كوبا وأميركا .. من تغيّر؟ - أمجد عرار

mainThumb

25-12-2014 11:40 PM

بعيداً عن الأجواء الاحتفالية التي خيّمت على جلسة البرلمان الكوبي احتفاء بالقرار الجريء الذي اتّخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما برفع العقوبات عن كوبا وإعادة العلاقات الدبلوماسية، يمكن القول بمنتهى الهدوء والموضوعية، إن كوبا انتصرت من دون أن نضطر للقول إن أميركا هزمت، فيخرج البعض علينا آخذاً الكلام بعينيه وليس بأذنيه.
 
عندما تعود المياه إلى مجاريها بين طرفين متخاصمين أو متعاديين أو متحاربين، ينبغي الإجابة على سؤال: من الذي تغيّر أو تراجع؟ أعرف أن بعض المتفذلكين يكابر ويزايد على أوباما نفسه، لكن رئيس أميركا كان واضحاً في إعلان القرار التاريخي وفي توضيح مضمونه ودوافعه المعلنة، وهو قال بصريح النص والعبارة إن سياسة بلاده طيلة خمسين عاماً تجاه كوبا «عفا عليها الزمن ويجب أن تتغيّر».
 
إذاً، التراجع جاء بمبادرة أميركية قابلها الكوبيون كما ينبغي لأحفاد ثورة. يمكننا أن نتذكر أنّ الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو عرض أكثر من مرة الحوار، بل والمناظرة التلفزيونية، مع أكثر من رئيس أميركي، ولم يقلّل يوماً من شأن أميركا وشعبها وقوّتها ومساهمتها الفاعلة في الإنجازات العلمية للبشرية. دائماً كان العداء منبعه واشنطن التي لم يرق لها أن ترى نظاماً مختلفاً عن نظامها اقتصادياً وسياسياً، وترجمت عدم الرضى بمحاولات التدخّل والتهديد والتحريض.
 
الآن يبدو أن الأميركيين راجعوا نتائج سياستهم تلك، ووجدوا أن عداءهم لكوبا تحوّل إلى عداء مع القارة اللاتينية كلّها تقريباً. الـ«السي آي إيه» قتلت تشي جيفارا فواصل فيدل كاسترو مشروعه الثوري. أميركا واصلت العداء مع كاسترو، و«السي آي إيه» اعترفت بفشل مئتي محاولة اغتيال ضده، فإذا برموز جديدة تنبثق في بلاد سيمون بوليفار، وليس أورتيغا وشافيز وموخيكا وموراليس سوى أمثلة أشد سطوعاً لحالة باتت أمراً واقعاً في قارة كاملة.
 
الموقف الكوبي من المستجد الأميركي لخّصه رئيسها راؤول كاسترو، حين أكد أن كوبا «لن تتخلى عن مبادئها»، وقال بوضوح يلخّص المعادلة الجديدة «بالطريقة نفسها التي لم نطالب فيها قط الولايات المتحدة بتغيير نظامها السياسي، سنطالب باحترام نظامنا». لكنّه إذ يحذّر بأن الأميركيين من أصل كوبي الذين يعيشون في المنفى سيحاولون «تخريب العملية نحو التطبيع»، فإنه يضع إصبعه على جرح ليس حكراً على كوبا وحدها. - (البيان الاماراتية)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد