مجالس الأمناء… حجر الأساس في تطوير التعليم

مجالس الأمناء… حجر الأساس في تطوير التعليم

27-11-2025 11:00 PM

في الوقت الذي تتسارع فيه التحولات في قطاع التعليم العالي، أصبحت الجامعات مطالبة بأن تعيد النظر في بنيتها الإدارية وآليات اتخاذ القرار داخلها. فالمنافسة لم تعد محصورة في جودة البرامج الأكاديمية، بل في قدرة الجامعة على بناء نموذج حوكمة متوازن يضمن الجودة، النزاهة، والاستدامة. وهنا يبرز الدور المحوري لمجالس الأمناء بوصفها الجهة العليا المسؤولة عن رسم التوجهات الاستراتيجية وتحصين الجامعات من التحديات التنظيمية والمالية.
مجلس الأمناء ليس موقعاً بروتوكولياً أو إطاراً شكلياً كما يعتقد البعض، بل هو مركز الثقل الحقيقي في الجامعة، والعقل الاستراتيجي الذي يربط بين رسالتها الأكاديمية واحتياجات المجتمع وسوق العمل. ولعل أكثر ما يميز المجالس الفاعلة أنها توفر مساحة حيادية تضمن الشفافية، وتمنح الجامعة استقلالها المهني بعيداً عن أي تأثيرات قد تضرب في جوهر العملية التعليمية.
أدوار حيوية لا يمكن الاستغناء عنها
1. الضمانة الحقيقية للحوكمة الرشيدة
وجود مجلس أمناء قوي ومهني يعزز من مراقبة الأداء، وضبط السياسات، وتقييم القرارات بشكل دوري، بما يحمي الجامعة من التعثر ويضمن سيرها على مسار الاستقرار والنزاهة.
2. استقطاب الموارد وبناء الشراكات
تنوّع الخبرات داخل المجلس يفتح للجامعة أبواباً واسعة في علاقاتها مع المؤسسات، والجهات المانحة، والقطاع الخاص، مما ينعكس مباشرة على تطور برامجها وبنيتها التحتية وخدماتها البحثية.
3. التأكد من جودة المخرجات التعليمية
المجلس هو الجهة التي تتأكد من أن السياسات الأكاديمية ليست مجرد شعارات، بل ترتبط بنتائج قابلة للقياس… وبقدرة الخريجين على الاندماج في سوق العمل بكفاءة.
4. الاستدامة المالية والإدارية
المجالس المهنية توفر رؤية مالية واضحة، وتدعم الاستقلالية، وتضمن أن القرارات الاستثمارية والتشغيلية لا تتأثر بالتغيرات المفاجئة أو الضغوط الخارجية.
إن الجامعات التي تمتلك مجالس أمناء كفؤة وقادرة على اتخاذ القرار، هي الجامعات التي تضمن استمراريتها وريادتها. فوجود هذه المجالس لا يعزز الحوكمة فحسب، بل يساهم في خلق بيئة جامعية ناضجة تُقدّم حلولاً حقيقية لتحديات المجتمع.
وفي ظل المنافسة الإقليمية الشديدة، لم يعد مقبولاً أن تبقى بعض المجالس إطاراً شرفياً أو دوراً تقليدياً محدود الأثر. بل المطلوب اليوم مجالس مبادرة، تمتلك خبرات متنوعة، وتعمل على إطلاق مبادرات تطويرية، ودعم التحول الرقمي، وتعزيز البحث العلمي، وتحسين تجربة الطلبة.
إن قوة الجامعة اليوم لا تقاس بعدد خريجيها أو اتساع مبانيها، بل بقوة مجلس الأمناء الذي يقودها، وبقدرته على توفير البوصلة التي تحفظ الاتجاه وتدفع نحو التميز.
التعليم العالي يحتاج اليوم إلى مجالس أمناء أكثر استقلالية، وأكثر مهنية، وأكثر إدراكاً لدورها الوطني والتنظيمي. فبدون هذه المجالس، ستبقى الجامعات أسيرة ردود الفعل، بينما العالم يتحرك إلى الأمام بخطوات واسعة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد