أحمد عبيدات: لا تخرج من غار حرثا

أحمد عبيدات: لا تخرج من غار حرثا

01-10-2009 12:00 AM

لا تخرج أيها القـدّيس ... تماهى مع روح غارك ... فرائحة العتمة ، أزكى من عفونة المنطرحين في وهج ضياء مزعوم . رائحة الغار مسك . ورائحة شمسهم المزورة عفونة .... أنساغ متفسّخة ، وأوصال مقطّعة.

أربض بغارك أيها القديس . فمنه تنسج للوطن حكايات العشق ، وتتلو على أبنائه قصائد وأسرار ، لا تجرؤ صحف الشمس على نشرها ، وحين انسحاب خيوط شمسهم العجوز، المتسللة لغارك المقدس ، تجثوا على ركبتيك المباركتين ، لتقرأ على مسامعنا أسفار الربع ، الذين غسلوا جدران وطن ، بعرق (نــزّ) من بشرة سمراء ، أنكرها طلاب مدارسنا ، وجحدتها كتب التاريخ ، لرفاق تاهت أخبارهم بين شاشات ملعونة ، وصحف صفراء باهتة ، لونها لون الخريف ، ورائحتها رائحة الزهر الميت ، في دكاكين تجار المدينة .

اربض بغارك أيها القديس .

فما تراه سنا ألعاب نارية ، وما هو ببرق في أطراف حوران . وما تسمعه صوت طبول وغناء ، وما هو بـ (راعد) في أول الوسم.

من هناك أيها القديس ، من عتمة الغار . انسج لنا بخيوط الشمس الشرقية ، كوفية حمراء أردنية ، رائحتها رائحة العسكر ، الرابضين بخنادقهم في ليل كانون ، فهم لا يزالون يغنون لوصفي التل : ( (صفن رفوف الحجل رفٍ وراء رفٍ

يا مهدبات الهدب غنن على وصفي )

وحين تقترب بساطيرهم ، ليقفوا بتأدّب المذنبين التائبين ، ليتهيأوا بحضرة حابس الكتيبة : حابس المجالي .

طوبى .... للراحلين الراجلين أمثالك ، الراحلين بلا زاد ، أبناء الزهر والصوان .... طوبى ، لمن سال الوابل بين أكفهم ، وبين بنادق عشقتهم ، فبادلوه العشق . طوبى ... ( للحارثين الحاصدين) النجباء ؛ الذين ( تزنروا) بالجوع ، والتهموا بقايا الحبّ المتشبث بأطراف المناجل ، الحالمين بصباح نديّ ، لبيادر قمح ذوت سنابله ، وحقول صيف غادرها الخصب . طوبى لكم أيها الراحلون من غورنا لـ (شفانا) ، يا من تشرّبت من عصائر أكفكم ، ومن أنين معاولكم المنهكة ، شقراوات عمان . يا من عافت أنفسكم شرب ماء البغاء ، فماء البغاء رجس . .. وأهازيج العسكر المنهزمين عار... وأغاني الوطن المهزوم لحن جنائز.

يا أهل حوران ، ويا نشامى شيحان ، يا فرسان البلقاء ، أيها الصابرين في بوادينا ، أيها (المنزرعين) في رحم الأرض ، القابضين على جمرها ، القانعين بعطائها ، يا من عضكم جوعها ، وشربتم ماءها العكر:

دعوا الناسك في محرابه ، ولا تفسدوا عليه خلوته ، واستمعوا فقط ، لتراتيل عشقه لتراب وطن ، سالت عليه دماء وصفي وهزاع ، فالصمت أبلغ .

Hasan.alazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد