عن كذبة الأمن والأمان في الأردن

mainThumb

11-09-2025 07:50 PM

تعرضت لموقف مفاجئ في منطقة "أم السوس" على أطراف عمان حيث كنا نجلس أنا وصديقتي في السيارة ونتحدث
أثناء شربنا لقهوة الطريق بعد حلول المساء،وقد تفاجأنا باقتراب سيارة يستقلها شاب تزينه الملامح البدوية في مقتبل العمر وقد أنزل زجاج نافذة سيارته وبادر بالسؤال بأسلوب مهذب:
"خيتي بي مشكلة ؟ ودكن أساعدكن بشي؟"
فأجبناه ب
"لا" وشكرناه ،فأكمل :
"انتن خواتي بعهد الله وساكن قريب من هان وإذا محتاجين شي أمانة الله ابشرن "
شكرناه بشدة وأجبناه "تبشر بالسعد" وقلنا له بأن المكان آمن خصوصاً بوجود من هم أمثاله و لا نحتاج شيئا وبسؤاله واهتمامه شعرنا بأمان أكبر من ذي قبل.
وموقف آخر تبعه بفترة حيث كنت مع صديقتي في حفل تخرج مقام في مزرعة على "طريق المطار"وقد ضللنا الطريق وخانتنا تغطية الإنترنت وفقدنا بوصلة طريق العودة وقاربت الساعة الثانية صباحاً حيث رأينا على قارعة الطريق مجموعة من الرجال يبدو أصغرهم في الستين من عمره يفترشون الأرض ويرتدون كل منهم "فروة" ورائحة القهوة العربية تعبق في المكان،وسألناهم عن الطريق وأرشدونا وخاطبناهم ممازحين :
"والله شكل التعليلة عندكم بتشرح النفس"
وردوا:" ارحبن بالله تفضلن واشربن قهوة "
وشكرناهم واعتذرنا لأننا على عجالة وسلكنا طريق العودة.حينها تبادر لذهني أيام دراستي" لعلم الجريمة في جامعة مؤتة السيف والقلم" في تلك الفترة ،تحديداً في شهر رمضان المبارك، كنت مدعوة على مائدة إفطار وفاتني أن أطلب سيارة لعمان في الوقت المناسب ووجدتني أبحث عن سيارة في الوقت الضائع.
والطريف في الأمر أن كل سيارة كنت أطلبها كان يشترط علي السائق وبإصرار أن أتناول طعام الإفطار مع عائلته وبعدها يوصلني.
ولأول مرة في حياتي شعرت بأنني في كنف عائلتي الكبيرة وأهلي وتبدد عندي شعور الغربة في مدينة لا أسكن فيها وفرحت بملئ القلب.
وتبرع سائق بايصالي لعمان وبأجرة راكب واحد حتى لا يثقل علي ولا يستغل ظرفي وبعد أن ركبت سيارته وبمحض المصادفة حصل السائق على حمولة كاملة من الركاب مكونة من عائلة ووصلت ساعة الإفطار بالضبط.
وهنا تساءلت كيف أنك حين تقطن في بلد كالأردن سواء كنت مقيماً أو زائراً قد تتبادر لسمعك هذه الجملة بشكل أو بآخر وقد يقولها البعض من منطلق ايمان راسخ أو بمحض السخرية:" كذبة الأمن والأمان"
ولكن السؤال هنا يكمن في مدى واقعية هذه العبارة وتجسيدها على أرض الواقع، فقبل دراستي لتخصص علم الجريمة كان يساورني الشك في كينونة هذه العبارة وتجلي روحها الحقيقية في مجتمعنا الأردني حيث أن الحكم هنا يختلف إذ يخرج من قالب الانتقاد العشوائي إلى مربع الباحث الذي يستند إلى أرقام وإحصائيات ونسب الجريمة والإنتهاكات والتي لا تكاد تذكر مقارنة بالبلدان الأخرى،ويصنف الأردن ضمن الدول الآمنة إلى حد كبير عالمياً إذ يحتل المرتبة(62) عالمياً من حيث الأمان وفق مؤشر السلام العالمي (لعام 2023) وهذا ما يجعل للأردن خصوصية متفردة ولا تشبه بخصوصيتها أي بلد آخر بطابعها العشائري الأصيل فالأردن يشكل فسيفساء جمالية خصوصاً لاحتواءه على ديمغرافية سكانية متنوعة بسبب الظروف السياسية والإقتصادية المحيطة به.
وبعد الإستناد للعلم والوقائع فإن عبارة الأمن والأمان هي أصدق عبارة تصف مجتمعنا وبلدنا الحبيب أردن أرض العزم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد