رسالةٌ إلى الأخِ العزيز أمجد هزاع المجالي

mainThumb

21-06-2020 01:08 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالةٌ إلى الأخِ العزيز أمجد هزاع المجالي

أخي وصديقي العزيز ذوالخُلقِ الرَفيعِ،والحس الوطني ِالكبيرِأمجدهزاع المجالي المُحترم.
لكم منا اطيب التَحيةٌ وازكى السلام ٌوبَعد ؛

قَدْ عَلِمْنا ما كانَ فينا مِنْ بُؤْسِ أَمْرِنا ،واضْطِرابِ أَحوالِنا في أَيامٍ عَصيبَة ٍ، يَعيشُها بَلدُنا الحَبيب َوأُمَتُنا العَربِيةَ المَجيدةَ ، في ضوءِ التحدياتِ الداخليةِ والأطماعِ والمُؤامَراتِ الخارجيةِ، َوقَد رَأَيْنا أَن نَبعَثَ إِلَيكُم بِهذهِ الرِسالةِ ؛ كَمُواطنٍ أُردنيٍ يُعنَى بِالشأنِ العام ِ؛ مُستهديًا بِوَحي الضَمير، وَمُدافِعًا عن انتِماءٍ وَطَنيٍ ، وَوَفاءًا لِلصُحبَة ِ،وَإِخلاصًا لِذمةِ الوَطن.

أُرسِلُ إِليكُم وَجَميعُ الُشرَفاءِ ، والأحرارِ تَحيَةً أُردُنيةً عَربِيةً إسلاميةً مِلؤُها الفَخرُ والعزةُ والاعتزازُ، في هذا الوَطنِ الصامدِ بِأمثالِكُم مِنْ أبناءهِ، المُؤمِنِ بِرَبهِ ، والواثق بِأُمَتهِ، العَصيّ على أَعدائِه، والقَوي على أَحْقادهِ، الساعي لِآمالِهِ، والمُتَطَلِع ِإلى مُسْتَقبَلهِ وَغَدِه .

إمْضِ بِاسمِ الله، َوسِرْ عَلى بَركَته، وَلا يَأْخُذَنكَ بِالحَقِ لَومَةُ لائمٍ ،فَأنتَ لَمْ وَلَنْ تَكونَ في يَومٍ مِنَ الأيامِ مِمَنْ يُغَرِدُوا خارِجَ سِرْبِ الوَطَن ِ. واعْلَمْ أَن َالسَوادَ الأَعظَمَ مِنْ شَعْبِنَا الأَبِيُّ لا يَراكَ إلاَ قِبلةً لِلحَقِ وَصِدْقِه ِ،وَصَلاحَ أَمْرِهِ، وَإِنْ تَنَكَرت فئة قَليلةٌ لِمَواقِفِكَ الوَطَنيةِ الحَقَةِ الصادِقَة ِ؛وَلَمْ تُقَدِرْها حَقَ قَدْرِها، رَغْمَ ما أنْتَ عَلَيهِ مِنْ سَدادٍ وَصَوابٍ!

ثِقْ أخي العَزيز أَنَ الأغلَبِيةَ الساحِقةَ مِنْ أبناءِ الشَعبِ الأُردِني الحُرِ الأَبِيّ تُقَدِرُ مَواقِفَ الرِجالِ بِالرِجالِ ، وَتُمَيزُ الغَثَ مِنَ السَمين أُسوَةً بما قالهُ عليُ بن أبي طالبٍ -رضيَ اللّهُ عنهُ- : "إِنَ الحَقَ لا يُعرَفُ بالرِجالِ؛اعْرِف الحَقَ تَعرِفُ أهلَهُ ". وَمَواقِفَ الرِجالِ الأَحرارِ تُؤَسِسُ لِذاكِرةٍ مُجتَمَعيةٍ ذاتَ أَبعادٍ سِياسيةٍ َوإقْتصاديةٍ وإجتِماعِيةٍ وَثقافية، وٍسَيكونُ التاريخُ خَيرَ الشاهِدينَ كَما شَهِدَ علَى الذينَ مِنْ قَبلِكَ بِأَحرُفٍ مِن نورٍ. فالحَقُّ والوَطنُ صِنوانٌ لا انفِصامَ لَهُما، والحَقُ يدورُ مَعَ الَوطنِ أَنَّى كانَ وحَيثُما كانَ ، لا يَفتَرقانِ، مُجتَمِعانِ لا يَنفَصِلانِ، وَمَنْ كانَ مَعَ الحَقِ وَالوَطَنِ لا يُغلَبُ وَلايُهزَم ،وَلا تَلينُ لَهُ قَناةٌ .


ما أَنْتُمُ إِلاّ جُزْءًا أَصيلًا مِنْ هذا الحِمَى، وَجُذورَكُمْ ضارِبَةً فيهِ أَعْمَقَ مِنَ العابِثينَ وَأَقْوَى مِنَ العابِرينَ ؛ بَلْ هِيَ أَصْفَى مِنَ المُزايِدينَ، وَأَنقَى ِمنَ المُمَثِلينَ والماكِرينَ والمُخادِعينَ، وَأَنصَعُ مِنَ المُدَعينَ والدَجالينَ، َوالمُتَسَتِرينَ برداءِ الوَطَنيَةِ. كَيفَ لا ؟ وَأَنتَ ابْنُ الَوطَنِ البارِ وَالأَكْثَرَ إخلاصا لِلقيادةِ الهاشِميةِ، وَالأَصْدَقَ تَعبيرًا عَن نَبض الشَعبِ، وَالأَعْلَمَ بأفراحهِ وَأَتراحِهِ، وَطُيورِهِ وَأَزهارِهِ ، وَناسِه ِوَأَجْناسِهِ، وَأعْراقِهِ وَأَطْيافِه!

لَقَدْ عَرَفْتُكَ قَبلَ ما يُقارِبُ عَقدَينِ مِنَ الزَمانِ ، عِندَما تَشاَركْنا مَعَ مَجموعَة ٍمِنَ القامات ِالوَطنيةِ في تَأسيسِ حِزب ِالجَبهَة ِالأُردُنيةِ المُوّحَدةِ . الذي شَكَلَ في حينهِ إِضافةً نَوعِيةً لِلحَياةِ الحِزبِيةِ؛ سَواءْ عَلَى صَعيدِ الخِطابِ السِياسِي أَو البَرامِجِ الوَطَنِيةِ ،وَالرُؤيَةِ المُسْتَقبَليَةِ عِندَما صَدّقْنَا أُكذوبَةَ التَعَدُدِيةِ الحِزبِيَةِ ،وَأَوْهام َالتَنمِيَةِ السِياسيةِ ، قَبْلَ أَنْ يَتِمَ الإِجْهازُعَلَى الحِزبِ ، وَلَمْ أرَى فيكَ إِلاَ الصِدقَ وَالَوفاءَ وَأَمانَةَ الِرجالِ، وَأنتُم ْأَهْلُ الِإتِزانِ وَأَصحابُ المَسؤولِيةِ. مُذْ عَرَفْتُكَ وَأَنتَ تَلَعنُ الصَمْتَ عَن قَولِ الحّقِ، وَتُحَطِمُ حاجِزَ الإِنسِحاب ِأَو التَراجُعِ، وَلا تَنْأَى بِنَفسِكَ عَمَّا يُقَوِضُ عَيْشَ الناسِ وَيُكَدِرُ خاطِرَهُم، وَقَدْ أَقسَمْتَ أَنْ تُقحِمَ نَفسَكَ في سَبيلِ الوَطَن ِوَأَهلِهِ، وَأَنْ تَذِرَ النَفيَ الطَوعِيَ وَتَنصُرَ كُلَ ذِي مَظلَمَةٍ، وَآلَيْتَ ألاّ تَضَعَ نَفْسَكَ في غُربةٍ داخِلَ الوَطَنِ، وَلا تَسيرَ نَحوَ عَزْلِ الذاتِ وَالْنَأيَ فِي وَطَنٍ نَعيشُ بِه ِبِغُربَةٍ !

كَمْ تَمَنَيْنا ذلِكَ الوَطَنَ الأُنموذَج َالذي كانَ يَبدو قَريبَ المَنالِ ؟والَذي أَصْبَحَ شِبهَ مُستَحيلٍ بَعْدَ أَنْ ضاقَ ذَرعًا بِأَهلهِ وَشَبابهِ بِالإعتِقالاتِ وَالتَهديدِ وَالْإِقصاءِ وَالتَضييقِ عَلَى الحُرِياتِ. لَقَد ضَيّقُوا حُدودَ الوَطَنِ حَتى انْحَصَرَ لِثُلَةٍ قَليلةٍ دونَ عامةِ أهلِه بِالقُصورِ الفاخرة والمزارع الشاسعة، والثروات الهائلة، والعطاءات والعقارات، والأرصدة الفَلكِيةِ، التي تَخَطّتْ حُدودَ العالَمِيةِ، وَفنَّدَت القَوانينَ الفيزيائِيةَ وَالكَونِيةَ، حَتى ما عادَ الوَطنُ مَلاذًا آمِنًا لِأموالِهمِ ؛فَحَوّلوهَا لِمَلاذاتٍ غَيرَ آمِنَةٍ.


لَقَدْ قَضَى اللهُ في لَوْحِه ِالمَحفوظِ أَنْ يَكونَ نَجلُ هَزاعٍ المَجالي سائرًا في دَربِ الصَلاحِ والصَوابِ، وَهُوَ الذّي لَقِيَ حَتفَهُ شَهيدًا قَبْل َوَصفي التَل؛ فَلِلشَهيدِ أَنْ يعقبَ مِن بَعدِهِ أَسَدًا باسِلًا.وَلَئِنْ سَلَكْتَ طَريقَ الْأَقَلِيةِ في سَبيلِ الرُجُولَة ِوَالشّرَفِ وَالْكِبرِياءِ، فَلاَ تَأبَه وَلا يَنْزَغَنَكَ نَزْغٌ مِمَنْ يُحاوِلونَ أَنْ يُثَبِطُوا مِنْ هِمَتِك .لَقَد اخْتَرتَ طَريقَ مَنْ يَرَى أَنَهُ في سَبيلِ الوَطَنِ تَهونُ الحَياةَ ، لا طَريقَ مَنْ يقَولُ في سَبيلِ الحَياةِ يَهونُ الَوطَنَ. كَمَا يَفْعَلُ الِصغارُ ،وَالعابِثونَ اللاهِثونَ مِنْ أَجْلِ أَيّ عَرَضٍ زائِلٍ في الحَياةِ الدُنياَ التي لاتَعدِلُ جَناحَ بَعوضَةٍ !

إِنَّ المَواقِفَ الَنبيلَة َوَالشَريفَة َالتي قَدَمْتُموها وَما تَزالُونَ ؛لِتَجنيبَ العِبادَ والبِلادَ مِنْ أَعْظَمِ الشُرورِ، وَالسَعيَ وَراءَ مُحارَبَة ِالفَسادِ وَالإِسْتِبدادِ، وَمُقاوَمَة ِالخِذلانِ والذّلِ ،كَفيلٌ بِأَنْ يَخْلِقَ لَكُم أَعداءًا وَخُصومًا يَرَوْنَ أَنَكَ تُشَكِلُ خُطورَة ًعَلَى بَرامِجِهم ،وَسِياساتِهم وَ امْتيِازاتِهم التي حَصَلُوا عَلَيْها بِمُبارَكَةٍ مِنَ الُمتَخاذِلين ،َوَالمُتَعاوِنينَ مَعَهُم .فَلا تَعْجَب إِنْ فَعلّوُا أَبْواقَهُمُ لِيَجْعَلُوا مِنْكَ عَدُوًا لِلشّعْبِ وَالنِظام ِ، وَأَنْتَ لا تُضْمِرُ في قَلبِكَ إِلاّ الإِخْلاصَ وَالوَفاءَ لِلْوّطَنِ وَالقِياَدةِ . وَكُنْ عَلَى يَقينٍ تامٍ أَنَ سَعْيَهُم هذا شَتَّى أَمامَ جُمُوع ِالمُحِبينَ وَالمُناصِرينَ الذينَ يَرَوْنَ في مَواقِفِكَ رافِعَة ًوَطَنَيةً لِلحُرِيّةِ ،وَالنَهضَةِ ،وَالتَقَدُم ِ،وَالثِقَةِ وَالأَمَلِ في المُسْتَقبَل ِ .

خِتامًا عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَرَ دائِمًا أَنّكَ وَرِفاقِكَ مِنَ القاماتِ الوَطَنيّةِ المُعْتَبرَةِ وَالمَهيبَة ِ؛ لا يُمْكِنُ لَهَا وَلَا يَهونُ عَليَها أَنْ تَصْمِتَ أَمامَ الغُرَباءِ المُتآَمِرين ؛ فَهَذِهِ فِئَةٌ ضالَةٌ لا يُمكِنُ التَعايُشَ وَالإِنسِجامَ مَعَها؛ وَإَنّما يَنبَغي عَلَيْنا رَفْضَهَا وَتَحَديها، وَفَضْح َمُؤامَراتِها.لَيْسَ هذا فَحَسب؛ بَلْ يَتَوّجَبُ عَلًيْنًا أَيْضًا أَنْ نَدْخُلَ في مُجابَهَةٍ مَعَها ، مَهْمِا صَعُبَتْ الظُروف وَمَهْما تَفاقَمَ حَجْمُها ،وَطالَ أَمَدُهَا ! بَعْدَ إِذْ تَيَقنَ الْجَميعُ بِضَياعِ البِلادِ وَ تَهديدِالعِبادِ . فَالشَعبُ يُراهِنُ عَلَيْنَا ، يَنْظُرُ إِلَيْنَا ،وَيَنتَظِرُ مِنّا الكَثيرَ ، وَلَنْ يهَونَ شَعْبٌ يُصِرُ أَبْنائَهُ علَى أَنْ لا يَهونَ .

نَقِفُ مَعَ الحَقِّ أَنَّى كانَ َوحَيثُما كانَ ، وَلا طَاقَة َلَناَ فِي مُواجَهةِ سُنَّةَ اللهِ في خَلْقِه ؛ حَيْثُ فَرَضَ عَلَى الدُنيا بِقَوانينِها أَنّ كَلِمَةَ الحَقِّ هِيَ العُليا ،وَأنَّها َستَنتَصِرُحَتْمًا،وَكانَ أَمْرًا مَقْضِيًا.

وَإِنَنا لَنَرجُوا مِنَ اللهِ أَنْ يُحَقِقَ آمالَنا ،َويَنصُرَ سَعْينَا لِغدٍ مُشرقٍ لِلأُردِن ِوَأَهلهِ وَلِأُمَتِنا العَرَبيةَ . وَفَقَنا اللهُ جَميعًا ، وَثَبتَ قُلوبَنا عَلَى الإِيْمانِ ،وَهَدانا سَواءَ السّبيلِ وَالرّشاد .


أَخوكُم /الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد