حابس المجالي .. عذرا يا باشا

mainThumb

24-04-2010 08:18 AM

  حابس المجالي ... عذرا يا باشا


عذرا يا باشا ... قد تاهت منا الأسماء وأصحاب الرايات ... ألوان الوجوه السمراء ، تواريخ الميلاد ، وعناوين الفرسان . عذرا.... إن شاخت ذاكرة الأيام ، واتخمت كتب الوطن ودفاتره وسجلات أراضيه، بأسماء ووجوه أصحاب الأرقام البنكية .



عذرا... يا باشا ان غادر ( جميد ) كرك الأمجاد الطعم ، إن صارت أزهار الزيتون وباء ، وكوفية وصفي شالا وزنار . وعباءة ابن العدوان غافية بأدراج خزائن منسيّة ، والسيف الصارم لابن كنانة يتدلى وسط الديوان ، ذكرى للماضي المنسي . عذرا يا باشا ان شابت بعمان جدائل مرخية ، إن صارت طريق السلط اغنية جوفاء ، لصالات الافراح ... عذرا إن صارت (الفلوس بدل الناموس )* عذرا إن ما عدنا لرائحة البارود عشاقا ، إن ما اصطبغت اكفنا ، بالزيت الطافي على اجساد البنادق.



حابس يا حادي الركب ... ويا رأ س العسكر وفارسهم يوم الروع ... وحين ترتجف الأقدام والأبدان ، من هدير دبابة في عتمة الليل ، وحين تلتصق الهامات بأديم الأرض ، المبللة بعرق الخوف من غارة .



أيها الشامخ بالهامة ، الملفعة بالشماغ الاحمر ، ستبقى ذكراك تهدر فينا كالرعد ، ونرى اليد السمراء المعروقة تجفل الخيل ، وصوتك الهادر فيهم ( لحّد وانا اخو خضره) .حينها تزغرد النشميات من كرك الأمجاد لظهر التل ، ويعود الندى يقبل وجه الارض العطشى للحب ، وينبلج الصبح الفاضح ، ويعود السنونو ، ليبني عشه على قنطرة المضافة ، تعبق فراخه رائحة القهوة الاردنية السمراء ، وترقص فرحا على ( ضبيح النجر ) ، وتدفئ ريشها بـ (شبة) نار من حطب الشوبك ، التف حولها رجال العشيرة ؛ أهل النخوة ، يتلفعون بمعاطف الدرك الخضراء ، توسط ازرارها شعار الجيش العربي ، يتذاكرون ايام الكتيبة الرابعة ، وغارات الخيل وصهيلها بباب الواد ، وشعفاط . ويسرحون خيالاتهم الى هناك ، يتذاكرون الفرسان ودماء الخلان . وآثار حصى اللطرون بأجسادهم و ( ببساطيرهم)



هذا حابس الكتيبة حابس ، وذاك عبدالله التل ، وابو هاني محمود عبيدات ، ومحمود الروسان ، وغيرهم وغيرهم من أباء شرقي النهر . ثم يرددون بصمت ما بقي لحابس من قول ، حين شقق ظمأ (حي المغاربة) شفتيه:


(ما اريد انا هدنةً يا كلوب ... خلَّ البواريد رجَّادّه
بيوم القيظٍ بحرَ الشَوب .... و النار بالجو وقَّادّه
خلهم يحسبوا لنا محسوب وإنَّا على الموت ورَاده
النصرمنالله لنا مكتوب.والخوف ما هو لنا بعاده)



أبدا ما كان لكم الخوف عادة .. أبدا ما كان لكم وحدكم ، أنتم ... الخوف عادة .



عذرا باشا ...: عذرا منكم انتم ... يا من رحلت أحلامي معكم . سنعود ... سنعود مع أول الوسم ... برقا ... رعدا ... زخات سنابل ، سنعود لنغسل خوذات الجند... سنعود لندهن بالزيت الطافي ، على أعقاب بنادقهم أصداغ صبايانا ، سنعود لتبقى مياسمنا ، سمرة مباسمنا ... سنعود لتبقى مواسمنا ، نبع بالعز يرويّ خوابينا ... سنعود لنزرع بثرى مقابركم ازهار السوسن ، لننثر على نصائبها ، حبات شعيرنا (المقري ) . ولنصنع من أزهار الدفلى ، تيجانا وقلائد ، نهديها يوم الميلاد ويوم الذكرى ، سنعود لنسمع من جوف الارض ، موسيقى الوعد معها . مع قرع الطبل الناظم للعسكر .


سنعود ... سنعود قبيل الصبح فانتظروا يا أهلي .

أم خالد

T_obiedat@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد