حين يطلّ خريجو هارفارد… نتذكر هزاع ووصفي , ذوقان الهنداوي وأحمد عبيدات

mainThumb

11-09-2025 11:38 AM

ما انفك الوزراء والرؤساء السابقون يطلّون علينا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والبودكاست، يستعرضون بطولاتهم، ويفردون عضلاتهم على شعب أنهكته السياسات الخاطئة، وكأنهم لم يكونوا السبب في الخراب الذي نعيشه. يحدثوننا عن تجربتهم في مقدرات الشعب...ويوسمون أنفسهم بخريجي هارفارد ويظنون أنها شهادة ألالهام والتقوى ، بينما لم نحصد منهم إلا خراب الديار وتدمير الاقتصاد وإفقار العباد.
هؤلاء هم من أغرقوا الأردن بالمديونية، ورهنوا سيادته للبنك وصندوق النقد الدولي، حتى غدت السيادة السياسية مرهونة للغير. هم من أضعفوا بلدنا دوره الإقليمي الفاعل، وجعلوه تابعًا بعد أن كان صاحب موقف وقرار.
وهم من باعوا مقدرات الوطن الاقتصادية بأبخس الأثمان تحت شعار الخصخصة ،الكهرباء .. صندوق الادخار.. الفوسفات .. البوتاس .. المواني .. وكر.. فانتقلت الشركات الوطنية إلى جيوبهم وزبائنهم، وضاع حق الشعب. ولم يعلّمونا في تجربتهم شيئًا سوى "الدلع الوطني والغنج السياسي والملاهة القومية والسماجة القطرية"، والمداهنة والمذله للخارج. في زمنهم قفز الدين العام إلى أكثر من ستين مليار دولار، بينما أثقلت ديون المواطنين ظهورهم بأكثر من عشرين مليارًا. فأين ذهبت تلك الأموال؟
استوردوا من الغرب ثقافة لا تناسب قيمنا ولا ديننا. معاهدات مثل "سيداو" وقوانين مزعومة لحقوق المرأة والطفل لم تكن سوى واجهة لاسترضاء الخارج، بينما عانى المواطن الفقر والبطالة. جعلوا من قضايا الكلاب حديث المجتمع ... يتراكضون عليها .. وتدر صدورهم حنيه.. على العو ، وتركوا هموم الناس الحقيقية بلا حل.
توارثوا المناصب كما يتوارث الناس الأملاك: من الجد إلى الابن إلى الحفيد. ادّعوا أن وصولهم كان بجهودهم، بينما الكفاءات الحقيقية أُقصيت. دخلوا المسؤولية بالدلال وخرجوا بملايينهم، وتركوا الشعب محطمًا. خرجوا من الدولة بأرصدة فاحشة، بينما نحن لم نحصد إلا الخراب.… هارفارد وأخواتها ، ليتكم لم تكونوا وكنا مكانكم ولم نكن نعرفكم... لقد أكلتمونا حتى العظم... وشربتمونا حتى الثماله ولم تسكروا بعد.
في المقابل ، يقف الشرفاء من رجالات الأردن الذين لم يكونوا خريجي هارفارد، ولا حملوا ألقابًا رنانة، بل حملوا همّ الوطن في قلوبهم وضمائرهم وصدقوا الله في خدمتهم. هزاع المجالي ووصفي التل وذوقان الهنداوي وأحمد عبيدات كانوا أبناء الشعب، عاشوا كفلاحين وحراثين، وُلدوا بكرم البساطة و"مغرفة العدس بطنجرتهم وحلوقهم وكردوش الخبز بمنسفتهم وملفتها"، فبنوا الأردن لبنة لبنة مع الهاشميين ,جعلوا من بلدهم مركز إشعاع سياسي وتعليمي في المنطقة، وكانوا أصحاب ولاية حقيقية، يرفعون صوت الحق ولا يخافون في قول الحقيقة لومة لائم.
لم يراكموا الملايين، بل عاشوا بالملاميم. هزاع ووصفي دفعوا حياتهم وفائا للوطن رحمهم الله ... ذوقان الهنداوي( رحمه الله) استدان مبلغ 200 دينار من قريبه كي يقيم وليمه على شرف ضيفه الشريف زيد بن شاكر رحمه الله ، وأحمد عبيدات " اطال الله عمره" عاد بعد رئاسة الوزراء ليكسب رزقه من مكتبه للمحاماة بشرف، لا بجمع الغنائم. بعضهم باع أرضه ليسدد ديونه، ودفنوا في الأردن بعد أن عاشوا فيه بصدق وأمانة ولم تلفظهم الأرض، بينما غيرهم جمعوا الثروات وتركوا الشعب في ضنك الحال عسى السبع الأراضين تلفظهم.
الفرق بين الفريقين واضح: هناك من استورد إلينا "الغنج السياسي" والدلع الوطني ليُضيّع البلد، وهناك من عاشوا ببساطة وبنوا وطنًا أقوى وأكرم.
كفّوا عن استهزائكم بالشعب واستغبائكم له واستظرافكم علينا. رائحة فسادكم أزكمت أنوفنا، وضجيجكم أصمّ آذاننا. الشعب يريد رجالات أوفياء، لا متسلقين مهرجين متاجرين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد