لا ظلم يدوم أمام عدل الله .. ‎

mainThumb

31-10-2015 07:50 PM

الحياة كاملة ومكتملة بوحود الله ، ومن دون تدبير الله فلا استمرار لهذا الكون وللدنيا وللحياة ؛ فهو الخالق الذي تكفل بشئون الخلق، ووضع للكون سننه ونواميسه وقوانينه الأزلية الباقية ، وأنزل الحدود والشرائع السماوية مع أنبياءه لكي تدوم الحياة إلى ماشاء الله وكما أرادها الله ؛ هانئة وهادئة وخالية من الإنحراف والظلم والبغي والتجاوزات ...
 
      والله تعالى توعد الظالمين والبغاة بعقابه العسير وبعذابه الأليم وبانتقامه الأكيد عاجلا” أو آجلا” ....
 
فلا يظنن الظالمين بأن ظلمهم الذي غفل عنه الجميع وتجاوز القوانينالأرضية  ومحي من ذاكرة الناس قد ضاع وزه وانتهى عقابه إلى غير رجعة ؛ فحقوق العباد موثقة عند خالق العباد ولن تنسى أبدا” ...
 
      ولولا هذا لفسدت الحياة ولعاش الناس معيشة حيوان المحيط وحيوان الغابة : القوي يفترس الضعيف والكبير يأكل الصغير .
 
ولكن مع وجود الاله الخالق والعادل إطمأنت النفوس المظلومة واالبريئة والمسكينة وصبر الضعيف المظلوم على أمل عدل الله والذي سيتحقق يوم القيامة ....
 
   فعما قريب سيجتمع الخصوم أمام الخالق أذلة وصاغرين فتتكلم جوارحهم تيابة عنهم ، وليتحقق العدل الرباني وليكتمل الحق الإلهي وليأخذ بعد ذلك كل ذي حق حقه مهما كبر الحق أوصغر .
 
    فلا ظلم ولا بغي ولا أكل لحقوق البشر مع وجود الخالق البر والرحيم بخلقه ، ولا تجاوزات مع وجود الله الرؤوف بعباده ، ولا دوام للظلم بدوام الله وهو الأول والآخر وهو الحي القيوم والباقي الأزلي ...
 
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) أخرجه مسلم في صحيحه.
 
     فحقيقة الظلم وهي : وضع الشيء في غير موضعه ، نزه سبحانه نفسه عن هذا الفعل المشين فقال سبحانه : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها } (النساء: 40) ، وقال عز وجل : { وما ربك بظلام للعبيد } (فصلت: 46) ، فهو سبحانه أحكم الحاكمين ، وأعدل العادلين ، وكما حرم الظلم على نفسه جل وعلا فكذلك حرمه على عباده ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم .
 
والظلم نوعان : ظلم العبد لنفسه ، وأعظمه شرك الإنسان بالله عز وجل ، فقال سبحانه : { إن الشرك لظلم عظيم } (لقمان: 13) ، لأن الشرك في حقيقته هو جعل المخلوق في منزلة الخالق ، أي أنه وضع للأشياء في غير مواضعها ، ثم يليه بعد ذلك ارتكاب المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر ، فكل ذلك هو من ظلم العبد لنفسه بإيرادها موارد العذاب والهلكة في الدنيا والآخرة ، قال سبحانه : { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه } (البقرة: 231) .
 
 
والنوع الثاني من الظلم هو : ظلم الإنسان لغيره بأخذ حقه أو الاعتداء عليه في بدنه أو ماله أو عرضه أو نحو ذلك ، وقد وردت النصوص كثيرة ترهب من الوقوع في هذا النوع ، من ذلك - قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ) ....
 
    فالتاجر أو البناء أو الصانع أو المهني الذي يغش الناس ويحتال عليهم فسوف يجد جميع تجاوزاته وكل ما اقترفه من غش  أمامه ...
 
أما التافه الأرعن والذي اتبع نفسه هواها ؛ وإغتباب هذا وشتم هذا وسب هذا وأكل مال هذا ؛ كما يحلو لنفسه للسانه فسيجد كل شيء مكتوب أمامه ، وكل الذين استباحوا أعراض الخلق  كما  يحلو لهم فسيأتيم يومهم عما قريب ليجدوا كل شيء مرصود ومكتوب ليحاسبوا عليه ...
 
    أما الذين سرقوا ونهبوا وارتشوا وتحايلوا وقتلوا ولم يرقبوا في الأمة إلا” ولا ذمة ؛ وتجرأوا على خلق الله بحجة القوة والذكاء والحيلة وفرحوا  لإفلالتهم من قوانين الأرض الوضعية ؛ فلن يفلت كل هؤلاء من قوانين الله ؛ وإن ربك لهم بالمرصاد ...
       قال تعالى :
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ( صدق الله العظيم ) .
 
   ليعلم التائهون والضالون والظالمون والجبابرة والكفرة ؛ بأن عيون الله ترقبهم وتحصي لهم كل تجاوزاتهم ، وكل أفعالهم وما أقترفوه من جرائم بحق أنفسهم وبحق عباد الله وخلق الله  ولن يفلت عاجلا” أو آجلا”  من قبضة الله ومن عدل الله  ... قال تعالى :إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً ( صدق الله العظيم ) .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد