لفظُ النجم في الشعر العربي

mainThumb

23-05-2014 03:12 PM

نجد بعض الأدباء والعلماء يقولون : إذا قيل أبو بكر في كُتُب النحاة ، فالمقصود ابنُ السَّرَّاج ، وإذا قيل : المدينة فالمقصود ، مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهذا باب ( ...التغليب ) !

وفي عالم الكواكب والنجوم نجد في موروثنا الشعري يتكررُ اسم ( النجم ) ، والنجوم كثيرةٌ لا تُحْصى ، والعرب من أعلم الناس بالنجوم وأنوائها ؛ فكانت الغبراءُ فراشَهم ، والخضراءُ غِطاءَهم ؛ فلذلك أبدعوا أيَّما ابداعٍ في معرفة النجوم .

ولِنَتَعَرَّفَ إلى اسم ( النجم ) في شعر العرب .

لقد تَغَنَّى العربي بالنجم فمرَّةً يشكو له طول السَّهر وعزوبَ الكرى عن أجفانه ، ومرَّة يُشَبِّه محبوبتَه به من جهة النور والتَّلَألُؤ ، فهو من رُفَقائهم في حِلِّهم وترحالهم ، ولهذا جاء ذكرُه في محكم التنزيل :
( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) .

بل سمَّى الله سورة به : ( سورة النجم ) : ( والنَّجْم إذا هوى ، ما ضلَّ صاحبُكم وما غوى ... ) .

فالنجم يتكرر في شعر العرب مرات ومرات ، كما يتكرر ذكرُ الناقة ، وذكرُ الخيل ، وذكر السيف ... وكما أسلفنا في المقدمة ماذا يقصد العربي بالنجم مع أن النجوم كثيرة ومتعدِّدة ؟

لقد نَصَّ المتضَلِّعون في الأدب العربي على أن المقصود من ( النجم ) هي ( الثُّرَيَّا ) دون غيرها ، قال البغدادي في ( خزانته ) ( 1 / 607 ) عند الحديث عن ( الغلبة ) :

( ... معنى الغلبة أن يكون اللفظ في أصل الوضع عاما في أشياء ، ثم يصيرُ بكثرة الاستعمال في أحدها أشهر بحيث لا يحتاج لذلك الشيء إلى قرينة بخلاف سائر ما كان واقعا عليه ، كابن عباس فإنَّه كان عاما يقع على كل واحدٍ من بني العباس ثم صار أشهر في عبد الله فلا يحتاج إلى قرينة بخلاف سائر إخوانه ، وكذا النجم في الثُّرَيَّا ، والبيت في الكعبة ... ) .

فهذا نصٌّ واضح أنَّ النجم عند العرب في أشعارهم هي ( الثُّرَيَّا ) دون غيرها من النجوم الأخرى .

قال الشاعر :

أمَّا ابنُ طَوْقٍ فقد أَوْفى بِذِمَّتِهِ ........ كما وَفَى بِقلاص النجم حاديها .

قال البغدادي ( الخزانة ) ( 2 / 693 ) : ( والنجم الثُّرَيَّا ) .

والثُّريَّا مُصَغَّر ( ثَرْوى ) مؤنث ثروان ، وهو ذو ثروة ، أما ثروتُها ؛ لأنها ستة أنجم ، وأما تحقير ثروتها فواضح وهو قلة العدد .

قال اللَّبْلي : سُمِّيَتْ الثُّرَيَّا ؛ لأن مطرَها يكون منه الثَّرْوة والغنى ، وهو مصغَّرُ ثروى ، ولم يُسْتَعمل إلا مُصَغَّرة .

قال ابو منصور الجواليقي – رحمه الله – في ( شرح أدب الكاتب ) ( 179 ) عند الحديث عن ( باب معرفة في السماء والنجوم والازمان والرياح ) :

( والثُّرَيَّا تُسَمَّى النجم ) .

فكلُّ لفظ للنجم في الشعر العربي يُرَاد به ( الثُّريَّا ) دون غيرها من الكواكب ، فقولُ ابن الملوح :

فَما طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ
..... وَلا الصُبحُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا .

يقصد بطلوع النجم أي طلوع الثُّرَيَّا ، بهذا نكون سلَّطْنا الضوء على مقصود النجم في الشعر العربي .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد