امتحان التوجيهي مرة واحدة في السنة

mainThumb

16-12-2015 10:21 AM

منذ أن أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نيتها عقد امتحان التوجيهي مرة واحدة في السنة بدأ بعض ‏الطلبة اعتصاماتهم ولو قيل  سيعقد 3 أو 4 مرات سيحتج آخرون، فكثير من الناس لا يحبون التغيير، ‏وأصبح الاحتجاج على أي شيء، بل على كل شيء ديدنهم لا سيما في السنوات القليلة الماضية!‏

 

نظام الامتحان لمرة واحدة كان مطبقا لسنوات طويلة عندما كان التوجيهي في أوج نجاحه وهيبته ‏وتميّزه، وله ميزات كثيرة منها: اعتماد المنهاج وحدة واحدة، وتقليل زمن القلق، وحالة الطوارئ عند ‏الطالب وأسرته، وإنقاص الاختناقات المرورية، وحوادث السير، وإطلاق النار والفوضى... في يوم ‏النتائج إلى مرة واحدة، والتقليل من الظروف غير الطبيعية، والطوارئ في   كافة أرجاءالوطن، إضافة ‏إلى توفير للمال والجهد. ‏
 
القرار لم يكن فرديا أو ارتجاليا أو متسرعا كما قيل، بل جاء بعد دراسات واقترحات عدد من الخبراء، ‏وهو تنفيذ لإحدى توصيات مؤتمر التطوير التربوي الذي عقد مؤخرا في عمان ، وأقره مجلس التربية ‏والتعليم ‏‎.‎
 
كان الأفضل لو أعلن  عن القرار مع الإجراءات الأخرى التي ستصاحبه لاسيما موضوع تخفيض عدد ‏المواد التي سيتقدم لها الطالب أو تلك التي ستحتسب له في المعدل إلى غير ذلك من إيجابيات لطمأنة ‏أبنائنا الطلبة لاسيما أن كثيرا منهم  يخشى من كثرة التغييرات التي تحدث في مجال التعليم سواء على ‏مستوى التوجيهي أو القبول في الجامعة...‏
 
‏ امتحان التوجيهي من الأمور التي لحقها الجدل، فبعدما كان الناس يتأففون مما يحدث فيه من ألوان ‏الغش، وتسريب الأسئلة، وفوضى القاعات، والاعتداء على المدارس ... جاء القرار الحكيم  الذي تمناه ‏كثيرون بإعادة الهيبة لهذا الامتحان الذي كنا نعتز بمصداقيته على مستوى المنطقة  العربية كلها، ‏ولكن سرعان ما عادت الشكوى  من جديد بحجة التشدد فيه حتى من الذين كانوا ينتقدون انفلاته، ‏وكأني بكل مواطن يريد إجراء الامتحان على مقاسه، وما على الوزارة  إلا تصميم المطلوب!‏
 
ومثله حدث في تقييم نتائج الامتحان، فقد كان الناس ينتقدون تضخم العلامات، وأصبحوا اليوم يشكون ‏من اعتدالها، والذين كانوا يتحدثون عن ضعف الخريجين بدؤوا يتسآلون عن كثرة أعداد الراسبين ‏ومصيرهم... كل حسب مصلحته الأسرية والاقتصادية... وقلما يتنبه هؤلاء أن هذه الأمور لا يمكن أن ‏تتحقق جميعها في أي امتحان، بل هي تتناقض فيما بينها.‏
 
‏ إن انخفاض مستوى العلامات في التوجيهي سيتبعه لا محالة ميزة الانخفاض في معدلات القبول في ‏الجامعات، ويقرب الأمرين معا من المنطقي والطبيعي، ويبعدهما عن التورّم المبالغ فيه، وطالما أن ‏الأمر عام على جميع الطلبة فلماذا الشكوى؟! إلا إذا كان الهدف تكديس الطلبة في الجامعات، ومن ثمّ ‏معاناة جُلّهم من ضعف التحصيل، والبطالة بعدما يكونوا قضوا سنين عديدة من عمرهم، وبيع الغالي ‏والنفيس في سبيل تعليم مردوده غالبا بطالة لسنوات!‏
 
من التعليقات الطريفة حول عقد الامتحان لمرة واحدة  القول: إن الوزارة اتخذت هذا القرار تمهيدا لدفع ‏الطلبة نحو التعليم المهني، وكأن هذا مؤامرة، والحق أن التوجه نحو التعليم المهني والتقني هو أحد ‏الحلول المهمة لتقليص نسب البطالة التي باتت تهدد السلم المجتمعي والأمن الوطني، وهو مفيد في ‏توفير العامل الماهر الذي نشكو جميعا من ندرة وجوده، وتوفير مبالغ ضخمة تهاجر من العملة ‏الصعبة التي تستنزف من ميزانية الدولة مقابل رفدها بمثل تلك المبالغ المهاجرة بعدما تُفتح الأسواق ‏الإقليمية أمام العامل الأردني الماهر مثلما فُتحت من قبل أمام خريجي الجامعات، فالفجوة باتت ‏واضحة بين التعليم الأكاديمي من جهة، والتعليم التقني والمهني من جهة أخرى، ولا بدّ سدها، ويبقى ‏الميدان واسعا للجميع، فمن لديه الرغبة والمقدرة الأكاديمية يتوجه نحو التعليم الأكاديمي ومن لديه ‏الرغبة المهنية والتقنية يتوجه إلى المعاهد والكليات المتخصصة بعدما تقوم الجهات المعنية بتجهيزها ‏وتوفير الظروف الملائمة لإنجاحها، والذي يتقن عمله ويخلص فيه أياً كانت وجهته وتخصصه هو ‏المقدّر اجتماعيا، والمقتدر ماليا لا العاطل عن العمل العالة على أهله ووطنه.‏
 
رضى الناس غاية لا تدرك، وأصبح على المسؤول اتخاذ القرار المناسب بعد دراسات كافية ومشورة ‏المختصين، فلا قرار يرضي الناس كافة، ومثله عقد الامتحان لمرة واحدة.‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد