عندما يؤدي ممثل دورا” لأحد الصحابة الكرام في فيلم سينماني أو في مسلسل تلفزيوني معين ، فسيحظى ذلك الممثل بالاحترام والتقدير ، وسيظفر بمحبة وإعجاب كل المشاهدين والمتابعين ...
فتقديم دور صحابي جليل وتقمص دور أحد الأولياء الصالحين سيقرب الممثل من قلوب المتابعين والمشاهدين ، فالصحابة الكرام حملوا الصفات الطيبة والأخلاق الإنسانية العظيمة ، وكانوا على قدر„ عال„ من التقوى والورع والسوية فكانوا مقربين من الله ...
فكل الممثلين المقدمين لأدوار الصحابة الكرام في فلم الرسالة : حمزة بن عبد المطلب ، عمار بن ياسر ، مصعب بن عمير ؛ خالد بن الوليد ؛ ... إلخ ، حازوا على رضى المشاهدين ودخلوا قلوب الناس ونالو ا المحبة والتقدير من الجميع ...
وكل من مثلوا أدوارا” مختلفة” للتابعين وللعلماء وللأولياء الصالحين : عمر بن عبد العزيز ، الامام البخاري ؛ صلاح الدين الايوبي ؛ الظاهر بيبرس ؛ قتيبة بن مسلم ...إلخ ؛ نالوا محبة المشاهدين بعد أدائهم لشخصيات الأولياء وللقادة العظام والفاتحين ...
ولكن محبة الناس إنقلبت وفي أكثر من مرة„ إلى نفور„ من بعض الممثلين ، حين بدت حقيقتهم للناس وشاهدوهم على صورتهم البعيدة عن دورهم الديني والإيماني الذي مثلوه من قبل ...
بعض من هؤلاء الممثلين كرههم الناس بعد تقديمهم لأدوار„ مغايرة„ لأدوارهم الدينية ، بعد أداءهم لدور الصحابي الجليل ولدور العالم الديني ولدور الولي الزاهد والتقي ...
المسلمون اليوم تحول أكثرهم إلى ممثلين وإلى متظاهرين بدورهم الديني ؛ لا أكثر ؛ فالتمثيل وتقمص ظاهر الإسلام بلا إيمان ودون أية قناعة ، يبدو اليوم هو السمة الغالبة على سلوك وعبادات كثير من المسلمين ؛ فالمسلم الذي يظهر لك بأنه : الورع والزاهد والتقي ؛ تتفاجأ بعد معاشرته وبعد معاملته بأنه كان مجرد لاعب„ لدوره الديني والإيماني ؛ لا أكثر !!! واستعان في أداءه لهذا الدور بثوبه الطويل وبمسواكه ولحيته !!!
وأحيانا” كثيرة قد يشدك أحد العلماء والواعظين إليه من خلال كلماته ومواعظه المؤثرة ، ولكن ميولك اليه وحبك لدروسه سيتلاشى على الفور إن تفاجأت بأن افعاله وتصرفاته تعاكس أقواله ومواعظه ...
لو كانت أفعال المجتمعات الاسلامية مطابقة لمكنون العقيدة الاسلامية لاسلم أكثر أهل الأرض ؛ ولكن المشكلة اليوم بأن كثيرا” من المسلمين باتوا مجرد مقلدين وممثلين للأدوار الدينية المعتادة ؛ لا أكثر !!! والا فما معنى أن يكون عدد المسلمين اليوم : مليارا” ونصف المليار مسلم ، وليس لديهم أي قدرة على مواجهة دولة صغيرة تحتل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومنذ عقود„ طويلة„ ؟؟؟.
وما معنى ان يكون عدد المسلمين اليوم مليارا” ونصف المليار مسلم ، وليس لديهم القدرة ولا الجرأة على فك الحصار عن النساء والأطفال والشيوخ المسلمين المحاصرين في الغوطة والزبداني ومضايا من الموت المحقق الذي داهمهم ؟ فتركوهم فريسة سهلة للشياطين ولأحزاب الشياطين ؟!
وما معنى أن تحوي مجتمعاتنا الاسلامية عشرات الالاف من المليونيرية ومن المليارديرية ، ناهيك عن ملايين الأثرباء والأغنياء ، وهناك عشرات الملايين من الفقراء والجوعى والمشردين والمحتاجين من المسلمين ؟!
أين نحن اليوم من الإسلام الحقيقي والذي حرك إيمان المعتصم بالله ، فحشد جيشه الجرار لإنقاذ أمرأة مسلمة من أسرها ؟ وأين أثرياء هذه الأمة من سخاء ومن جود الصحابة الأولين والأبرار السابقين يوم أنفقوا كل ما لديهم من مال في سبيل الله ؟
أين نحن من الإسلام الحقيقي والذي صهر الناس جميعا” فكانوا جسدا” واحدا” وقلبا” واحدا” ؟؟ أين نحن اليوم من الإسلام الحقيقي والذي جاء به رسول الرحمة ونبي البشرية ؟ وأين الأثرياء والأغنياء من الاسلام الحقيقي والذي نزع صفة الإيمان عن كل من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ؟ ...
ألم يعلم الأغنياء والأثرياء بأن الصلاة والزكاة متلازمتين ومترادفتين في كتاب الله ؟ ألم يعلم الأثرياء والأغنياء بأن الجهاد بالاموال هو سابق للجهاد بالنفس وبالروح ؟.
كثير من المسلمين اليوم ينتحلون الأدوار الدينية ويتقمصون ظاهر الإسلام وشكله ؛ لا أكثر !!! بعض من المحسوبين على دين الإسلام لبس الثوب وأطالة اللحية لإكمال دوره التمثيلي ؛ لا أكثر !!!
وبعضهم يقدم هذا الدور التمثيلي عن الإسلام الظاهري بالقميص وبالبنطال ؛ وبعض المسلمين خرج عن كل النصوص الدينية المكتوبة والمعلومة والثابتة في دينتا الحنيف ؛ فشطح وابتدع الطقوس الغريبة العجيبة ، فشتم ولطم وجلد ظهره بالسياط والجنازير ؛ ثم بكى وولول وناح وأطال العويل ولطم وبكى وناح وصاح !!!
هناك تشابه كبير بين حالة أكثرية المسلمين اليوم وبين الممثلين لأدوار الشخصيات الإسلامية في الأفلام وفي المسلسلات الدينية ؛ فكلهم يقدم دوره التمثيلي عن الاسلام مع غياب القناعة والإيمان الحقيقي ...
فإن بقي المسلمون على آدائهم التمثيلي لشكل ظاهر الإسلام ؛ فستبقى أمتنا سائرة في مؤخرة الركب الأممي ، وستكون لقمة سهلة للجميع ، وستبدو صورة الإسلام مشوشة ومشوهة في عيون كل الباحثين عن الإسلام الحقيقي ، إن رغبوا في معرفته وتحريه بتتبع سلوكيات معتنقيه ودراسة خلق أتباعه ...