أفلا أكون عبدا شكورا ؟؟؟‎

mainThumb

20-11-2015 02:39 PM

      الحيوان يتمتع ويشبع ويلهو ويلعب ويعيش حياته لأجل نفسه ومن أجل أبناءه وصغاره ، وهو يفترس الآخرين لكي يبقى ؛ ويجلب صغار الآخرين ليطعم صغاره !!!

 

            هذا هو الحيوان والذي سيرته الغريزة ووجهه العقل المحدود لتلبية أهدافه المحددة والمحصورة في تكاثره وفي بقاء بني جنسه  ...
 
           ولكن الإنسان له منزلته العظيمة عند ربه ؛ فالله تعالى خلقه بكلتا يديه ، ثم أكرمه بنعمة العقل العظيمة ، وزينه بجمال الخلقة ، وجمله بحسن الطلعة وباستقامة الهيئة ؛ فهذا الانسان هو أحسن خلق الله ظاهرا” وباطنا” ؛  قال تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم  ....
 
    قال ابن العربي رضي الله عنه : ليس لله تعالى خلق هو أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيا ؛ عالما ، قادرا ، مريدا ، متكلما ، سميعا ، بصيرا ، مدبرا ، حكيما ، وهذه صفات الرب ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع هذا البيان بقوله صلى الله عليه وسلم : { إن الله خلق آدم على صورته } ، ويعني على صفاته التي ذكرناها  ....
 
      وقال تعالى :  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا  ( صدق الله العظيم ) .
 
          ثم زاد الله تعالى في تكريمه وفي تفضيله لهذا الإنسان  ؛ حيث أمر ملائكته ومعهم إبليس بالسجود التكريمي لهذا الانسان حال فراغه من خلقه وبعد نفخه الروح فيه  ،   قال تعالى : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ  ....
 
        ولم تتوقف حدود تكريم الخالق لهذا الإنسان عند هذا الحد ، ولكن الله سخر له الكون ليكون في خدمته ولأجله ، وذلل له كل مخلوقاته ، وطوع له كل شيء ليكون طوع ارادته وليعمل على راحته وخدمته ...
         ثم جاد الإله المنعم والمتفضل على الإنسان بأعظم نعمه ؛ حين أرسل الأنبياء وأيدهم بالآيات وبالكتب السماوية لأجل هدايته ، وليجعل منه خليفة” على أرضه ؛ وليقوم الإنسان بعمارة الكون كله بما يرضي الله  ؛ فيطبق شرع ربه ويقيم حدوده ويجتنب كل نواهيه ويلتزم بكل أوامره .... قال تعالى :  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  .
 
            إنه التكريم الرباني المتواصل وغير المنقطع للإنسان ، والذي ابتدأ بتجميل خلقته وبكمال عقله وبعظيم مهمته وقدسية وظيفته  ، إنه التكريم الرباني لهذا الإنسان بنعمه الكثيرة ؛ الظاهرة منها والباطنه .... وهذا كله سيدفع العقلاء والحكماء وأصحاب الفطرة السليمة والقلوب الحية ، إلى المواظبة على عبادته ودوام شكره وذكره ...
 
        فعن أم المؤمنين ؛ عائشة  ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه .. فقالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال صلى الله عليه وسلم : يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا ؟؟؟
 
       فإذا التزم الإنسان في دنياه بما أمره الله ، وإن سار على نهجه واتبع هداه ؛ فسيضاعف الله من اكرامه لهذا الإنسان ، وسيرفع من شأنه وسيعلي من درجاته في يوم القيامة ليكون من المقربين ، وليستقر به المقام الكريم في أعلى عليين مع الأنبياء والشهداء والصديقين ؛ وليظفر بالفردوس الأعلى  ؛ حيث الجنان الوارفة وحيث النعيم الأزلي المقيم   ...
 
       فإن كفر هذا الإنسان بأنعم الله  ، وإن عطل عقله واتبع هواه ، وإحتكم للغريزة واستسلم لوساوس النفس والشيطان  ؛ وعاش على طريقة الحيوان : ( لهو ولعب وشهوات وصراع دائم لأجل البقاء  ... ) ؛  فعندها سينقلب الحال بهذا الإنسان المبتعد عن ربه والمعطل لعقله ، وسيتدحرج من قمة الهرم ليستقر في قيعان جهنم ـ والعياذة بالله ـ ، ولتصبح منزلته  التالية في أسفل سافلين مع مردة الشياطين ، متقلبا بين الوان العذاب المهين ؛ جزاء كفره  ولقاء تعطيله لعقله ، ونكالا” بما اقترفت يداه ..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد