متى تستقرّ البيوت

mainThumb

22-10-2025 11:17 PM

يست البيوت مجرّد جدرانٍ تُشيّد، بل هي أوطانٌ تُؤسس على يقين. واستقرارها لا يُقاس بمتانة حجارتها، بل بصلابة مبادئ من يقفون فيها. فكيف تستقرّ، وأعمدة بنائها تتلاعب بها رياح المصالح، وتتأرجح بها قوارب العبور إلى المناصب؟

ما أتعسَ أن تكون المبادئُ موسمًا للترحال!

فقد رأيتُ– كما ترون – كيف تتحوّل الساحة أحيانًا إلى سوقٍ للمساومات، حيث يُباع الولاء ويُشترى، وتُطوى الرؤى كما تُطوى الأوراق المالية. هذه "السياحة الحزبية" ليست دليلَ مرونةٍ ولا ذكاءٍ سياسي، بل هي شهادة إفلاس. إفلاس في الرؤية، وإفلاس في المشروع، وإفلاس في الثقة.

وتسألني: ما البديل؟

أقول:البديل أن نعود إلى الجوهر.

أن نصنع من السياسة فنًا لخدمة الحياة،لا مطارًا للهبوط والإقلاب حسب الريح.

أن نؤسس لمدارس فكرية تكون ساحاتُها ساحات عطاء،لا مزارعَ لتربية الأتباع وتصفية الحسابات.

لقد عشتُ وتنفّستُ غبار هذه الساحات، فأيقنتُ أن البناء الحقيقي لا يقوم على رمال المتحوّلين.

إنما يقوم على أكتاف الراسخين،الذين يعرفون أن الوطن مشروعٌ يُصنع بالإرادة، لا ورقةٌ تُلعَبُ بالأهواء.

هم أولئك الذين يقدمون مشاريع النفع العام حجرًا حجرًا، ويحفظون مقدرات الأمة كما تحفظ النفوس الأرواح. هم الأعمدة، لا السائحون.

فإن أردنا لبيوتنا أن تستقر، فلنبدأ باختيار البنّائين.

ولنعلم أن الغصن الذي لا جذور له،لا ظلّ يُنتظر منه، ولا ثمر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد