إمارة الرَّدَى

mainThumb

15-01-2024 12:34 PM

من لم يغزُها ولم يحدث نفسه بغزوها مات ميتة جاهلية.. يعني: من لا يرفض الظلم ولم يحدث نفسه في رفضه، ومن لا يقف مع الحق ويدافع عن المظلوم، وبالأخص: من لم يكن له موقف من كل ما يجري في غزة وفلسطين والعالم العربي والعالم أجمع من ظلم وتعدٍ على البشر وقتلهم بلا رحمة، فهو سيموت ميتة جاهلية بل هو خارج عن إنسانيته ودينه، والإنسانية بلا دين هي أحط من الحيوانية، مع تقديري للحيوانية، لأن الحيوان مبرمج ليقوم بدور ليس له ضرر على التوازن البيئي والكوني الذي أراده الله سبحانه وتعالى، بل هو منسجم معه.

قد يبادر أحدهم فيقول: أنت تحرّف حديثاً نبوياً!! ليطمئن ذلك المعترض، فأنا لم أتتبع صحة حديث "من لم يغزُ....".. والذي من المرجح أن يكون واقعه وتوجيهه في القرن الهجري الثاني غير ما أريد أنا توجيهه في مقالي اليوم، وليس هذا مكان البحث عن مدى صحته أو اختلاف زمانه، لكنني سأتحدث عن الإنسان كمخلوق أوجده الله ليعمر الأرض ويكون مسؤولا عن التوازن فيها، وهذا الإنسان يجب أن تكون له مواصفات تجعله مؤهلاً للاستخلاف في الارض، وهذا الاستخلاف يترتب عليه واجبات يقوم بها الإنسان نحو بني جنسه ونحو كل المخلوقات والكوكب بأكمله، والتوازن يتحقق بتحقق العدالة.

وبناء على ذلك ما هو واجب الإنسانية تجاه دولة الاحتلال، وانا أقصد "الإنسانية جمعاء" بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق. فوباء دولة الاحتلال المتمثل ب(الحق التاريخي، التعدي، والفوقية المنحطة) يصيب الإنسان كإنسان، وإن كانت توجهه "إمارة الردى" الآن إلى المسلمين في الوقت الحالي، فقد توجه قبل فترة من الزمن إلى الغرب وأخرجه عن انسانيته، وأغرقه بخرافات ينسبها "الشياطين" إلى الدين مثل معاداة السامية، وهي خارجة عن الدين والانسانية، إذ لا تعارض بين الدين الصحيح والإنسانية الصحيحة، فلا فضل لأحد على الآخر إلا بالتقوى والصلاح.

لذلك من لا يرفض "إمارة الشر" ويرفض إجرامها وظلمها الموجه الى العالم وليس إلى العرب فقط، فهو لم يرفض ظلماً ولا يستنكر باطلاً، وسيبقى بلا موقف ولا إنسانية ولا دين.

وإن حاول العالم إحصاء شر هذه الشرذمة المجرمة لا يستطيع إحصاء إجرامها الذي بدأ مع الانبياء قبل الاسلام ومع الاسلام وبعد الاسلام، وما تفعله وفعلته في اوروبا، من حرفها دينياً إلى رعاية انحلالها الأخلاقي والإنساني، يعني شيئاً واحداً وهو قتل إنسانية أمة كبيرة ضيعت كل قيمها ولم يبق منها إلا الشر الذي تلبس بها من شرذمة الشر، وما زالت تحاول قتل جميع الأمم أخلاقياً ودينياً وتحركاتها أصبحت مكشوفة للجميع.

لقد كان العالم أقل انحرافاً قبل التحضير ل "إمارة الردى" ثم زاد انحرافه بعد نشوئها، ثم عندما قامت سلّطت أجهزتها الخبيثة الجبانة على من احتضنها ورعاها "الغرب"، وحضيت بالاهتمام من دول الغرب بابتزازها ومن الأنظمة العربية التي رضيت بها خوفاً وطمعاً.. ولم تترك وسيلة خبيثة إلا واستخدمتها للسيطرة على قرار دول العالم، فاستخدمت المال الحرام والربا واستخدمت الانحراف الجنسي وغذته وجعلته أساساً في بناء إمارتها الخبيثة، التي فرّغت الإنسانية من مضمونها، وتلاعبت بالأديان لتتوافق مع خرافاتها البالية التي يستنكرها العصر الحديث والعلم وصحيح الدين، ورسالة الله المحفوظة، وما زالت بالأديان حتى صارت سرديتها هي المقبولة عند أديان سماوية خضعت لتحريفاتها التي مات زمنها، وآن لها أن تنتهي بعد أن تعالت إلى مدى لا ينبغي لها أن تبلغه، فما عادت جذورها الواهية تستطيع تحمُل حمل أوزارها، وانكشف واقعها للعالم بأنها أمة منحطة حقيرة، قامت على الكذب والتلفيق وامتصاص الشعوب واحتقارها، فاكتشف العالم أنها هي الحقيرة ذات الجذور القذرة ويجب أن تجتث من فوق الأرض "ما لها من قرار".






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد