توظيف القضاء في الخصومة السياسية!

mainThumb

29-04-2014 06:04 PM

منذ الانقلاب العسكري الأخير في مصر والعالم  يتابع تهاوي ما كان يسمى بالقضاء الشامخ، فمن الحكم بسجن فتيات في سن الطفولة سنوات طويلة لتظاهرهن بالبالونات، إلى الحكم الأخير القاضي  بإعدام المئات، وتأكيد المؤبد لمئات أخرى، والإعدام الجماعي الآخر غير المسبوق  الذي أصدرته محكمة جنايات المنيا في أذار الماضي... فكلها تًعد انتهاكا صارخا لقانون حقوق الإنسان؛ مما أثار انتقادات واسعة على مستوى العالم بأسره .

لم يكن لمثل هذه الأحكام بالإعدام مثيلٌ في التاريخ الحديث مما يرسل رسائل سلبية  تثير القلق والاستياء لكل  متابع للشأن المصري، ويصوّر مصر تتصرف خارج القانون الدولي.

فأغرب ما في أحكام الإعدام هذه أنها جاءت بالجملة، مما يشكك بعدم حصول المدانين على محاكمات عادلة، وأنها تمت في غضون يومين فقط  في جلسات سريعة، مما ينافي أبسط المعايير الدولية التي تشترط حصول المتهم على محاكمة  عادلة استنادا إلى تحقيق مستقل، وحصول المتهمين على حق الدفاع !

لا أحد يعترض على عقاب القاتل من أي الفئات كان، وإلى أي الانتماءات السياسية هو، فهذا العدل بعينه، لكن  هل هذا حقا  ما يحدث  في مصر؟

إن هدم القضاء، أو تسييسه بهذه الصورة الصارخة ليس من مصلحة أي من الفرقاء المصريين، فالقضاء ملجأ المظلومين الأخير، فكيف إذا أصبح طرفا في الخصومات السياسية؟!

يريد الانقلابيون توجيه رسائل سياسية للمتظاهرين والمعارضين، لكنها يمكن أن تكون رسائل لآخرين أيضا من الأغلية الصامتة، أو تلك التي ما زالت  تقف على الحياد،  فتفعل هذه الرسائل فعلا معاكسا، من جذب المحايدين إلى جانب الفئة التي لحقتها الإعدامات بالجملة.

إضافة لفقدان المصداقية في القضاء واستقلاليته،  ناهيك عن السمعة الدولية السلبية في مجال حقوق الإنسان! وما يمكن أن تكشفه الفئة التي رشحت نفسها  للحكم  من أنها دموية،  وغير عادلة، وأنها تسيس مؤسسات الدولة لخدمة مشاريعها، كل هذا وهي ما زالت خارج الحكم، فكيف إذا ما قبضت عليه، واستحكمت فيه؟!

فهل  باتت الشعوب العربية حقا بحاجة إلى القضاء الدولي للتدخل لإنقاذ حياتها من بطش القضاء الوطني؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد