غزة… بوابة النفوذ الأمريكي نحو شرق أوسط جديد

غزة… بوابة النفوذ الأمريكي نحو شرق أوسط جديد

28-11-2025 10:22 AM

يبدو أن القرار الأممي الأخير المتعلق بإدارة قطاع غزة لم يكن مجرد إجراء مؤقت، بل خطوة مفصلية تعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة، التي اعتادت ممارسة تأثيرها عبر التحالفات والقوة الناعمة، أصبحت اليوم تمتلك موقعًا رسميًا يتيح لها إدارة إحدى أكثر النقاط حساسية في الإقليم.

من دور المراقب إلى موقع الحاكم

شرعنة الوجود الأمريكي في غزة عبر مجلس حكم دولي يمثل تحولًا لافتًا، إذ أعاد صياغة طبيعة التعاطي الدولي مع الملف الفلسطيني. فالمشهد الذي كان يُنظر إليه سابقًا باعتباره صراعًا على الاحتلال، بات اليوم يُقارب من زاوية “مسؤولية إدارة” و”ضبط استقرار” تحت رعاية الأمم المتحدة.

هذا التحول يمنح واشنطن قدرة أكبر على التأثير في البنية السياسية والاجتماعية للقطاع، ويضع حركة المقاومة أمام معادلة جديدة تختلف جذريًا عن المعادلات التي حكمت الصراع خلال العقود الماضية.

إعادة بناء القطاع ضمن نموذج أمريكي الطابع

المعلومات المتداولة تشير إلى تسارع غير مسبوق في عمليات الإعمار، وتقسيم غزة إلى مناطق مدنية تطوّر اقتصادها بسرعة، وأخرى عسكرية تُمثل مركز نفوذ أمريكي ممتد في شرق المتوسط.
ويذهب بعض المحللين إلى أن واشنطن تعمل على إعادة تشكيل القطاع ليصبح “مدينة–نموذج” تستقطب الاستثمار والعمالة، وربما يحصل بعض سكانها على امتيازات جديدة، ضمن رؤية اقتصادية تشبه التجارب الآسيوية الناجحة.

تراجع الأدوار التقليدية وصعود معادلات جديدة

التحولات المتزامنة –من صفقات السلاح مع الخليج، إلى التفاهمات الأميركية-الروسية والحوارات النووية مع إيران– تعكس مشروعًا أوسع يعاد فيه توزيع الأدوار الإقليمية. ويبدو أن مركز الثقل الذي تريده واشنطن لن يكون في العواصم التقليدية، بل في غزة التي تتحول تدريجيًا إلى منصة سياسية وأمنية تدير عبرها ملفات الشرق الأوسط.

هذه الملامح تشير إلى انحسار جزء من الدور الإسرائيلي التاريخي، وفتح المجال أمام نماذج جديدة من الشراكات الإقليمية، خصوصًا مع القوى الخليجية الصاعدة.

نحو هندسة سياسية جديدة للمنطقة

إذا اكتملت خطوات هذا المشروع، فسنكون أمام نموذج يشبه “الإدارة الفيدرالية الإقليمية” التي تصدر قراراتها من مركز واحد وتُنفذ محليًا، بما يمنح الولايات المتحدة سلطة مباشرة على مساحات واسعة من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وبهذا، تصبح غزة ليست فقط ملفًا فلسطينيًا أو ساحة صراع تاريخي، بل مركزًا استراتيجيًا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط برمّته، وفق رؤية أمريكية تتجاوز مرحلة النفوذ التقليدي نحو مرحلة الإدارة المباشرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد