الأردن وسوريا: شراكة إستراتيجية في إعادة الإعمار والبناء
في أعقاب انتهاء الصراع الدامي في سوريا، تبرز فرصة تاريخية لإعادة إعمار البلاد، وهي عملية لا تقتصر على الجانب الإنساني فحسب، بل تمثل أيضاً فرصة اقتصادية استثنائية للدول المجاورة، وعلى رأسها الأردن. يتمتع الأردن بمزايا نسبية كبيرة تؤهله لأن يكون شريكاً أساسياً في هذه المرحلة، من خلال قطاعات متعددة، أبرزها البناء والتشييد، وتصدير مواد البناء، والخدمات اللوجستية. هذه الفرص لا تساهم فقط في دعم سوريا، بل تعود بمنافع جمة على الاقتصاد الأردني، من خلال تعزيز الصادرات، خلق فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي.
يُعد قطاع البناء والتشييد الأردني من بين الأكثر تطوراً في المنطقة، حيث يمتلك خبرة متراكمة في تنفيذ مشاريع متوسطة وكبيرة الحجم، بدءاً من المشاريع السكنية وصولاً إلى البنى التحتية المعقدة. هذه الخبرة، مقترنة بالقرب الجغرافي من سوريا، تضع الشركات الأردنية في موقع مثالي للمساهمة الفاعلة في إعادة الإعمار. يمكن لهذه الشركات التركيز على المناطق الجنوبية السورية، مثل محافظات درعا والسويداء وريف دمشق، والتي تعرضت لأضرار جسيمة وتتميز بقربها من الحدود الأردنية، مما يقلل من تكاليف النقل والإدارة ويسهل عملية التنفيذ. الجدير بالذكر أن الأردن سبق له المشاركة في مشاريع إعادة إعمار بعض المدن العراقية ولبنان بعد الأزمات، حيث نجحت شركاته في تنفيذ مشاريع سكنية وبنية تحتية بكفاءة عالية، مما يعزز الثقة بقدرتها على التعامل مع المشاريع السورية المعقدة.
يمتلك الأردن قاعدة صناعية راسخة في مجال إنتاج مواد البناء، حيث يُعد منتجاً رئيسياً للإسمنت والحديد والأدوات الصحية والكهربائية، بالإضافة إلى منتجات التشطيب مثل السيراميك والدهانات. مع الحاجة الهائلة لمواد البناء في سوريا، والتي تقدر بمليارات الدولارات، يمكن للأردن أن يصبح المورد الأساسي لهذه المواد. تشير التقديرات إلى أن السوق السوري قد يحتاج إلى نحو 5–10 مليارات دولار سنوياً في المرحلة الأولى لإعادة الإعمار، وإذا استحوذ الأردن على 20–30% من هذا الطلب، فقد تصل الصادرات الأردنية إلى 1–3 مليارات دولار سنوياً. لن يؤدي ذلك إلى تعزيز الصادرات الأردنية فحسب، بل سيدعم أيضاً الصناعة المحلية، يشجع على زيادة الطاقة الإنتاجية، ويخلق آلاف فرص العمل في المصانع والقطاعات المرتبطة بها، مع توقع إنشاء نحو 10–15 ألف فرصة عمل مباشرة في مجالات البناء والصناعة والخدمات اللوجستية.
يتمتع الأردن بموقع جغرافي إستراتيجي يؤهله ليكون مركزاً لوجستياً إقليمياً. مع بدء عملية إعادة الإعمار في سوريا، سترتفع حركة البضائع والمواد الأولية عبر الحدود بشكل كبير. هنا، يبرز منفذ جابر/نصيب الحدودي، الذي يشهد تطويراً مستمراً في بنيته التحتية وخدماته، كشريان رئيسي للتجارة بين البلدين. يمكن للأردن تطوير مناطق تخزين وتوزيع متطورة، وتقديم خدمات شحن ونقل فعالة، مما يضمن تدفق السلع بسلاسة. هذا لن يخدم سوريا فقط، بل سيعزز مكانة الأردن كمركز لوجستي للدول المجاورة أيضاً، مستفيداً من خبراته السابقة في إدارة مشاريع لوجستية معقدة بالشراكة مع شركات إقليمية ودولية.
رغم هذه الفرص الواعدة، إلا أن هناك تحديات تتطلب معالجة، أبرزها ضرورة تأمين التمويل للمشاريع، وضمان استقرار الوضع الأمني في سوريا، وتبسيط الإجراءات الجمركية والبيروقراطية على الحدود. ومع ذلك، فإن الإرادة السياسية القوية من كلا البلدين، بالإضافة إلى الدعم الدولي المتنامي، يمكن أن يتغلب على هذه العقبات. من خلال توقيع اتفاقيات ثنائية واضحة، وإنشاء لجان مشتركة لتسهيل العمل، يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص للتعاون العميق.
ستساهم المشاركة الأردنية في إعادة إعمار سوريا بشكل مباشر في خلق فرص عمل للشباب الأردني في مجالات الهندسة، الإدارة، النقل، والتصنيع. كما أن زيادة الطلب على الصادرات ستحفز النمو في القطاع الصناعي، مما سينعكس إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي. هذا النمو سيساعد في معالجة مشاكل البطالة والركود الاقتصادي التي يعاني منها الأردن، ويعزز القدرة على استيعاب الشباب العاطل عن العمل.
لا تقتصر فوائد هذه الشراكة على الجانب الاقتصادي المباشر، بل تمتد لتعزيز الاستقرار الإقليمي والاندماج الاقتصادي. من خلال التعاون في إعادة إعمار سوريا، يمكن للأردن وسوريا وضع الأساس لتكامل اقتصادي أوسع يشمل دول الجوار، مما يعزز التبادل التجاري، حركة رؤوس الأموال، والاستقرار في منطقة مضطربة منذ سنوات.
للأردن أن يبدأ من الآن في التخطيط للاستفادة القصوى من هذه الفرصة. هذا يتضمن عقد لقاءات بين اتحادات المقاولين وشركات المواد الإنشائية الأردنية مع نظرائهم السوريين، وإجراء الدراسات اللازمة لفهم الاحتياجات السورية بدقة، والاستعداد لزيادة الطاقة الإنتاجية لتلبية الطلب المتوقع، مع الاستفادة من الخبرات السابقة في مشاريع إقليمية مماثلة.
إعادة إعمار سوريا ليست مجرد عملية بناء جسور ومنازل، بل هي فرصة لإعادة بناء الأمل والازدهار في المنطقة. للأردن أن يلعب دوراً محورياً في هذه العملية، مستفيداً من موقعه وخبراته لتحقيق منافع اقتصادية كبيرة. من خلال شراكة إستراتيجية قائمة على الثقة والمصلحة المتبادلة، يمكن للأردن وسوريا كتابة فصل جديد من التعاون يخدم شعبيهما ويصب في صالح الاستقرار الإقليمي. اللحظة التاريخية حاضرة، وعلى الأردن أن يغتنمها بكل حكمة واقتدار.
البدور: تثبيت مقر المجلس العربي للاختصاصات الصحية في الأردن
مياه اليرموك تحمل بلدية إربد مسؤولية انسداد خط إشارة بردى
هيئة الاعتماد تعقد دورة تدريبية في مجال الجودة
المدير العام للضمان الاجتماعي: إلغاء التقاعد المبكر مستحيل
تأجيل انطلاقة دوري كرة السلة الممتاز أسبوعا
إطلاق مبادرة مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية
تذبذب الأمطار يفاقم السيول ويعمّق الجفاف في الأردن
الشركس: سياسات نقدية حصيفة تحصّن الدينار وتدعم النمو
الدراسة الاكتوارية للضمان الاجتماعي كعقد بين الأجيال: من يحمي من
كمبوديا تعلن إغلاق كافة معابرها الحدودية مع تايلاند
الشؤون السياسية تطلق ملتقى الشباب والتحديث
المنخفض الجوي يعمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة
ميسي يعلّق على مواجهة الجزائر والأردن في مونديال 2026
سوريا وفلسطين إلى ربع النهائي كأس العرب .. خروج تونس وقطر
بلدية أم الجمال تعلن عن وظائف في شركة تغذية
وظائف في الصحة وجهات أخرى .. الشروط والتفاصيل
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
تعيين الدكتور رياض الشياب أمينًا عامًا لوزارة الصحة
إعادة 6000 شخص إلى مناطقهم بعد ضبط الجلوة العشائرية
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
إلى جانب النشامى .. المنتخبات المتأهلة إلى ربع نهائي كأس العرب 2025
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز


