الحوكمة ليست رفاهية… بل خط الدفاع الأخير عن جامعاتنا

الحوكمة ليست رفاهية… بل خط الدفاع الأخير عن جامعاتنا

25-11-2025 10:21 AM

في السنوات الأخيرة، أصبحت الجامعات الأردنية تقف أمام واقع جديد: منافسة إقليمية شرسة، ضغط مالي متزايد، وتوقعات مجتمعية أعلى من أي وقت مضى. في هذا المشهد المتغير، لم يعد مقبولًا إدارة الجامعات بالطريقة التقليدية أو التعامل معها كمؤسسات مغلقة لا تخضع للمساءلة.
الحقيقة أن الحوكمة الرشيدة لم تعد خيارًا… إنها ضرورة بقاء.
الجامعة ليست قاعات تدريس فقط؛ هي مؤسسة مالية، أكاديمية، بحثية، وإدارية معقدة. وهذا التعقيد يفرض وجود منظومة حوكمة واضحة تحدد من يقرر، كيف يُقرر، ولمصلحة من؟
وأول خطوة نحو الإصلاح هي الاعتراف بأن الحوكمة ليست أوراقًا تنظيرية، بل نظام يحمي الجامعة من الأخطاء، من تضارب المصالح، ومن القرارات المرتجلة.
مجالس الأمناء هي حجر الأساس في هذه المنظومة. دورها ليس التوقيع ولا الاعتماد الشكلي، بل توجيه الجامعة نحو المستقبل. مجلس أمناء قوي يعني جامعة قوية، والعكس صحيح. فالمجلس الحقيقي:

يراقب الأداء،

يسأل الأسئلة الصعبة،

يضمن النزاهة،

ويضع معايير لا تتغير بتغير الأشخاص.

أما غياب هذا الدور، فيجعل الجامعة مكشوفة أمام الضغوط، التعيينات غير المدروسة، القرارات العاطفية، والهدر الذي لا يرى أحد آثاره إلا بعد فوات الأوان.
نحن بحاجة إلى حوكمة تضع الطالب أولًا، والبحث العلمي ثانيًا، والسمعة ثالثًا. سمعة الجامعة اليوم ليست ترفًا؛ هي رأس مالها الحقيقي. وفي عالم يعتمد على التصنيف والشفافية، أي خلل صغير ينعكس فورًا على مكانة الجامعة وفرصها.

الجامعات التي تتنفس حوكمة واضحة تصل تلقائيًا إلى:

قرارات أكثر شفافية،

إدارة مالية رشيدة،

بيئة تعليمية عادلة،

ومجالس أمناء تعمل لصالح المؤسسة لا لصالح الأشخاص.

الفرصة الآن أمام الأردن أن يعيد رسم معادلة التعليم العالي. نحن لا نفتقر للخبرات ولا للكفاءات، بل نفتقر للآلية التي تحميها وتوظفها بذكاء. الحوكمة هي هذه الآلية.
ويبقى السؤال:
هل نملك الجرأة لنضع الحوكمة في قلب الجامعات… بدل أن تبقى على الهامش؟
الإجابة ستحدد مكانة جامعاتنا في السنوات القادمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد