وضع عربي مؤلم ، تحيط’ به التكتلات غير المبررة ؛ فتارةً تستقوي عليه قوى الفساد بكل تشكّلاتها وأخرى قوى ضعيفة في البنى الثقافية والوطنية - فقط هي مجرّد استعراض ومنافع بلا أطر ، وتدّعي الدفاع عن الوطن ومكونه --هي حالات تمَّ الكشف عن جوهرها الحقيقي المؤلم للوضع العربي الراهن ، والضبابي من قادم الأيام ...
ثورات متتالية بلا برامج ، وقوى ضعيفة تستحوذ بتصوراتها في أنها ستعيد البوصلة لحكم الشعوب بدلاً من حكم الفرد الأوحد وعصابته ، فكانت النتيجة بأن توحّد الوطن بلا مسعف ، واستطاعت قوى الاحتلال بأدواتها في المنطقة من إعادة بناء قالب عربي يقوم على إقصاء بني جنسه دون معرفة - فما يحدث في مصر ليس سوءً في سياسة الإخوان المسلمين فحسب ؛ بل في أنَّ المكون العربي يرفض التعامل بأبجديات حياته بأن يكون الدين عامل موّحد بين ما يأمل وما يرفض -فمجتمع بنيت ثقافته على تشرذم ولهو وعبودية وفسيفساء من المتناقضات المرغوبة ؛ فبالتأكيد من الصعب عليه أن يقبل بتحوّل تدريجي إن كانت سياسة الإخوان كذلك دون مرجعية خارجية للحفاظ عليه من لعنات ما يدعو لتفكك قيمه شيئاً فشيئاً بلا معرفة ومن دون إدراك ...
قوالب من الاحداث تسعى برمتها للمزيد من تفكك القيم العربية المعروفة لدينا في داخل سياق ونطاق واسع من عولمة كل الفلسفات ، والتي تقوم على إبعاد المواطن العربي عن قضاياه المحورية والمصيرية والتي تتمثل بمحتل عدو كنافذة رئيسية للخروج من أكثر العقد والمصائب القائمة عليها أكثر سياسات المنطقة البروقراطية اللصوصية ،وعامل آخر مهم وهو ثقافة جيل متكامل في السعي لإبقائه خارج معادلة التغيير لكل معادلات البناء والنماء بأطر خارجة عن قانون الحقوق العامّة واحترام كيان البشر ...
في مصر ثقافات متعددة ، فما يعنى بتفرقة المكون على أساس مذهبي وطائفي موجود بدعم صهيو قطري وفلول نظام سقط سابقاً بعامل التقادم والفساد ، وأمريكي ثابت متحول ، وما يسعى لإضعاف المؤسسة الأمنية والعسكرية فهو من طرف خارجي تحديداً ممثلاً بالقوى الغربية الموصولة تاريخياً بسفارتها الدائمة في إسرائيل العدو الجاثم على مكوننا ككل ، وسبر من قوى الانظمة في الاردن وسوريا لتفتيت وحدة الشعب المصري على أساس ديني فقط ، فقوى الرجعية التي ناضلنا من أجل الخلاص منها كمبدأ - اكتشفنا بعد وقت أن كل هذه القوى ليست إلا ورقة رابحة بلا مبدأ ومعرفة تسعى لبسط الليبرالية والامبريالية من جديد على شعوب المنطقة بقالب وسياسة أخرى - بمعنى أن لا يوجد في الاردن وغيرها معارضة بالمعنى الحقيقي ، فهي عصابات ممتدة لعصابات أخرى ناظمة للعمل الفدائي ضد ما يسمّى شعوب تهوى التحرر والتبعية والرجعية على أيدي متغطرسين فقط بما يسمّى النضال من أجل شعوبها ؟!
تونس بعد الثورة مسلسل من الاغتيالات الوطنية ، وفساد من فساد مخلوع سابقاً بكل مكونها البشري ؛ قائم على ضرب ثقافة المجتمع التونسي على أساس إثني مذهبي وطائفي ، وفي العراق بالمثل ، وفي سوريا - غباء من طرفين والرابح هو المحتل ، وفي الاردن فسيفساء من العقد فيما يسمّى بتيارات سياسية مناهضة لحكم الفرد ومسلسل من الفساد في كل شيء تعدّى الستين عاماً دون وجود معارضة على أرض الواقع باستثناء من نعتوا أنفسهم بالإخوان المسلمين -ويقوم نهجهم على أساس إقليمي دون النظر لواقع عربي يزيدنا من تشوهاته العامّة المزيد من الضبابية والعقد والقهر والجوع وويلات نحن بداخلها دون مبرر كان !
يكفي تملّقاً من قوى الرجعية في الدول العربية ، والاغبياء في السياسة وبلاد النفط المحترق وعلى رأسهم رعاع قطر وسفيهات سيداو الماجنات في التدخّل بالشأن المصري على أساس عمالة وأداة ضرب للأشقاء فيما بينهم ؟! فمصر دولة عربية قائمة ، ونظامها الحالي شرعي بامتياز حتى لو تفقّه بشأنه السفهاء في السياسة ، ولو تكالبت كل قوى النضال الكاذب في حماية مصر - أو كما يتفلسفون _ فالدين الاسلامي دين يحترم كل البشر ويحتويهم ، وكل الفلسفات الأخرى الصادرة عن قوى الشر ضد العرب ونعرفها شيوعية فاشية - ونازية مقززة ، وبعث بلا فكر وعمل ورأسمال يستعبد الآدمية ويفقرها - ما هي إلا فلسفات لحالة من الهلاك مارسها معسكر الكفر على أنفسهم وأجهضوها - لكنها لوحة من الفضول تعاملت بها شخصيات عربية على أنها رقي بقالب كاذب بلا إنسان يحترم ويحاور الآخر بأدب الفكرة بعيداً عن التفاهات البراغماتية ، فمعادلة المكون العربي تخلو من القانون والانسان الواعي الحر ، ليبنى الوطن على شكل نعتز به ، ونقاتل بالغالي والنفيس من أجل بقاءه ...