الإصلاح .. والخطر القادم

الإصلاح ..   والخطر القادم

20-11-2011 05:42 PM

" كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم هلكوا وهلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ” .

لو تأملنا في الحديث الشريف السابق لوجدنا إنها تنطبق على أوضاعنا حالياً , فنحن في الأردن جميعاً نشترك بسفينة واحدة , لكل منا سهماً فيها , ولكن هذا السهم لا يباع ولا يشترى , ولا يجوز العبث به ولا يجوز أن تجتمع مجموعة على خرق نصيبها من السفينة لان هذا سيغرقنا جميعاً , لأننا نعيش في الأردن ومن حولنا بؤر ملتهبة , وأعين تترصد بنا لترى الفرصة سانحة للانقضاض علينا , ولدينا بؤر داخلية مريضة أيضا تنتظر دورها , ولدينا في الأردن نيران خامدة لا نعرف متى تشتعل من جديد , فلعن الله من يوقدها , كل هذا يحدث وشبابنا ينجرون وراء أفكار هادمة تسعى لمصلحة آو منفعة متناسين ما سوف يحدث لا سمح الله إن تفاقمت الأمور.

و هولاء ينقسمون عدة أقسام , فمنهم جماعات لها فكر غير وطني ,غريب عن المجتمع , ومنهم من يلهث وراء مصلحة أو منفعة خاصة ومنهم من يسعى للشهرة , وغالبيتهم غوغاء يرددوا ما يسمعوا من غير تفكير ولا معرفة , من قبيل إنهم يشاركوا بالتغيير وصنع التاريخ , ويذكرني هذا بوقت انتشار البورصات قبل عدة سنوات حيث ابتعد عنها كبار الاقتصاديين لقلة خبرتهم بها بينما عمل بها الطوبرجية وبائعي الخضرة , فتجد شعارات مكتوبة لا يعرف حاملها ماذا تعني , ولا هو مقتنع بها ولا يعرف إذا كانت في مصلحة الوطن أم لا .

اننا نتحدث عن وطن وليس عن صفقة تجارية , والوطن للجميع له ثوابت استقر رأي الجميع عليها , لا يجوز لفرد او جماعة أن يطالبوا بتغيير تلك الثوابت , ومع ان حرية الرأي مكفولة وواردة , واختلاف الرأي يعتبر من الايجابيات , إلا ان الاختلاف يجب أن يكون بالطريقة والمنهج وليس في الثوابت , ويجوز لك أن تختلف معي في الرأي ولكن لا يجوز لأن تخرق نصيبك في سفينة نشترك بها , ولا يجوز ان تسحبني لفكرة عامة ترجو من خلالها مصلحة خاصة .

نحن كمواطنين لنا الحرية بالتعبير عن أرائنا بطريق حضارية بناءة , ولنا الحق بالمشاركة في السياسة من خلال الانتخابات , فلماذا ننتخب الأقرب لنا دماً وهو غير صالح ونترك الأبعد وهو الأصلح , ثم نطالب بالعدل والمساواة .. فلماذا لا تطبق هذا على نفسك ؟ من له الحق في التعبير هو من يدرك مصلحة وطنه أولا ثم يدرك بماذا وكيف يطالب , ثم لا يخرق السفينة والأهم من هذا أن يدرك أن للآخرين أيضا رأي ربما يخالفه ولكنه قد يكون الأصوب.

ولو فرضنا أن الإصلاح المطلوب هو التقدم 10 خطوات للأمام , فإن التقدم خطوة واحدة في كل عام مثلاً أفضل من إحداث فوضى قد تعيدنا 100 خطوة للخلف دفعة واحدة , وان الثبات على الحال أفضل من تدهور الأحوال , ثم أننا من ناحية الحريات أفضل وضعاً من دول كثيرة , فللجميع الحرية بالكلمة والتعبير وغيرها وسلوك الأجهزة الأمنية لدينا أرقى منه في بريطانيا وهي رأس الديموقراطية في العالم , ومن تابع الأحداث التي وقعت في لندن قبل عدة شهور , رأى على الشاشة كيفية تصرف قوات الأمن لديهم , ومن يطالب بإلغاء جهاز المخابرات العامة فينطبق عليه المثل القائل " اللي على رأسه بطحة يحسس عليها " .. أي أن لديه نية للخراب, فلم نسمع يوماً لا في بلد أجنبي أو عربي من طالب بمثل هذا الطلب المجنون , حتى وإن تدخلوا في كل شيء طالما للمصلحة العامة .

ومع هذا كله فأنني مع الإصلاح القائم على مصلحة الوطن , الإصلاح الثابت والمتعقل الذي لا يخرق سفينتا جميعاً , والتعبير الحضاري عن الرأي , والثبات على الموقف والرأي السديد , والعمل على نشر التوعية بأهمية الوطن والمحافظة عليه , بعيداً عن المصالح الخاصة والشخصية , وبعيداً عن الشعارات الفارغة والهدامة , وإنني أعارض أية توجهات أو اتجاهات حكومية لا تصب بمصلحة الوطن , وأعارض أي مساس بمقدرات وممتلكات وتقاليد الوطن , وأعارض أي تجاوزات على القانون لأي كان , ولكني لا أعارض وطني , فالوطن للجميع وهو دائماً على حق.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد