ما دعاني لكتابة هذا المقال جملة من المواقف والمشاهدات عن كثب، المآسي التي سطّرت بفعل سياسات داخلية للوطن الأردن.
في الشأن الداخلي الأردني، فلا زالت السياسات ذاتها تتكرر بدون فعل جاد لمواجهة الخلل المتكرر في إصلاح السياسات المتوالية في بنية الدولة العامّة، ولا زالت الآمال دون المطلوب لمواجهة الخلل الذي يمارس في مستشفياتنا ومؤسساتنا قائم وهو عدم وجود رقابة على أموال المستشفيات الحكومية مثل مستشفى الملك المؤسس والجامعة الأردنية والمؤسسات الأخرى، ولا زلنا ننتظر فعل جاد من قبل النظام لمواجهة هذا الخلل غير المبرر والذي يشعرنا بعدم وجود أي نية للإصلاح على كل الصعد، بالرغم من أن النظام السوري قدّم على أرض الواقع جملة من الإصلاحات وهي ملموسة بعكس النظام الأردني فإنّه لم يقدّم إلا المزيد من الفقر المبرمج والخلل العام في كل مفاصل الدولة، ولا زالت الخدمات المقدّمة للمواطن دون الحد الأدنى من المطلوب، فوزارة الصحة مثلاً ومستشفيات الجيش فيها الكثير من الأخطاء ولا زالت بحالة تراجع مستمر، فنحن اقتربنا من الصومال كثيراً، في سيطرة النخب الفاسدة على المال العام وما يدخل الموازنة كل يوم دون علم المواطن الأردني بشرعية التصرف به، وهذا مؤشر خطير على الاقتراب من المحظور؟
في مستشفى أيدون مصائب دون حلول وفي المدينة الطبيّة أيضاً، ولا زال المواطن بحال الانهيار --فلا خدمات بمستوى ما ينعم به الملك وحاشيته، ولا دواء كالذي يتناوله الفاسد-- فالدواء الفاسد يعطى للشعب، والدواء المميز يعطى للقذر والذي يسرق كل يوم المال العام من جيوب الشعب أمام مرأى الجميع للأسف؟
وفي مجال الخدمات ووزارة البلديات والمياه وهي بتاريخها الأسوأ منذ ثلاثين عاماً -فلا توزيع حقيقي للمياه في الأردن ولا خدمات من قبل وزارة البلديات سوى أن الوزير يتكلم من رأس أنفه، فعندما يراجعه موظف من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى الثالثة من بعد الظهر ويجلس ما يعادل دقيقتين في المكتب (هذا البطل المفوض بأمر العامّة)، ثم يطلب منه المواطن أن يتكلّم معه، فلا يجد سوى الفضاضة وغير اللائق من الكلام --فنحن لسنا بحاجة لمرضى نفسيين يعانون المرض في بيوتهم ويعكسونه سلوكاً على المواطنين--فهذا خلل دائم فلا من عمل جاد للإصلاح، والمقام عندي لا يحتمل الكثير من سرد القصص التي لم تعالج ، والتشوهات التي أرسى قواعدها ثلة من عصابة الرأسمال الفاسدين والمرضى، ليكون الثمن هو المواطن والوطن..
أيضاً ما يلفت نظري سيارات الجيش التي يركبها الأبطال الذين أعادوا فلسطين بالقوّة؟! فهل من مبرر لركوب شخص عسكري بسيارة يتعدّى مصروفها اليومي المائة دينار ومحركها يتجاوز 2500 سي سي والعلم يرفرف خفاقاً في سماء الشوارع----؟
الشعب الأردني بعد استطلاع دائم، لا يريد ثورات ولا إسقاط نظام --بل يريد إصلاح النظام وإصلاح الوطن، وعودة المال العام إلى مكانة ليصبح الجميع بمستوى واحد من الخدمات والعيش، وأن محاكمة الفاسدين وما ذكرناهم سابقاً ضرورة قادمة وسيصفّى معهم الحساب آجلاً أم عاجلاً، وهذا ما سمعته من الكثير، فلا يأمنوا يومهم لأنهم مطاردون بكل مكان --فليعلموا أن الجيش يطاردهم والشعب لان ما سرقوه هو مال’ العسكر والشعب وكل المكون الأردني، فمعادلة القديم لا يمكن أن تعود لهم، وهم ساقطون فاسدون بعرف كل المفاهيم، وللحديث بقيّة عن الخلل العام في الدولة وسيلحق بالحديث القادم عن وزارة التربية والتعليم، وترهلها الدائم والدؤوب.