معالي الوزير : لقد حاولت ولك الأجر .. ‎

mainThumb

04-01-2014 11:17 AM

  ونحن نرقب ونراقب هذا الإنفلات الكبير في قاعات الثانوية العامة ، ثم نقرأ كثيرا” من التقارير الاعلامية والتي تؤكد ممارسة طلابنا للغش العلني والجهاري أمام أعين الجميع وبتشجيع„ متواصل من أولياء أمورهم المحتشدين أمام المدارس نتذكر عبارة :  ( المدارس بازت يا قدعان ، وفين التعليم أيام زمان ؟!!! ) وهي العبارة التي قالها الممثل عادل امام في إحدى مسرحياته قبل ثلاثين سنة ...

في تلك الفترة كانت مدارسنا الأردنية في أجمل حللها وفي قمة انضباطها ، في ذلك الوقت كان التعليم الأردني في الأوج وفي المقدمة ؛ لذاك فقد اكتفينا بإطلاق الضحكات على هذه العبارة وعلى المهزلة التعلبمية التي جسدها عادل امام ورفاقه في تلك المسرحية ،

ولكن الأبام النحس قد دارت على هذا البلد بسرعة ؛ ومنذ ما يزيد على ثمان سنوات ونحن نرى هذه المسرحية التعليمية والهزلية التي شاهدنا قديما” وهي تجري أمامنا : في مدارسنا وفي امتحاناتنا الثانوية العامة .

وبعد أن ضحكنا كثيرا” على تلك المسرحية الهزلية الفديمة ؛ ها نحن اليوم نتحسر ونتألم ونبكي دما” خالصا” على واقعنا التعليمي المدرسي السيء ، وعلى هذه المسرحية والمهزلة التعليمية الجارية في الامتحانات التوجيهية العامة ، وااتي ذهبت بهيبة التعليم الأردني وسمعته وقد تذهب بهيبة الأمن الأردني وسمعته وقد  تذهب بكل شيء  له قيمة في هذا البلد .

عندما رأيت الأهالي المتجمهرين حول المدارس الاردنية لمحاولة تغشيش أبنائهم ودون أي خجل أو وجل ، وعندما رأيت ردة فعل طلاب الثانوية وأولياء أمورهم ومحاولتهم اغلاق للطرقات والاعتداء على كل من وقف أمام حقهم المفترض في ممارسة الغش والعبث ، وهو الحق الذي اكتسبوه بعد صمت وسكوت الجميع لفترة طويلة وبعد مباركة زمؤازرة من الأهل الجاهلين  ، دوما” وفي تلك اللحظات ؛ تذكرت قوم لوط„ وفعلهم القبيح الذي مارسوه بشكل علني وبوقاحة كبيرة جعلتهم يهرولون لطلب فعل هذه الفاحشة مع ضيوف سيدنا لوط„ من الملائكة عليهم السلام وهم : جبريل وميكائيل واسرافيل !!! فحل على هؤلاء العميان غضب شديد من الرحمن فقلب كل قراهم ، ثم تركهم يغوصون ويتجلجلون في باطن الأرض إلى يوم يبعثون ...

قال تعالى : ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )  فوجود محاولات صادقة ومخلصة للإصلاح ووجود المصلحون الصادقون  : هو سر وقاية المجتمعات الدنيوية من غضب ربها ، لإن الله سيرحم هذه المجتمعات رحمة باولئك المصلحون الصادقون والمخلصون وتقديرا” لهم .

اعتقد بأن التوجيهي الأردني لن يصلح حتى يصلح التعليم المدرسي بالكامل ، ولكن التعليم المدرسي لن يصلح حتى تفعل القواتين الضابطة وتصلح الأسر ويصلح المجتمع ، ولكن الأسر والمجتمع لن تصلحان حتى يتم اصلاح الإعلام الاردني وحتي يتم تفعيل القوانين المنظمة لحياة الناس دون أي تجاوزات وبمنتهى العدل  ، وهذا الشيء سيحتاج لوجود النواب الصادقون والمسئولين والوزراء المخلصن مع أنفسهم ومع ربهم  ...

إذن فهي سلسلة متكاملة وطويلة„ من الحلقات المتشابكة والمتداخلة ولا يمكننا الفصل بينها أبدا” ، صحيح بأن الإصلاح يجب أن يبدأ من  الأسرة ومن المدرسة ولكن لا يمكن تحقيق ذلك في ظل  اعلامنا الفاسد وفي ظل تفشى الفساد في كل مجتمعنا وبين نوابنا ومسئولينا ...

لو كنت صاحب قرار في الدولة الاردنية لبادرت لحجب المواقع الإباحية على الفور ، وهي التي دمرت أخلاق شبابنا وشجعت الجريمة والانحراف والشذوذ بينهم وكانت سببا” رئيسيا” لكثير من جرائم الاغتصاب والقتل والشذوذ الجنسي في مجتمعنا الاردني .

المتابعون للوضع التعليمي في هذا البلد يعلمون بأن ظاهرة الغش وبهذا الشكل العلني الفاضح والواضح ، قد ابتدأت مع بداية القرن الحالي ، وبالتحديد مع بداية انتشار الجامعات التجارية الخاصة ومع انظلاقة التعليم الموازي في جامعاتنا ، أي مع بداية تحول التعليم الاردني لتجارة ربحية ـ وبزنس ـ  ؛ فاصبح كل الطلاب الاردنيين : كسولهم ونشيطهم وخلوقهم وأزعرهم وصالحهم وطالحهم يفكرون في اسلوب وطريقة معينة بمكن أن تقذف بهم لتلك الجامعات ومهما كانت هذه الطريقة  : الغش ، التزوير ، دفع الرشاوى ، العضلات ، التهديد ، الاجرام ... إلخ ، فلسان حال هؤلاء الطلاب يقول : ما دامت الأقساط الجامعية متوفرة في جيوب آبائنا فإن أمر الجامعات سبكون يسيرا” علبنا ولكننا اليوم نحتاج لقفزة عن عقبة التوجيهي اللعينة !!! .

لو كنت صاحب قرار في هذا البلد لأوقفت ما يسمى بالتعليم الموازي المعد للأثرياء والأغنياء ، ولحولت غالبية الجامعات الخاصة لمراكز حرفية ومهنية لتعلبم أبنائنا كثير من المهن والحرف اليدوية والتي يحتاجها الوطن والمواطن ، وكلنا يعلم بأن الكثير من المهن ومن الحرف باتت اليوم في أيدي اخواننا المصريبن والسوريين والعراقيين وغيرهم ، وكم من مواطن اردني كان قد وقع ضحية لمن يدعون خبرتهم ومعرفتهم بصيانة : الهواتف والالكترونيات والحواسيب والسيارات وغيرها ، ولكن النتجة كانت خراب هذه الاجهزة وخسارة المواطن لكل ما دفعه من أجور  ...

لو كنت صاحب قرار„ لجعلت الرسوب في مدارسنا مفتوحا” ودون قيود ، ولكن شرط أن يدفع الطالب الراسب أقساطا” شهرية للمدرسة ستدفع ولي أمره للأهتمام بسلوك ابنه وبتحصيليه في المدرسة  ...

لو كنت صاحب قرار لاتخذت قرارا باعداد الطالب وبتوجيههم للدراسات المختلفة : جامعية ، مهنية ، حرفية ، رياضبة ، فنية ، ...إلخ  ولكن في مرحلة مبكرة جدا” من أعمارهم وحسب مقدرتهم واستطاعتهم ، وليس حسب تحصيلهم التعليمي في التوجيهي وهو المشكوك في صدقه وأمره  ، فالكثير من طلابنا قد أجبروا بمعدلاتهم المتدنية على دراسة الشريعة الاسلامية وهم أبعد ما يكونون عنها !!! فهل تتوقعون من أمثال هؤلاء غير تشويه دبن الله وتدمير عقيدة المجتمع ؟ ، كما أن كثير من طلابنا قد انقلب على كل رغباته بعد عتبة التوجبهي ، وعاكس كل قدراته وقرر لملمة أقساطه المطلوبة والالتحاق بدراسة الطب ، ليس شغفا في دراسته وليس رغبة” في مساعدة الأخرين وفي شفاء المرضى ، ولكن طمعا” بما ستجلبه هذه المهنة في المستقبل القريب من أموال„ طائلة  ؛ فماذا تتوقعون من أمثال هؤلاء الأطباء غير قتل الناس وتشليح  الناس  ؟

أقول لمعالي وزير التربية والتعليم  : إن جهودك لضبط امتحانات التوجيهي لن تفلح ضمن هذا الواقع المتردي وعلى كل الأصعدة في هذا البلد ؛ ولكننا نشكرك على عدم صمتك كما نشكرك على محاولتك واجتهادك .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد