في الآونة الأخيرة توالت التصريحات الإيرانية الصادرة عن طهران والتي تهدد فيها بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة البحرية الدولية كما خرجت علينا طهران لتعلن صراحة أنها ستقف مع نظام بشار الأسد ضد أي اعتداء خارجي وهذه التصريحات وغيرها تذكرنا بتلك التصريحات التي كان يطلقها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عن تدمير إسرائيل فهي لا تعدو كونها كلمات تطلق من أجل الاستهلاك المحلي ليس إلا .
فإيران لا تملك القدرة العسكرية الضاربة لغلق مضيق هرمز وهي لم تفعل ذلك أثناء الحرب العراقية الإيرانية وحتى لو حاولت فعل ذلك فهي لن تنجح كون ترسانتها الحربية تفتقر إلى التكنولوجيا الحديثة وكونها تعتمد في الغالب على أسلحة روسية قديمة يعاد تطويرها لكن وفق القدرات العسكرية الممكنة للحرس الثوري الإيراني وهي بطبيعة الحال لن تقدم نحو هذا الانتحار العسكري كونها تدرك بأن هذه الخطوة سيكون لها مخاطر سياسية وعسكرية واقتصادية على إيران في الدرجة الأولى وليس الغرب ولكون هذه الخطوة غير ذات جدوى لعدم التمكن من الغلق الدائم للمضيق حتى وإن استخدمت إيران الألغام أو الزوارق الحربية الصغيرة فإيران تعاني منذ عدة سنوات من أزمة اقتصادية خانقة وقد زاد من أعباء هذه الأزمة الاقتصادية العقوبات التي فرضت مؤخراً على قطاع النفط الإيراني وفي حالة غلق مضيق هرمز لن تتمكن إيران من بيع نفطها لبعض الدول التي لا ترغب في تطبيق العقوبات عليها كالهند وهذا سينعكس سلباً على الاقتصاد الإيراني المتأزم أصلاً كما إن تفكير ملالي إيران بمثل هذا الفعل يشبه تفكير رجل بأن يطلق النار على قدميه أمام باب المنزل ليمنع أي شخص من عبور الباب فهل في هذا منطق وحكمة سياسية ؟!!
إن هذا يوضح أن التهديدات الإيرانية بغلق مضيق هرمز مجرد كلام يفتقد إلى الحنكة السياسية كما أن إيران تشهد بوادر أزمة سياسية داخلية تلوح في الأفق قد تفجرها الانتخابات التشريعية والتي ستجري في شهر آذار من هذا العام ففي ظل سيطرة التيار المحافظ على مقاليد الحكم والمدعوم بديكتاتورية دينية تحكم الشعب الإيراني باسم المهدي المنتظر والممثلة بالولي الفقية خامنئي الحاكم الحقيقي لإيران يخشى هذا التيار من صعود التيار الإصلاحي وفوزه في الانتخابات التشريعية وبالتالي تدرك حكومة الملالي في طهران وعلى رأسهم خامنئي أن الهروب إلى الأمام بجر البلاد إلى مواجهة عسكرية مع الغرب لا يخدم مصالح التيار المحافظ في إيران وقد تشكل بداية النهاية لحكم الملالي لذا سيكون اهتمام هذا التيار في المرحلة القادمة الداخل الإيراني من أجل السيطرة على البرلمان الإيراني حتى ولو تم تزوير الانتخابات كما حصل سابقاً في الانتخابات الرئاسية وبالنسبة للحليف بشار الأسد فإن طهران لن تنقذ ورقة بشار لعجزها عن ذلك لكنها ستعمل على إطالة بقاء نظام الأسد من خلال تزويده بالسلاح والمال بالتعاون مع حكومة نوري المالكي وفي حالة سقوط النظام الأسدي ستقوم طهران بتطبيق ما طبقته من قبل في العراق حيث ستعمل على إرسال الميليشيات المسلحة إلى سوريا لقتل الناس وإشعال الحرب الأهلية حتى لا تستقر الأمور في سوريا ويبقى لطهران القدرة على تهريب السلاح لحزب الله اللبناني كما تبقى بيدها الورقة السورية تساوم بها الغرب كما حصل من قبل في العراق حتى أن طهران في النهاية هي من اختارت رئيس وزراء العراق وبموافقة أمريكية ومع ذلك نأمل أن لا يحصل مثل هذا في سوريا في ظل إدراك غالبية الشعب السوري للدور الذي تلعبه إيران في المنطقة ...