صرخة والحكومة الغائبة

mainThumb

24-09-2025 09:53 AM

صرخة الفنانيـن في الأردن لم تأتِ من فراغ، بل من تراكم خيبات، من ذاكرة تغصّ بالأعمال التي رفعت اسم الأردن عالياً، ومن مرارة حاضرٍ يتجاهل هوية الدراما ويغتال تاريخها.

الفنانون أطلقوا صرخة البقاء، صرخة الذكريات، صرخة تساؤل مريرة: أين وصلت الدراما الأردنية؟ وأين وصل الأردن وتاريخه ومعاركه التي خاضها دفاعاً عن الأرض والهوية؟
في الوقت الذي تحاول فيه الحكومات أن تضع الوطن في مرمى الاستجداء والخذلان، يبقى الفنان هو من يذكّرنا بأن الهوية ليست ورقة تفاوض، وأن الدراما ليست ترفاً بل وطن وشرف.

أي حكومة لا تدرك أن الفن مرآة الأمة فهي حكومة عمياء.
هل تعلم الحكومة الحالية أن الفنان الأردني كان ذات يوم محور نقاش العرب؟
هل تعلم أن المرحوم أسامة المشيني استُقبل في بغداد بواحد وعشرين طلقة مدفع بعد نجاح مسلسل عروة بن الورد، وأن شخصية بطيحان التي جسّدها زهير النوباني استفزت نظام صدام حسين في الثمانينات لما حملته من قوة تأثير في وجدان المعارضة العراقية؟

هذه ليست حكايات للزينة، بل شواهد على أن الدراما الأردنية كانت ذات يوم قوة ناعمة تفوق السلاح، وكانت نافذة للكرامة الوطنية والوعي الجمعي. واليوم، أين هي؟ من يجرؤ أن يسأل الحكومة: لماذا غابت؟ لماذا تُرك الفنانون في الهامش، يُصارعون من أجل البقاء، فيما تُهدر الملايين على توافه لا تترك أثراً في وعي الناس؟

الدراما ليست مشروعاً ثانوياً، ولا مائدة يتصدقون عليها بالفتات، بل هي معركة وجود، مثلها مثل التاريخ والجغرافيا والتعليم.
وإذا استمرت الحكومة غائبة، فإن صرخة الفنانين ستظل شاهدة على زمنٍ أهمل فيه المسؤولون وطنهم الثقافي والفني، وتركوها تُسرق كما تُسرق الذاكرة.

إنها ليست صرخة عابرة، بل صرخة إدانة لحكومة لا تعرف أن الفن هو آخر حصون الهوية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد