استعادة صلاحيات الحكومة المسلوبة

mainThumb

05-04-2008 12:00 AM

من "أمنية" الى صفقة "الكازينو" نماذج على سياسة اضعاف الحكومات..

الجدل الذي دار في الاوساط السياسية والاعلامية مؤخرا حول اتفاقية "كازينو البحر الميت" يذكر بقضايا مماثلة حظيت خلال السنوات الماضية باهتمام كبير وأثيرت حولها اسئلة ما زالت الاجابات عليها لا تقنع الرأي العام رغم ان ملفاتها اغلقت على المستوى الرسمي. لعل ابرزها صفقة ترخيص أمنية وبيع اسهم البوتاس ثم الفوسفات وقضايا اخرى تتصل بتفويض اراضي الخزينة وغيرها الكثير من الملفات الغامضة.

لا يمكن التعامل بجدية مع الاحكام المسبقة التي تصنف هذه القضايا على انها ملفات فساد بالمعنى القانوني. فهذا شيء يصعب اثباته بالنظر الى الاجراءات التي رافقت كل قضية.

خطورة تلك القضايا في انها تمثل نهجا ساد في السنوات الاخيرة يقوم على مبدأ تسريع آلية اتخاذ القرار الحكومي وهو عنوان فرعي في استراتيجية اصلاح القطاع العام وما رافقها من نظريات سادت حول "ترشيق الحكومات" وتجاوز بيروقراطية المؤسسات ولهذه الغاية جرى تفريغ اللجان والهيئات المستقلة في كل القطاعات التي لا يخضع معظمها الى سلطة مجلس الوزراء الفعلية.

وطالت عملية اعادة الهيكلة مجلس الوزراء ذاته. وتحت عنوان تطوير آليات اتخاذ القرار اتخذت سلسلة من الخطوات لسحب صلاحيات مجلس الوزراء وتوزيعها على لجان وهيئات دائمة او مؤقتة.

وعبر هذه الآلية كانت الصفقات والقرارات المهمة تطبخ خارج مجلس الوزراء من خلال الوزراء انفسهم ثم تمرر في جلسة المجلس من دون نقاش او تدقيق.

وفي مناسبات عدة كان لجان رؤساء الحكومات يساهمون في "تزريق" القرارات بناء على ترتيبات يتم الاتفاق عليها خارج مجلس الوزراء. وفي حالات اخرى كان تشكيل لوبٍ وزاري يكفي لاتخاذ القرار من دون العودة الى مجلس الوزراء. ويلجأ الوزير المعني بالصفقة او المشروع احيانا الى جمع التواقيع على القرار بنفسه. وفي حالات محدودة كان مجلس الوزراء في حكومات سابقة يوضع تحت ضغوط شديدة للتصويت على قرارات لا تؤيدها الاغلبية كالقول ان القرار مطلوب "من فوق" وقد دفع هذا الامر جلالة الملك في احدى زياراته الى مجلس الوزراء الى التحذير من اختباء بعض الوزراء خلف جلالته لتمرير القرارات في مجلس الوزراء.

واذا ما عدنا الى معظم القضايا التي أثير حولها جدل في السنوات الاخيرة سنجد ان القرارات بشأنها طبخت خارج مجلس الوزراء.

ان التجاوز على سلطة الحكومة الدستورية وتفريغ مجلس الوزراء من وظيفته العامة كان لهما اثار سلبية على الاداء العام للدولة كما أضر بحقوق الخزينة وعرّض المسؤولين للشبهات.

ومهما كانت مبررات هذه السياسة فإن رؤساء الحكومات يتحملون المسؤولية الاولى لانهم قبلوا بهذا الواقع.

اليوم نشعر ان مظاهر هذه السياسة ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة ابرزها تعدد المرجعيات وازدواجية السلطات لكن امام رئيس الوزراء فرصة ذهبية لاستعادة صلاحيات الحكومة المسلوبة. / العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد