرة ولكن بلا كاميرا او دراجة تسرع فيها وانت تكتب ايقاع القصيدة في ذهنك. ما زلت تحب جدتك والشعر وتحلم بإصدار ديوان وأجزم أنك ما زلت بلا ابتسامة.
welcome Egypt

 

 

(الأيام الفلسطينية)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد