التحديات الاقتصادية في الشرق الأوسط
تعيش اقتصادات الشرق الأوسط والعالم العربي مرحلة دقيقة، حيث تتقاطع التحديات الداخلية مع الضغوط الخارجية، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤًا ملحوظًا انعكس على معدلات التجارة والاستثمار وتدفقات رأس المال. وبينما تمتلك المنطقة إمكانات بشرية ومالية وطبيعية كبيرة، فإنها تواجه معادلة معقدة تتطلب سياسات أكثر مرونة وإصلاحات جذرية تضمن الاستقرار والنمو المستدام، وفق بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
أول هذه التحديات يتمثل في تقلبات أسعار الطاقة، التي لا تزال شريان الحياة لعدد من الاقتصادات العربية. فقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن العائدات النفطية تراجعت بنحو 6.4% عام 2024، فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة المعروض بمقدار 2.5 مليون برميل يوميًا في 2025، مما يضغط على الأسعار. المصدّرون يعانون من تقلب الإيرادات، والمستوردون يواجهون مخاطر فجائية في حال ارتفاع الأسعار، وهو ما يجعل أمن الطاقة معضلة مشتركة تؤثر مباشرة على قدرة الحكومات على تمويل الموازنات وبرامج التنمية.
إلى جانب ذلك، يشكل العجز المالي وارتفاع الدين العام ضغوطًا متزايدة على المنطقة. فقد بلغ متوسط العجز المالي نحو 3.4% من الناتج المحلي، بينما وصل الدين الخارجي إلى 52.9% من الناتج، ووصل في بعض الدول المستوردة للطاقة إلى 68%، وفق بيانات البنك الدولي. هذه الأرقام تعكس هشاشة مالية واضحة، تؤثر على القدرة على الاستثمار في التعليم والبنية التحتية وخلق الوظائف، ما يزيد من مخاطر البطالة الاجتماعية والسياسية.
كما أثّرت الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية بشكل مباشر على الأمن الغذائي والدوائي في المنطقة، التي تستورد أكثر من 50% من غذائها. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن أي انخفاض بنسبة 1% في تدفق المواد الأساسية يرفع أسعارها النهائية بنسبة 8.5%. هذا الضعف الإمدادي يتقاطع مع شح المياه، الذي يقلص القدرة الزراعية المحلية ويزيد الاعتماد على الواردات، مما يجعل المنطقة عرضة لتضخم مستورد وضغوط على الأسر والاقتصادات المحلية.
التوترات الجيوسياسية تظل عاملًا ثابتًا في المشهد الاقتصادي. فقد قدّر البنك الدولي أن خسائر الصراعات خلال العقد الماضي تجاوزت 800 مليار دولار، بالإضافة إلى تأثيرها على تراجع الاستثمارات والسياحة وتذبذب الأسواق المالية. هذه الاضطرابات تعرقل التكامل الاقتصادي العربي، الذي لا تتجاوز التجارة البينية فيه 18% من إجمالي التجارة، وتنخفض إلى 3% فقط عند استبعاد دول الخليج. ضعف التعاون يعكس فجوة كبيرة في استغلال الإمكانات المشتركة ويزيد اعتماد الدول على الخارج.
القطاع السياحي، رغم إمكاناته الكبيرة، يعاني من فجوة بين القدرات والعوائد. مساهمته في الناتج المحلي لا تتجاوز 6.7%، بينما المنافسة الإقليمية محتدمة والتوترات تجعل السياح الأجانب أكثر ترددًا. هنا يتضح الترابط بين الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، فتعزيز البنية التحتية الرقمية والتسويق السياحي الذكي يمكن أن يزيد الإيرادات غير النفطية ويوفر فرص عمل جديدة للشباب.
التغير المناخي وشح المياه يشكلان تهديدًا مضاعفًا، إذ يبلغ نصيب الفرد من المياه نحو 480 مترًا مكعبًا سنويًا، أي أقل بكثير من خط الفقر المائي، وفق البنك الدولي. توقعات ارتفاع درجات الحرارة بنحو 4–5 درجات مئوية قد يقلص احتياطيات المياه العذبة بنسبة تصل إلى 75% ويخفض إنتاجية الزراعة، ما قد يؤدي إلى فقدان 6–14% من الناتج المحلي بحلول 2050. الاستثمار في التحلية والري الذكي والزراعة المستدامة أصبح ضرورة استراتيجية لضمان الأمن الغذائي والمائي.
ضعف الاستثمار في البحث العلمي والابتكار يشكل عامل ضغط إضافي، حيث لا يتجاوز 0.7% من الناتج المحلي مقارنة بـ3.45% في الولايات المتحدة، ما يحد من قدرة المنطقة على تطوير حلول محلية للتحديات الاقتصادية والبيئية. تعزيز البحث العلمي وربطه بالقطاع الخاص، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية والزراعة الذكية، يعد خطوة أساسية لخلق فرص عمل وتخفيف الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية.
البطالة بين الشباب، التي تتجاوز 26% مقارنة بمتوسط عالمي 12%، هي النتيجة الأوضح لتراكم هذه التحديات. ضعف التنويع الاقتصادي، وعدم توافق التعليم مع احتياجات السوق، وارتفاع الدين العام، كلها عوامل تزيد من صعوبة توفير فرص العمل. معالجة البطالة تتطلب دمج برامج التدريب المهني والتكنولوجي مع استراتيجيات النمو الاقتصادي والتنويع القطاعي.
في ضوء هذه التحديات المتشابكة، تبدو الحاجة ماسة إلى تبني استراتيجيات شاملة تعزز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، من خلال رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى نحو 50% من الناتج المحلي خلال العقد القادم، وإصلاح المالية العامة بخفض مستويات الدين تدريجيًا إلى أقل من 40% من الناتج، مع إعادة توجيه الإنفاق نحو التعليم والبنية التحتية والبحث العلمي.
يتضمن التنفيذ العملي لهذه الاستراتيجية إطلاق برامج إقليمية لتدريب الشباب في التكنولوجيا والطاقة المتجددة، تطوير برامج ري ذكي ومزارع نموذجية للزراعة المستدامة، وربط التمويل البحثي بالمشاريع القابلة للتطبيق الاقتصادي عبر صناديق استثمارية مشتركة بين القطاعين العام والخاص. كما يمكن تعزيز التجارة البينية العربية من خلال تخفيض القيود الجمركية والبيروقراطية، وتطوير منصات رقمية لتسويق المنتجات والسياحة، ما يدعم الإيرادات غير النفطية ويوفر فرص عمل مستدامة للشباب.
إن التحولات الرقمية والاعتماد المتزايد على الاقتصاد الأخضر والابتكار التكنولوجي تتيح للشرق الأوسط فرصة تاريخية لإعادة تشكيل اقتصاده بما يحقق التنوع ويعزز القدرة على الصمود أمام الصدمات العالمية. الاستثمار في الطاقة المتجددة، التقنيات الذكية، والزراعة المستدامة يحول التحديات البيئية والاقتصادية إلى محركات نمو مستدام ورافد جديد لفرص العمل، مع تقوية التكامل الإقليمي والتنافسية العالمية، ما يضع المنطقة على مسار واضح نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
حصيلة قتلى جنود الاحتلال منذ بداية حرب غزة
وزير الثقافة يوقد شعلة مهرجان الفحيص .. صور
حرب بالوكالة .. البطالة النخبوية وصناعة التشويه
الأمير الحسن يرعى انطلاق فعاليات المؤتمر الرابع للطبيبات الأردنيات
البروفيسور الدعجة يتسلّم الدكتوراه الفخرية من المركز السويدي
الترخيص المتنقل في الأزرق من الاحد حتى الثلاثاء
الفيصلي يحسم الكلاسيكو ويستعيد وصافة الدوري
أبو السعود: تخفيض الفاقد المائي خلال الفترة الماضية
التحديات الاقتصادية في الشرق الأوسط
24 مشروعاً جديداً في مجال الطاقة بالأردن
قرارات مجلس نقابة الصحفيين السبت
حجازين: معايير دقيقة لضمان جدوى المشاريع السياحية
بعد احتلالها .. البدء بإجلاء الفلسطينيين من مدينة غزة خلال أيام
التربية تدعو مرشحين لإشغال وظيفة معلم .. أسماء
ترفيع وإنهاء خدمات موظفين لاستحقاق التقاعد المبكر .. أسماء
إعلان نتائج التوجيهي جيل 2008 إلكترونيًا وورقيًا نهاية آب
مهم بشأن موعد نتائج التوجيهي 2008
مدعوون للامتحان التنافسي في شركة حكومية .. أسماء
إعادة تفعيل رابط المكرمة الملكية ليوم واحد
الجواز الإلكتروني الأردني متاح دون إلزام بتجديد القديم
وقف ضخ المياه عن مناطق في عمان والرصيفة إثر اعتداء على خط الديسي
طب اليرموك تفجع بوفاة الطالب أزهر الزعبي
توضيح حول حقيقة شروط خدمة العلم المتداولة بين المواطنين
التربية تحدد موعد توزيع الكتب المدرسية
تنقلات واسعة في أمانة عمان الكبرى .. أسماء
غرامات على المخالفين لوضع الحواجز في عمّان