أوبئة اجتماعيّة

mainThumb

15-08-2012 12:29 PM

قد يرتاب ذوو المعارف والأصول ويراوِح أولو الألباب والعقول الشّكَّ فيما ينسابُ النّظرُ إليه من إطراءاتٍ ذوقيةٍ مُصْطنعةٍ وإبداعاتٍ كِتابيّةٍ مُنمّقةٍ عبرَ مُدوّناتِ شَبكاتِ التّواصل الاجتماعيّ، فَتراكَ واجداً الواحد منهم يكتبُ حرفاً ويسرقُ جملةً غير مُستحٍ من صنيعهِ اللافكريّ أو اللامنهجيّ في الدّخول والخروجِ أينما حلّ وارتحل سارقاً ما شاءَ وخدمَهُ تارةً وتاركاً ما لم يخدمهُ تارةً أخرى لغيرهِ الزميل السّارق، غير أنّنا لا نأخذُ بالحسبانِ ما سبق قدر توجيه أنظارِنا إلى ريائهم ونفاقِهم أجْلَ رواج الاسمِ الّذي يحمِلوهُ كَإشارةٍ مرئيّةٍ دَلَّلوا فيها على أنفسهم غير آبهينَ بِما أسْتَكنَّ في أفئدتهم، ولم يأخذوا بالحسبان أنّ اللهَ من وراءِ القصدِ في كلِّ الأمورِ، فقد أحسنَ الغَزالي –رَحِمَهُ اللهُ- القولَ: إِنّ اللهَ يقبلُ نصفَ الجهدِ في سبيلهِ ولكنّهُ لا يقبلُ نصفَ النيّةِ، إِمّا أنْ يخلصَ القلبُ كلّهُ لهُ وَإِمّا أنْ يرفضهُ كلّهُ.
 
وليس خفيّاً علينا يا أبناء يعرب أنّنا أصبحنا نتسابقُ في مضمارِ الشُّهْرةِ والرياءِ بل مُزاحمة الشّهوةِ لا اشتهاء الخُلق وَطيب المقامِ، وَصرنا نتوهم الحقيقة ونُطاردُ الخيبات ونرتوي من كأس الوسوسة ونرضخَ للملذات، وحقاً أعجبُ كثيراً من أولئك القياصرة الّذين ارتَضوا لأنفسهم أن يكونوا هَياكل خُلُقيّة فَيضعفوا عِنْدَ السّقم وَيتحلّلوا عند الفاحشة ليبيتوا في حُجَرٍ هَشّة الأعمدةِ مُلبِسينَ أنفسهم حُلّة زائفة مُرهقينَ إيّانا بألقابهم الدنيويّة العتّة مُثقلينَ مَنْ حولهم بفكرِهم المُنافِق وَهَمْهَمتِهم المُحْتالة.
 
دعونا نُشفِق على أنفسنا قليلاً، فَكُلّنا خُلِقْنا للإِبداعِ لا للضّياعِ، وَالأمل فينا وفيكم مرجوٌّ، فَلا نرضى لأخلاقِنا أن تشيخَ إلى التّهلكة أو تتجرّع من ينبوع الثّرثرة البليدة، ولنَتلطّف بأرواحنا ولا نُعكّر صفوَ أفئدتنا، ونطرب لِمكارم الأخلاقِ وَننفُر من أبجديّة الغرباء، ونرقى بالمروءَة ونتنفّسَ العبق النّقيّ ونستشعر اللّذة الذّكية فَيطيبُ المَقام وتبسُم الأيام وتُرفعُ الأعلام ويهتفُ حُماةُ الدين والإيمان: إلى الأمام.. إلى الأمام.
 
لم أجد كلاما أواسي به نفسي لِما استَلذّه الغرب إبانَ مقولتهم اللّعينة: العربُ باعوا ضَمائرهم، واسترخصوا دينَهُم، وَعَتقوا أخلاقهم حتّى أدمنوا أبجديّة غيرهم، فَهَلمّوا سدنةَ الحقّ لِنُعْلِنَ ثورةَ الأخلاقِ فتمام مَكارمها امتثالاً لنبيّنا –عليه السّلام-، وندفنَ أحلام الطّغاةِ والزّنادقة ونُخْرِس أصوات الحمقى والشياطين الفاجرة الّذينَ فاهوا باللّعنات ومهّدوا الطّرقات وأشعلوا الانتكاسات بِطَوْقِ الأناثي والبنات.
 
وأخيراً أرجوكم أثقال الأمّة ترفّقوا بِنا وبكم وأنيروا ضمائركم وأدّبوا مُعتقداتكم، ولا تُثْقِلوا كاهِلنا وكاهلكم وأزهروا بأخلاقكم وسلوكات أبنائكم، فالريح القوية إذا ما صفعت عموداً هزيلاً كفلت بذبذبته بل وإسقاطِ بيته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد