سقط العراق ؛ فالويل للعرب

mainThumb

05-06-2014 12:34 PM

بقياداته الصادقة ، وبطولاته الخالدة ، وبعروبته المتجذرة ، وبحضارته الزاخرة ، وبتاريخه العريق ؛ ظل العراق العربي بمثابة القلب النابض لأمتنا العربية عبر تاربخه الطويل .


وشكل العراق في كل الأزمان سدا” منيعا” وحصنا” حصينا” أمام كل الغزاة والطامعين ؛ وظل السند والعون والمدد لأمتنا العربية في كل حروبها ، وأضرحة الشهداء العراقيين المنتشرة في ربوع بلادنا العربية شاهدة” على بطولات العراقيين وتضحياتهم ، وبهذا الإيمان وتلك التضحيات كان العراق غصة” في حلوق اليهود وشوكة” دامية” في عيون المستعمرين والطامعين .


والذي يعي حقيقة العراق ويدرك عروبة العراق وتضحيات العراق فلن يستغرب من هذا التكالب الشرس للمستعمرين على بلاد الرافدين ، ولن يتفاجأ أبدا” من توالي المؤامرات على العراق والتي أسلمته في نهاية الأمر لحفنة  من الدخلاء والغرباء والمارقين .
لقد اعتمد اليهود وحماتهم على التلاعب بالشرعية الدولية وعلى التلفيق الإعلامي والتزييف والكذب والخداع بهدف تشريع غزو العراق وتدمير العراق وإحتلال العراق .


وابتدأت المؤامرات الصهيونية والإستعمارية عندما أشعلوا نار الحرب الطاحنة بين العراق وإيران في عام 1980م ، ولم يتوقف حقد هؤلاء عند إشعال الحرب ؛ بل عمدوا لإطالة أمد الحرب لأطول فترة„ ممكنة„ عن طريق تزويد طرفي النزاع بكل أنواع السلاح والعتاد لأجل الوصول لهدفهم الخبيث بتدمير الجيشين والقضاء على الدولتين وعلى الشعبين المسلمين ! ولكن إرادة الله كانت الأقوى من كيد اليهود ومكرهم والأرحم من حقد الكفار وغيهم ؛ قال تعالى : كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله وَيَسْعَوْنَ فِى الارض فَسَاداً والله لاَ يُحِبُّ المفسدين ( صدق الله العظيم ) ، فبعد ثمان سنوات متواصلة„ من الحرب المريرة والطاحنة بين البلدين الجارين المسلمين خمدت نار الحرب برحمة الله ، وحقنت دماء الشعبين المسلمين بإذن الله ، ولكن الذي آلم اليهود وأغضب رعاتهم وحماتهم ؛ خروج العراق من هذه الحرب الطويلة بجيش„ قوي ومحنك„ ؛ وبإرادة صلبة„ وحرة„ ؛ وبقرار„ مستقل„ ؛ وبتصنيع عسكري ذاتي .


  وكانت التهديدات العراقية بحرق نصف الكيان الإسرائيلي في حالة إعتداءه على أية عاصمة عربية أو إسلامية قد أرهبت اليهود ورعاتهم وجعلتهم يضاعفون من مكرهم للإيقاع بالعراق ، وهي التهديدات التي قلبت موازين الرعب المرسومة في المنطقة ، وأعادت مشاعر العزة والكبرياء لدى الإنسان العربي ، وحطمت نظرية السيد اليهودي والعبد العربي والتي حاولوا تسويقها في منطقتنا العربية ، كما شكلت تمردا” قويا” على المخططات الإستعمارية المرسومة لدوام السيطرة اليهودية المطلقة في الشرق الأوسط ، ولكل هذه الأسباب ؛ إستنفر اليهود رعاتهم وحركوا حماتهم وعملاؤهم وأدواتهم بهدف خنق العراق العربي ثم الإجهاز عليه في أقرب فرصة ، فحاكوا له المؤامرات تلو المؤامرات ، ومكروا له في الليل والنهار إلى أن أوقعوه أخيرا” في فخ دخول الكويت في عام 1990 م ، وهو الحدث المفاجئ الذي أسعد اليهود وأفرح عملائهم وعبيدهم في المنطقة ، وأستغله اليهود والمستعمرون الغربيون أبشع إستغلال ، فوالله لقد استغل اليهود والأمريكان الأزمة الكويتية العراقية أكثر من استغلال اليهود للمحرقة النازية !


أدرك أحرار العرب والمسلمين هول المؤامرة المرسومة والمعدة للعراق وللعرب ، وكان على رأس أولئك الأحرار جلالة الملك الراحل : الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، والذي وقف ندا” قويا” لرعاة البقر الأمريكيين ولرعاة الصهيونية العالمية عندما خاطب بوش الأب قائلا” له : إسمع يا بوش ! إبقى بعيدا” عنا ولا تتدخل في قضايانا العربية ؛ فنحن الأقدر على حل مشاكلنا .


ثم إنطلق جلالته وبسرعة البرق للبحث عن الحلول  المناسبة والمرضية لأطراف النزاع ، وأخذ يبحث عن حل„ يجنب العراق وامتنا العربية تبعات الكارثة المحدقة والقادمة ، والتي ستدمر العراق وستعيد الأمة العربية إلى الإبط اليهودي وإلى الخندق الإستعماري القديم ، وعمل جلالة الملك الراحل في سباق مع الزمن لتدارك الكارثة ، ولكن الشياطين اللعينة والعمالات الرخيصة كانت الأسرع من جهود جلالة الملك الراحل ، والتي أسرعت لقمة العار العربية في القاهرة ، وهي القمة المشئومة والمعقودة برئاسة العميل الوضيع والعبد المطيع للأمريكان واليهود ؛ المخلوع من الشعب المصري  : حسني مبارك ، والذي شرع في تلاوته للقرارات المطبوخة يهوديا” وغربيا” ، وتم في هذه القرارات أدانة العراق بطريقة التصويت بالأغلبية ، وهو التجاوز الواضح لميثاق الجامعة العربية  والذي ينص على ضرورة الإجماع العربي في كل القرارات الصادرة عن القمم العربية ، ولكن القرار المشئوم والمدمر قد مرر وبفارق صوت„ وحيد„ !  وتم للاستعمار مراده وسلم ملف الأزمة العراقية الكويتية للغرب واليهود ليتصرفوا فيها كما يحلو لهم ! وكانوا فرحين ومهللين لهذا القرار المريب والغريب ، والذي وضع العراق في القفص اليهودي وفي الشرك الإستعماري والأمريكي إلى الأبد ! وأعقب القرار العربي قرارات دولية متلاحقة تجرم العراق وتمهد لغزوه ولحصاره ولتجويعة ولابتزازه ولتركيعه ولتدميره !


وتقاطرت الجيوش الثلاثينية المعادية إلى حفر الباطن ، وتجمعت الطائرات الغربية في كل المطارات المحيطة بالعراق ، وتهيأت البوارج الأمريكية والبريطانية والفرنسية في كل المياه المحيطة بالعراق ، وتحركت حاملات الطائرات لخليج العرب ولبحر العرب ولماء العرب  ، وحدد التتار الجدد ساعتهم المرسومة لتدمير العراق ولاستباحة ثرواته وأرضه وماءه وهواءه ، وإستمرت الحرب الهمجية قرابة شهرين متتالين ، وجرب خلالها العدو كل أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة ، واستخدم في تلك الحرب القصف الجوي والبحري والجوي بكثافة ، وفي نهاية هذه الحرب الإجرامية خرج الجيش العراقي مدمرا” ومهزوما” ؛ واستشهد عشرات الألوف من العسكريين والمدنيين العراقيين في هذه الحرب .


وعقب هزيمة العراق عقدت الكثير من المعاهدات ومن التفاهمات الموقعة بين العراق وببن الغرب ، والتي تم بموجبها الاعتراف العراقي الكامل بدولة الكويت وبحدود الكويت ، كما تم تدمير الصواريخ العراقية القادرة على ضرب اسرائيل ، وجرى تفكيك وتدمير كامل للأسلحة الكيماوية وغير التقليدية في العراق ؛ ورغم كل ذلك ؛ فقد بقي العراق محاصرا” وجائعا” ومعزولا” بقرار„ أمريكي جائر„ وبمعاونة من العرب ! وحاول كثير من شرفاء هذه الأمة العودة بالعراق العربي إلى حضنه العربي ، وكان على رأس أولئك الشرفاء جلالة الملك الراحل : الحسين بن طلال والذي حاول إقناع العرب بضرورة عودة العراق لحضنه العربي من جديد ، وكان دوما” يردد ويقول  : لقد ربحنا الكويت ، ولا نريد أن نخسر العراق ! ولكن المصيبة بأن المسلسل اليهودي الإجرامي بحق العراق والأمة في تلك المرحلة لم يكتمل ، لذلك فقد إحبطت كل المحاولات العربية لإحتصان العراق ولعودة العراق ، فاليهود لم يصلوا لمبتغاهم ولم يشفوا غليلهم إلا بتدمير العراق وتقسيمه وكسر إرادته ، لذلك ففد أوعز اليهود ليوش الإبن بضرورة إكمال المشوار الإجرامي لإبيه بحق العراق وشعب العراق  ، وفعلا”  قرر الإبن المغرور مهاجمة العراق واحتلال العراق في عام 2003 م ومن دون غطاء„ دولي  ، وأحتل بوش الإبن العراق وتم تفكيك العراق وجيش ودمرت ودولة العراق ، وكل ذلك جرى وتم بمساعدة كاملة من العرب ! كما تم تسليم العراق العربي لإيران العدوة السابقة للعراق وعلى طبق„ من ذهب ؛ وكل ذلك جرى أمام أعين العرب وبمساعدة تامة من العرب !!!


يا للمفارقة ! لقد خسرت إيران حربها الطويلة مع العراق العربي ثم دارت أيام السقوط العربي بسرعة„ وسلم العراق العربي  لإيران وعلى طبق من ذهب ؛ وكل ذلك بجري بمباركة عربية وأمام أعين العرب !! فيا للمفارقة !


يا للمفارقة ! في عام 1990 م هب كل العرب لنجدة الكويت من الإحتلال العراقي ، وهؤلاء هم نفس العرب الذين هبوا لمساندة الأمريكيان في إحتلالهم للعراق العربي في عام 2003 م ، والذي جرى ودون مبررات ومسوغات„ شرعية وعقلية  ؛ فيا للمفارقة !!!


أفعال غريبة ومتناقضة وطائشة وعبثية صدرت وتصدر عن كثير من الحكومات والقيادات العربية  ! والتي ليس لها من مبرر سوى الجزم بأنها : الإرادة المسلوبة ، والاستقلال الوهمي ، والإستسلام المخزي والأبدي للأجنبي ! فيا للمفارقة !


أفعال متهورة همشت العرب وقادت النظام العربي  إلى السقوط الدائم وإلى الانهيار والإنتحار ؛ فويل للعرب يوم أضاعوا فلسطين وهم يلعبون ويعبثون ! وويل للعرب يوم أضاعوا العراق العربي وهم يضحكون ويعبثون ويلعبون ؛ وويل للعرب حين أضاعوا السودان وسوريا واليمن ومصر وليبيا ...  وهم يلعبون ويعبثون ويسرحون ويمرحون !


إن أسباب أفول وإنهيار النظام العربي متعددة وكثيرة ، ولكن الحقيقة المرة والساطعة تقول : لقد فاز الجميع وخسر العرب ! لقد فاز الجميع وخسر العرب ! فالنظام العربي يتهاوى بسرعة والأمة العربية تتلاشى والثروات العربية تنهب وتستباح ليلا” ونهارا”  ؛ فمن دون العراق العربي ؛ الويل للعرب ! ومن دون سوريا العربية ؛ الويل للعرب ! وبسقوط مصر العربية في أحضان الصهيونية العالمية : فالويل ثم الويل للعرب !


وفي النهاية فإنني أتوجه بالتحية الخالصة لكل شرفاء هذه الأمة وعلى رأسهم الملك الراحل الحسين بن طلال ، وأحيي شهيد الرافدين والذي قدم عرشه وأبناءه ووهب روحه للدفاع عن كرامة العرب وعن عزة وكبرياء العرب ، ولا بد لي أن أذكر كل من ساهم في مسلسلات التفريط بفلسطين وبالعراق والسودان واليمن وسوريا  ... بقوله تعالى : وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد