خطط حكومية .. بشكل آخر

mainThumb

22-05-2012 06:29 PM

حكوماتنا المتعاقبة تفهم شعبها جيدا فلقد خبرته ووعته وفهمته....فهم يعلمون أن الشعب يقسم عامة وخاصة ... فمنهم ذوو الأصول العريقة، ومنهم بسطاء  الناس العاديون. ومنهم المثقفون الواعون الملتصقون بأهل مدنهم وقراهم وأحيائهم مهما كانوا فقراء ومن أصول بسيطة.... ومنهم اللاهون عن هؤلاء الناس المترفعون عليهم..... وبتقسيم ثالث منهم الجاهلون الأميون وأشباه الأميين، ومنهم المتعلمون المنفـصلون عن واقعهم، يظنون علمهم يجعلهم طبقة أعلى من عامة الناس، وينشغلون بأمور لا علاقة لها بحياة الناس اليومية..... ويمكن تقسيمهم إلى فقراء وأغنياء، فالأغنياء ينشغلون بتنمية ثرواتهم أو بما تتيحه لهم من متع الدنيا...... بينما ينشغل الفقراء برغيف الخبز يلهثون وراءه لا يدركوه..... فكيف يا ترى تتعامل الحكومات مع كل طائفة من هؤلاء ؟
 
تدعي الحكومات الشراكة مع الجميع...وتحسب  نفسها مع كل هؤلاء ، تخالطهم  كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، تظهر لهم البشاشة وتصغي إليهم وتحدثهم بما يحبون أن يسمعوا، ويصرح اعلامها دائماً كلاماً عاماً يحتمل معاني كثيرة، يفسره كلٌّ على هواه ينفي ما صح ويظهر الحقائق مقلوبة......
 
تطلق الحكومات  وعوداً كثيرة وكبيرة، فالناس تحب الوعود وتستبشر بها، وسرعان ما ينسونها وينشغلون بوعود جديدة، فإذا سألوا عن أمر أخبرهم الرجالات بأن هذا في المخططات، وأن رئيس الحكومة  مهتم شخصياً بهذا الأمر
 
والحكومات الذكية  تقرب الأغنياء، فهم ركيزة أساسية من ركائز السلطة، لكنها لا تخضع لهم.... ترخي لهم الحبل بشرط أن يتذكروا دائماً أن طرف الحبل في اليد، وأنها تـسـتطيع في أي لحـظة أن تـشـد الحبل فـتخـنـق من يـظن أن نـفـوذه وماله يحميانه....
 
وتدع أهل السلطة  يقيمون شراكة مع أهل المال فيغتنون، فهم بهذا يصيرون أحرص على بقاء الاوضاع قائمة ضياعا وفسادا وتأخرا، لأنهم يؤمنون بأن بقاءهم من بقائها، وأن أي ضعف يعتري  سيعني خسارة امتيازاتهم كلها... إن الإنسان طماع بطبعه، ويبحث دائماً عن الكسب مشروعاً كان أم غير مشروع، أما الشعارات البراقة وبهرجة الكلام وزخرفته والخطب الطويلة المتشابكة المعاني والأفكار فتفيد في التأثير على البسطاء، لتترك لديهم انطباعاً بالتميز .....
 
أما العامة فلا تجعلهم الحكومات يحققون الاكتفاء، ويجب أن يظلوا منشغلين باحتياجاتهم اليومية، لأنهم إذا اكتفوا ولم يعد الرغيف يشغلهم، انصرفوا إلى السياسة، وهذا هو الخطر الأكبر، إذ سيبدأون التساؤل والحوار وتبادل الآراء، وسيبحثون عن فن وأدب وثقافة مختلفة، وقد يصلون إلى تنظيم أنفسهم، وسيتكون فهم مشترك ورأي عام متماسك، وفي هذا أشد الخطر على الفساد وأهله...لذلك تبادر الحكومة برفع سلع او التلميح بذلك لينصرف الشعب مجددا للقمة الخبز . 
 
ولا بد من تقديم كبش فداء بين حين وآخر ليترسخ الاعتقاد بأن العين  ساهرة وأن  اليد الباطشة تصل إلى كل إنسان، وقد يكون مفيداً أن يكون بعض كِباش الفداء من المقربين ومن ذوي المناصب الرفيعة، فهذا يقنع الناس بأنه لا يرحم المخطئون مهما علت مراتبهم ويُعلن عن إجراء تحقيق في الأمر وتداول وأخذ ورد، ثم ينسى الجميع الموضوع... وتتكرر السياسة الحكومية وان اختلفت قليلا في الوجوه....صدقوني نحن بحاجة لسياسات حكومية جديدة وليس لاشكال جديدة....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد