أبو القعقاع مقدمة للبغدادي والملالي!

mainThumb

16-12-2015 10:59 AM

إن بعض الوجوه المتسترة بقناع الدين هي الشيطان بكل ‏تفاصيلها التي عرفناها والتي لم نعرفها، وإنها المصيبة التي ‏ابتلينا بها بسبب عاطفتنا الجارفة التي لا تقيدها الموضوعية ‏ولا تحكمها العقلانية، فأصبحنا كالقطيع نهرول خلف كل داع، ‏وصرنا كالعميان وهم لنا أدلاء يقودونا نحو الهاوية بلا تفكير ‏وبلا تمحيص، وهذا ليس ذنب الشعوب البائسة؛ وإنما لغياب ‏الثقة الحقيقية بينها وبين من يقودونها في كل المراحل السالفة.‏
 
ففي بداية الغزو الأمريكي للعراق ، ومع بداية انتشار ‏الفضائيات ووصولها لكل فئات المجتمع العربي والإسلامي ‏في العالم الأول والثاني والثالث، ظهر المدعو محمود غول ‏أغاسي الملقب بـ أبو القعقاع" في سورية، وكان يتحدث ‏بعاطفة الأمة وبقوة لا نظير لها ، حتى أنه قد جمع حولة آلاف ‏الناس بخطابه القوي، ونبرة صوته العالية ، وحدة انتقاداته ‏لكل من حالف "الشيطان الأكبر" وبدعوته الناس للجهاد في ‏أرض الرافدين، وهذا الخط يتعارض كلياً مع منهج القيادة ‏السورية التي ناصبت الرئيس صدام حسين العداء حتى ‏الاطاحة به عام 2003 على يد القوات الأمريكية الغازية ومن ‏حالفها من دول غربية وشرقية ، فإيران كانت أقوى الداعمين ‏ومن معها من مليشيات تابعة لها للغزو الأمريكي لمن تعتبره ‏حجر عثرة في طريق تصديرها لثورتها المقيتة.‏
 
ظهر الملقب بـ "أبو القعقاع" بمظهر الثائر المحرر والمخلص ‏للشعوب من نير الاستبداد والاستعباد، وكانت الأجهزة الأمنية ‏في سوريا تخشاه ، نعم كانت تخشاه ، وكان ضابط الأمن أو ‏رجل الأمن لا يجرؤ على الاقتراب منه ، وكان يجمع حوله ‏من الشباب الذين يتبعون منهج " السلفية الجهادية" وكانوا قد ‏ازدادوا في تلك الفترة بسبب ما يحدث في بلاد المسلمين، ‏وبسبب غياب الصوت الإسلامي المعتدل وخروجه من سوريا ‏في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وكان "أبو القعقاع" ‏يسجلهم للجهاد في سوريا على مرأى ومسمع من أعين النظام ‏وزبانيته، ويقيم لهم معسكرات التدريب، عجباً! فأين أجهزة ‏الأمن البعثية السليطة التي تسمع همس النملة السوداء في ‏الليلة الظلماء في زحمة الضوضاء؟! أيعقل بأن تجري هكذا ‏أحداث بلا تدخل منها ؟!.‏
 
ما كان "أبو القعقاع" إلا أداة بيد النظام السوري وما كان إلا ‏صنيعتها، كان له المسار الذي يسير وفقه وكما حدد له، وقد ‏حدده له النظام بكل عبقريته الإجرامية، فالنظام السوري أراد ‏تجميع الشباب السلفي لكي يلقي بهم في محرقة العراق، ‏فإيران كانت قد أوعزت للنظام السوري بأن يجمع هؤلاء ‏الشباب، وبأن يدفع بهم نحو "الجهاد" في العراق، وكان ‏الهدف من ذلك هو طرد الأمريكان من العراق ليتسنى لإيران ‏السيطرة على عراق ضعيف ومنهك ومجرد من القوة فيصبح ‏تابعاً لها كما هو حال العراق اليوم، ومن جهة أخرى من ‏المخطط هو تفريغ سوريا من القوى السلفية السنية التي تقف ‏في وجه التشييع في بلاد الشام الذي كان قد بدأ مع وصول ‏بشار للسلطة.‏
 
وبعد أن انتهت مهمة محمود غول أغاسي "أبو القعقاع" شوهد ‏حليق اللحية، وشوهد أيضاً في احتفالات "وطنية" في عيد ‏ميلاد الرئيس بشار الأسد مع "الدبيكة" وهو يصف يوم ميلاد ‏سيده بشار الذي قد صنعه على عينه بأنه يوم تاريخي يستحق ‏الاحتفال به وتخليده، وذكر بأنه سافر إلى دولة غربية للنقاهة ‏بعد عناء المهمة التي أداها كما هو مطلوب منه بامتياز، ‏وانتهت بهذا الحالة "الأغاسية" أو القعقاعية". فيا له من ‏مخطط دنيء وخبيث، لقد اعتاد الصفوييون وأذنابهم على ‏العبث بمصائر الأمة لتحقيق مآربهم القومية على حساب ‏نهضة الأمة ورفعتها.‏
 
انسحب الأمريكان من العراق ، وبدأ فصل جديد من فصول ‏المهزلة والضياع، وكان لا بد من "أبو قعقاع" جديد ليقوم ‏بالمهمة حسب الأوضاع القائمة وحسب المرحلة التالية ‏لانسحاب الغزاة من العراق، وبحجم أكبر هذه المرة، ليكون ‏التدخل أقوى وأكبر، فأتت الأوامر الصفوية والصهيونية ‏العالمية من أجل بناء حالة جديدة تكون مدعاة لتدخل جديد في ‏المنطقة العربية، وكان الأمريكان قد انسحبوا إلى غير رجعة ‏يجرون خلفهم أذيال الهزيمة من ضربات المجاهدين (السنة) ‏في العراق وأفغانستان، فالشيعة لم يقاتلوا الغزو الأمريكي بل ‏دعموه لكي يُسيّدهم على العراق كما هم في كل العصور ‏يحالفون أعداء الأمة على أبناء السنة، والإيراني "السيستاني" ‏أفتى لهم بعدم جواز قتال الغزاة بتوجيه إيراني، وكما قال ‏حاكم العراق الأمريكي بول بريمر عقب الاحتلال في ‏مذكراته أن السيستاني قبض مبلغاً كبيراً لفتواه بعدم مجابهة ‏الاحتلال، وبالتأكيد فإن هذه الأموال قد ذهبت لإيران كما ‏تذهب اليوم أموال العراق باسم الخمس لإيران، وكما تذهب ‏لدعم طاغية الشام على حساب الشعب العراقي المُفقر المكلوم.‏
 
هنا بدأت مرحلة "دولة العراق والشام الإسلامية" ومنها انبثق ‏اسم داعش المعروف لدينا اليوم، وهنا كان لا بد من تدخل ‏إيراني بصورة المخلص من غزو داعش للعراق والشام، و ‏‏"البغدادي" اليوم هو "أبو القعقاع" في الأمس، لكنه يقوم ‏بمهمة أكبر بكثير من سلفه الماكر، إذ أنه يشوه صورة أهل ‏السنة ويعطي الانطباع بأن أهل السنة كالوحوش إن حكموا ‏فإنهم سيذبحون كل من خالفهم، "ويحرقون" كل من يناجزهم، ‏والويل ثم الويل لمن يقف في طريقهم، وأنهم سوف يحتلون ‏العالم بأسره إن تركوا في التوسع وإنشاء دولتهم.‏
 
وهنا بدأ فصل التخويف، وأنكم أيها الغرب والأمريكان ‏والروس مجبرون على وضع أيديكم في أيدينا نحن المجوس، ‏وأن تطلقوا لنا العنان في سوريا والعراق لكي نخلصكم من ‏المارد الجديد، وإلا فإنهم سوف يدكون معاقلكم ويهددون ‏مصالحكم، ويسحبون البساط من تحت أقدامكم، وستكونون في ‏مقبل الأيام نسياً منسيا.‏
 
دب الرعب في قلوب القوم، وكان لإيران ما أرادت، وها هي ‏الآن تسرح وتمرح في أرض الرافدين وفي أرض الشام، ‏وكيف لا؟ فها هم المجوس يطالبون بكل وقاحة وبعد كل ‏جرائمهم في العراق وسوريا بأن تزال حدود تلك الدول ‏ليكونوا هم ألأسياد عليها، يريدون بأن تتحد العراق وسوريا ‏مع دولتهم الصفوية، ويكون الهلال الشيعي قد أصبح أمراً ‏واقعاً، وتكون أرض الجزيرة العربية والأردن ولا أقول ‏فلسطين تحت تهديدهم المباشر، فحتماً ستزدهر العلاقة ‏الصفوية إن تم هذا الأمر لا سمح لله مع الدولة اليهودية، فهم ‏وجه واحد لعملة واحدة ومبتغاهم واحد، وهو ابادة العرب ‏والمسلمين السنة.‏
 
 
إن الهجمة الشرسة على تركيا تعطينا التفسير الواضح ‏لمجريات الأمور، فبعدما تخلصت الصفوية والصهيونية من ‏صدام حسين السني "على علة نظامه" وبعدما تخلصوا من ‏نظام محمد مرسي الإسلامي السني الوليد وجدوا أمامهم ‏أردوغان الإسلامي السني ونظامه، فهو عقبة كأداء أمام ‏مشروعهم الاستعماري التوسعي، وهو صاحب السمعة الطيبة ‏التي أعطته شعبية في أوساط المسلمين السنة والعرب، وما ‏قصة إسقاط الطائرة الروسية إلا كقميص عثمان، وما يدعم ‏هذا القول هو قول بوتين عندما قال: "يبدو أن الله قد قرر ‏معاقبة النخبة الحاكمة في تركيا" وكأنه وحي مرسل ويتكلم ‏باسم الإله جل في علاه، وتصريحات ساسة روسيا بأنهم لن ‏يسمحوا بإقامة كيان سني في سوريا لدليل قاطع على هذا ‏الحلف الشيطاني الذي أنشأ أبو القعقاع والبغدادي ليتوجوا ‏ملالي المجوس على المنطقة واقتسام خيراتها وثرواتها ومنع ‏أي نهضة تقوم فيها .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد