يوميات مراقب ..

mainThumb

15-01-2017 11:07 AM

ربع ساعة على ويبدأ الإمتحان ، وزع المراقب دفاتر الإجابة على الطلاب  ، وطلب منهم أن يكتب كل طالب بياناته على دفتر الإجابة  ... 
               
بعد كتابة الطلاب للبيانات المطلوبة ، بدأ الطلاب بطرح أسئلتهم الإستكشافية والإستقصائية والهادفة لمعرفة  جدية المراقب ولمحاولة استمالته إن أمكنهم ذلك  ...
 
سأل بعض الطلبة المراقب عن تخصصه وعن مكان سكنه ... فأجابهم المراقب بقوله : إن معرفتكم لتخصصي العلمي ولمكان سكني لن يؤثران على الوضع الموجود شيئا  ... فأنا هنا للمحافظة على سير الإمتحان وليمضي الإمتحان براحة وأمانة ... وتذكروا بأنني أقسمت على كتاب الله تعالى ... فلا تحاولوا معي بطرحكم لمثل هذه الأسئلة  ...  وعليكم الإعتماد على أنفسكم ؛ لكي ينال كل ذي حق حقه ... 
 
أكتبوا ما لديكم من معلومات وأجوبة ، ولا ترفعوا رؤوسكم عن دفتر الإجابة أبدا”  ...  وأن التفاتة واحدة إلى دفتر  زميلك ستضعك في دائرة الشكوك والشبهة  ، وإن همسة واحدة مع زميلك ستعرضك للعقوبات المتصوص عليها  ...  
 
فإذا بدأ الإمتحان فكل طلب أو سؤال ممنوع عليكم ؛ باستثناء طلبكم لكوب„ من الماء ؛ أو طلبكم المغادرة إلى الحمام لقضاء الحاجة ... وهنا وقف أحد الطلاب وقال  : يا أستاذ ؛ أربد أن أسالك سؤال  ... 
 
فقال له المراقب : تفضل واسأل  ...  
 
فقال الطالب : إنني أعرف واحد من أقاربي ... وهو ممن تجاوزوا امتحان الثانوية العامة قبل عدة سنوات ؛ وبطريقة  (الواتس أب )... وهو الآن طالب جامعي وعلى وشك التخرج من جامعة كذا  ...  ؛ واقسم لك أنه لا يجيد الإملاء ولا حتى القراءة الصحيحة والكتابة  ... !!!
 
فسؤالي لك هو : ما هو ذنبنا نحن يا استاذ  ...  لكي تشددوا علينا المراقبة وبهذه الطريقة ... ولكنكم قبل عدة سنوات ؛ تركتكم الحبل على الغارب فنجح غالبية الطلاب بـ  ( الواتس أب ) ، وجمعوا معدلات عالية ؛ ودخلوا الجامعة   ... ما هو ذنبنا نحن ؛ يا استاذ ؟!!
 
فأجابه المراقب بقوله : إنكم تتحدثون عن حقبة تجاوزناها منذ فترة ؛ والحمد لله ؛ وهي حقبة سوداء وسيئة  مررنا بها ، وتركت آثارها الخطيرة على المجتمع والوطن والأجيال  ... ، في تلك الفترة إستغل كثير من أولياء الأمور وأبنائهم ثورات الربيع العربي الجارية وأستغلوا هيجان الشارع الأردني بكل أنانية وانتهازية لكي يحقفوا منافعهم الرخيصة على حساب المجتمع و الوطن ... 
 
و للأسف الشديد هذه الفوضى حصلت قبل سنوات  وكلنا شاهدناها ...  وبعض ممن نجحوا في تلك الفترة دخلوا للجامعات ولكنهم عجزوا عن اتمام دراستهم الجامعية ، وبعضهم نال وبطريقة معينة شهادته الجامعية  ... ولكن سؤالي لكم جميعا”  : هل تلك الفوضى التي عايشناها من قبل هي في صالح المجتمع والأجيال والوطن ... ؟؟؟  وهل الطلاب الذين نجحوا بالغش في تلك الفترة و تخرجوا بطرق معينة من الجامعات لديهم الكفاءة العلمية والأخلاقية لخدمة المجتمع والوطن ؟ ...  وهل كان علينا أن نمضي ونسير في هذا النفق المظلم حتى النهاية ... لكي يتحقق لكم العدل .. بحسب قولكم  !!! ... هذا طريق منحرف تدافعت إليه جموع من النفوس المريضة ، وكان من ثماره تقديم الفاشلين وتنصيب الغشاشين وتأخير الأذكياء والمجتهدين والجادين ...  !!! فبربكم ؛ هل هذا هو العدل والإنصاف الذي تبحثوا عنه  ؟؟؟
 
  وتابع المراقب بقوله : ثقوا تماما ؛ يا أبنائي ؛ بأن الوضع الحالي هو الذي سيحقق العدل لكم ، وهو الأسلم للمجتمع وللوطن عندما يكون الرجل المتاسب في المكان المناسب  ...واعلموا أن فرصتكم اليوم في دخول الجامعات باتت كبيرة ، بعد إنخفاض معدلات قبول الطلبة إلى حدودها الدنيا   ... والأهم من كل ذلك بأن الوضع الحالي سيقدم لمجتمعنا من الأكفأ والأجدر ، وسيعطي لكل ذي حق حقه  ... 
 
أننا الآن نسير وفق ألمسلمات الإنسانية الأزلية  : ( لكل مجتهد نصيب ) ... ( ومن جد وجد ... ومن سار على الدرب وصل ) ...  ولكننا في تلك الفترة المظلمة ؛ دسنا على كل المسلمات وفرطنا بالدين وبالأخلاق والقيم ...
لم يعقب أي من الطلاب على ما قاله المراقب ... وكأن كلماته وجدت صداها في عقول وقلوب الطلاب   ... وبعدها بقليل وزعت أسئلة الإمتحان  ... وقال لهم المراقب  : قولوا باسم الله  ... وفقكم الله .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد