نصائح لمؤسسي الأحزاب و للمتحزّبين بعد الثورة
في السابق كان "الطرح" السياسي و الفعل السياسي يرتكز على التملّق و النفاق و التزلّف و "التلحيس" و لكن في المستقبل الأداء السياسي لا بد أن يعتمد عل العمل و الجد و الإخلاص و الصدق و تقديم الإضافة و البرامج و المقترحات العملية و الهادفة من أجل تحقيق التنمية و الازدهار و الأمن و الاستقرار.
و قد كان "التكمبين" و الطعن في الظهر في السابق هو الأساس في العمل السياسي، إن كان في صلب الحزب الحاكم أو في أحزاب المعارضة، و لكن حزب التجمع كان يتحمل تلك النزاعات و التناحر فقد كان الحزب الممسك بالسلطة و الحكم فهو حزب الحكم الواحد و الفرد الواحد، و قد كان بن علي يسيطر على كل مفاصل الحياة السياسية في البلاد حكما و معارضة، و كان التجمّعيون ليس لهم خيارا إلا البقاء في الحزب، فلم يكن من السهل على الغاضبين منهم اتخاذ قرار مغادرة الحزب و الالتحاق بأحزاب المعارضة، فقد كانوا مجبرين على البقاء في الحزب و قد كان تسلّط بن على يشدّهم و يمنعهم من الانشقاق و مغادرة الحزب، و كان الحزب يصمد أمام كل النزاعات و التناحر الداخلي لأنّه كان يعتمد على كل مقدّرات الدولة و يستغل أموال المجموعة الوطنية و كان يجبر رجال الأعمال و المؤسسات الحكومية و الخاصة على تقديم الدعم المالي و المادي بجميع أشكاله.
و قد كان جماعة التجمع تجمعهم السلطة و الحكم و رغم ذالك كانوا "يهبّطوا بعضهم ريش" في كل مناسبة انتخابية إن كان في القاعدة أو القمّة، و لكن رغم احتداد الصراعات و النزاعات كان الحزب يصمد فقد كانت كل مقدرات الدولة على ذمته و قد كان جبروت بن علي يشدّهم و لكن رغم كل هذا انهار الحزب و النظام يوم 14 جانفي 2011، و اليوم الأحزاب الجديدة لا عندها مقدرات دولة و لا دكتاتورية بن علي، و قد توفّرت الكثير من الأحزاب على الساحة السياسية و يمكن للمواطن أن يختار، و على كل من أسّس حزب أو يشرف على قيادة و تسيير حزب أن يعمل على المحافظة على كلّ من يلتحق بحزبه و عليه أن يوفّر الظروف و الأجواء الملائم التي تشجّع الملتحقون الجدد بالحزب على البقاء و عدم المغادرة بل على كل من هم في قيادة الأحزاب حديثة التكوين أن يجتهدوا من أجل المزيد من التعبئة و الاستقطاب و يتجنبوا تنفير المواطنين و بالتالي يضعفون القاعدة الشعبيّة لأحزابهم و يتسبّبون في مغادرة و خروج المناضلين منها و يدفعونهم إلى التحول إلى أحزاب أخرى أو العودة للسلبية و العزوف السياسي و الجلوس فوق الربوة من جديد.
و من أجل ضمان النجاح و الإشعاع لأي حزب من الأحزاب الحديثة التكوين و التأسيس فالمطلوب بل من الواجب التركيز على العمل الميداني لتحقيق المزيد من الاستقطاب و التعبئة و يجب توخي اللامركزية في العمل السياسي، كما أنّه على كل من له خلفية إيديولوجية بل مفروض على كل من له خلفية إيديولوجية أن يتركها لنفسه و لا يحاول نشرها و الدعاية لها داخل الأحزاب الغير عقائدية و الغير متأدلجة و خاصة منها الأحزاب الوسطية و اللبرالية الاجتماعية، فلا حاجة لنا للمزيد من صداع الرؤوس بالخطابات الإيديولوجية التي لا تسمن و لا تغني من جوع و التي فشلت عند واضعيها و أفلست في أوطانها، و لا حاجة لنا في تونس لتضييع المزيد من الوقت في إعادة تجريب المجرّب و كما يقول المثل "اللّي يجرّب المجرب عقله مخرّب" و لا حاجة لنا في المزيد من صراعات الديكة التي لن تزيدنا إلا دمارا و فوضى و بالتالي فقرا و تهميشا.
إنّ تونس و شعبها اليوم في أشدّ الحاجة لأحزاب وسطيّة لبرالية اجتماعية تعمل على خلق الثروة و توزيعها توزيعا عادلا، كما أنّ على الأحزاب أن تعمل على الارتقاء بالسلوك الحضاري و البيئي و تعمل على الرفع من المستوى الأخلاقي عند التونسي، فأزمتنا أزمت أخلاق و سلوكيات و عقليات و كما قال الله في محكم تنزيله "بسم الله الرحمان الرحيم: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" و لن تتمكّن الكثير من الأحزاب حديثة التكوين من النجاح ما لم تكن للتونسيين و عليها أن تعد برامج تستجيب لتطلّعات التونسيين و أن تكون من التونسيين و للتونسيين و أن تخدم كل التونسيين من كلّ الجهات و الفئات و الطبقات.
و أذكّركم بمقولة بن علي "غلّطوني"، أتدرون من كان يقصد و على من كان يتكلّم؟ لقد قال غلّطوني عن المتطرّفين من التجمعيين و العلمانيين و اليساريين الذين يعتقدون أنّهم يمتلكون كل الحقيقة و يقصون الآخر و يهمشون بل يسحقون كل رأي مخالف لهم لا ينسجم مع طرحهم و مشاريعهم و هم اليوم بعد الثورة يواصلون نفس الممارسات، و لهذا على الأحزاب الجديدة أن تحمي نفسها من هاته الأصناف من المتطرّفين الذين يواصلون في تغليط الشعب و السياسيين، فلا مجال لهذا النوع من المتطرفين في هاته الأحزاب بل يجب على المشرفين على الأحزاب الوسطية و اللبرالية الاجتماعية أن يحموا أحزابهم من هذا الصنف من الأشخاص، و عليهم أن يعملوا من أجل أن تكون أحزابهم لكلّ التونسيين و أن تبقى الأحزاب دائما لكافة التونسيين ليمكّنوا السواد الأعظم من التونسيين من أن يجدوا أنفسهم في هاته الأحزاب الحديثة التأسيس و التي هي في طور البناء و بناؤها يتطلّب المزيد من التوافق و الانسجام و التلاحم و العمل الجاد، فقد دمّر التناحر و الصراعات أحزابا كبيرة مثل حزب الدساترة و التجمعيين و حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، فكيف ستبنى أحزابا جديدة و المنخرطين فيها و في أغلب الأحيان من أسسها بدؤوا بالتناحر و النزاعات.
نريد أحزابا تجمع و لا تفرق و تخدم كل التونسيين دون تمييز و ليكتب لها النجاح عليها أن تعبر على طموحات أكبر شريحة من التونسيين و تستجيب لتطلعاتهم، و للتأكيد مجددا أنبه و أقول على كل من له خلفية إيديولوجية أن يحتفظ بها لنفسه ولا يحاول الترويج لها داخل الأحزاب الجديدة، فقد انتهى عهد الدمغجة الإيديولوجية، بل إن هذا الزمن زمن العمل و الإنجازات من أجل التنمية و هاته المرحلة مرحلة تقديم البرامج و الحلول للمشاكل التي يتخبط فيها الشعب و العمل و الاجتهاد من أجل إحداث مواطن شغل للشباب الذي سئم انتظار الوعود الواهية.
و أخيرا أقول إن الأحزاب جعلت لتخدم الشعوب و الأوطان و ليس لخدمة و تأليه الأشخاص كما عهدنا من قبل، أما الفعل و الأداء السياسي للكثير من السياسيين إن لم نقل أغلب السياسيين فهو عمل مفسد و مدمر للمكتسبات و الإنجازات بينما في الحقيقة العمل السياسي الغاية منه الإصلاح و تحقيق الفائدة للشعب و الوطن، و لكن يلاحظ أن الكثير من السياسيين لهم ولاء لأحزابهم أكثر بكثير من ولائهم لوطنهم فتجدهم يستغلون اندفاع الشباب من أجل التحريض على الفوضى و التدمير عوضا عن تأطيرهم و توعيتهم و ترشيدهم و لعلم الجميع إن ما تعنيه كلمة "السياسة" في اللهجة التونسية هو اللطف و حسن المعاملة و لكنّنا نرى العكس في الأداء و الفعل السياسي للكثير منهم، فلا تحوّلوها إلى العنف و التصادم و الصراع و التناحر.
نائب سابق و كاتب و محلل سياسي تونسي
romdhane.taoufik@yahoo.fr
الصحة العالمية: ليس هناك خطأ في إحصاءات شهداء غزة
صدور العدد 24 من مجلة صوت الجيل
الملك يستهل زيارته إلى الزرقاء بزيارة مصنع "المعيارية للصناعات الخرسانية"
الأمن العام يطلق مبادرة صيف آمن 2024
التنمية تطلق دراسة الهوية الاقتصادية للمرأة في المحافظات
45 مخالفة .. منذُ تحديد السقوف السعرية للدجاج والرقابة مستمرّة
أورنج الأردن تنظم تدريبًا لمسابقة السومو روبوت
تفكيك خليّة إرهابيّة موالية لداعش بالمغرب
أمانة عمّان: غرامة المسقفات والمعارف مشمولة بالعفو العام
قطر: لا وضوح إسرائيلي حول إنهاء الحرب .. والمفاوضات في حالة جمود
مكاتب الاستقدام تعقد ورشة للتوعية من جرائم الاتجار بالبشر
افتتاح فعاليات المنتدى العلمي الثاني لصيدلة عمان الأهلية
الشؤون الفلسطينية تطلق مسابقة الهوية البصري
توضيح حول رفع أسعار البطاقات الخلوية
أسماء .. مئات المدعوين لإجراء مقابلات لوظيفة معلم
الأردن:3 آلاف و253 قضية إتاوات وقصّة أخطر 3 بلطجية .. تفاصيل
الضمان:تقسيط الرسوم الجامعية لأبناء المتقاعدين
النائب ينال فريحات يعقّب على إغلاق قناة اليرموك .. فيديو
وقف ضخ المياه عن هذه المناطق لمدة 48 ساعة
طالبة أردنية تفوز بجائزة أطروحة خريجي جامعة بريدج ووتر الأميركية
قرارات مجلس الوزراء .. ترفيع بلعما ومؤاب إلى لواءين والوريكات إلى التَّقاعد
شاهد لحظة اغتيال رجل أعمال إسرائيلي في الإسكندرية .. فيديو
بوابات إلكترونية بالمطارات والمنافذ الحدودية في الأردن
هيئة الاتصالات:لا نستطيع حظر الـ vpn لسبب .. تفاصيل