تحقيق نسب الكسعي الذي ضُربَ به المثل في الندم !!

mainThumb

04-06-2013 09:12 PM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد :

من المشهور في الأدب العربي خبر ( الكسعي ) الذي ضُرب به المثل في الندم ، وقد أختلف العلماء في نسبه ، ولهذا فقد أحببت أن أحقق نسبه كي تكتمل الفائدة ، وقد جعلت مقالتي كما يلي :

1ـ الكسعة وما جاء فيها من حديث .

2ـ تحقيق نسب الكسعي .

3ـ من صنف في خبر الكسعي .

4ـ من ندم كندامة الكسعي ؟!

5ـ فائدة في النبل والريش .


وأسأل الله أن يوفقنا لكل خير .


باب 1ـ ( الكسعة وما جاء فيها من حديث ) .


قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ليس في الجبهة ولا النخة ولا الكسعة زكاة ) .


( صحيح ) أخرجه مسلم ( زكاة / 9) وابن ماجة ( 2/63) وأحمد ( 2/242) .

والجبهة هي الخيل والنخة البقر العوامل والكسعة هي الحمير ، قال الدميري في ( حياة الحيوان ) ( 2/132) : ( فسره أبو عبيد وغيره ، بأن الكسعة الحمير ، والجبهة الخيل ، والنخة العبيد ، وقال الكسائي : إنما هو النخة بضم النون وهي البقر العوامل ) .



باب 2ـ ( تحقيق نسب الكسعي ) .

لقد أختلف العلماء في نسب الكسعي ، منهم من نسبه إلى ( حمير ) ومنهم من نسبه إلى ( ثعلبة من قيس عيلان ) ومنهم من نسبه إلى ( بني سعد بن ذُبيان ) ومنهم من نسبه إلى ( بني محارب ) .

قلت : والصواب عندي أن  الكسعي  من بني كسعة بن محارب بن قيس .

وذلك إذا كثر الاختلاف في نسب ما ، يقدم قول أهل الاختصاص على غيرهم ، وقد فض هذه المسألة ( ابن إسحاق ) وهو نسابة فحل  وقوله مقدم على غيره .

قال الصحاري في ( الأنساب ) ( 1/286) : ( وقال ابن إسحاق : بل هو من بني كسعة بن محارب بن قيس ) .

قال الزبيدي في ( تاج العروس ) (11/422) : (وكسع: حي باليمن رماة، نقله الليث: قال: أو حي من بني ثعلبة بن سعد بن قيس عيلان، ومنه غامد بن الحارث الكسعي، وقال حمزة: هو رجل من كسعة، واسمه محارب بن قيس، وقال غيره: هو من بني كسع، ثم من بني محارب ).

قلت : شك الليث في قوله فمرة قال بأنهم حي باليمن ومرة من بني ثعلبة !!

وقال ابن دريد في ( جمهرة اللغة ) ( 1/468) : ( وبنو كسع بطن زعموا أنه من حمير .. ) .

قلت : وهنا أيضاً أستخدم ابن دريد لفظ ( زعموا ) في نسبتهم إلى حمير ، وشك أيضاً الفيروزآبادي كما في ( القاموس المحيط ) ( 1/ 971) : ( حي باليمن أو من بني ثعلبة بن سعد بن قيس عيلان ) .

ويظهر من جملة هذه الأقوال أنها بين الشك والزعم ، إلا قول من نسبهم إلى بني محارب كالنسابة ابن إسحاق فقد أكد ذلك ، حيث قال : ( بل هو من بني كسعة بن محارب بن قيس ) .

ويظهر أيضاً أن أكثر الأقوال أن الكسعي من ( قيس عيلان ) فقول نسبهم إلى بني ثعلبة من قيس عيلان وقول إلى بني سعد بن ذبيان وقول الى محارب بن قيس وكلها من ( قيس عيلان ) مما يتبين لنا بُعد قول من قال أن الكسعي الذي يضرب به المثل من حمير .

وقد جزم ابن إسحاق انه من بني محارب وهذا الصحيح والراجح في نسب الكسعي  وهو لا يخرج من دائرة قيس عيلان والله أعلم .

 


باب 3ـ ( من صنف في خبر الكسعي ) .


صنف ابن جزي الكلبي الأندلسي رسالة باسم ( النشر الزكي في خبر ندامة الكسعي )

 

باب 4 ـ ( من ندم كندامة الكسعي ) .

قال الفرزدق :

ندمت ندامة الكسعي لمّا

غدت مني مُطلقة نوارُ

قلت : ونوار زوجة الفرزدق ، وعندما ماتت رثاها الفرزدق ببيت لجرير :

لولا الحياء لهاجني استعبار

ولزرت قبرك والحبيب يزار

وهذا يدل على فحولة جرير ، حيث أستشهد الفرزدق بشعره ، ومع أن الفرزدق كان زير نساء ، لكنه لا يُحسن التشبيب  ، وجرير كان عفيفاً مع فحولته وإجادته التشبيب .

قال ابن قتيبة الدينوري في ( الشعر والشعراء ) ( 1/10) :  ( وكان الفرزدق زير نساء وصاحب غزل ، وكان مع ذلك لا يجيد التشبيب ، وكان جرير عفيفا عزهاة عن النساء ، وهو مع ذلك أحسن الناس تشبيبا ، وكان الفرزدق يقول : ما أحوجه مع عفته إلى صلابة شعري ، وما أحوجني إلى رقة شعره .. ) .



باب 5 ـ ( فائدة في النبل والريش ).

قال أبو علي الهجري في ( التعليقات والنوادر ) ( 1057) : ( حدثني العداوي من مزينة وغيره من جبلية الحجاز وهم أصحاب النبل والريش ، قال : خير الريش ريش النسر ثم بعده العقاب وسائر ذلك من الطير لا خير فيه وإنما يؤخذ ضرورة ) .

قلت : ومزينة من أصحاب النبل والريش ، وهي قبيلة عريقة عظيمة وأكثر فروعها اليوم في بلاد مصر بالصعيد وجنوب سيناء وفي نويبع بمحاذاة البحر الأحمر ، ونويبع تنقسم إلى ( نويبع مزينة و نويبع الترابين ) وهناك في المدينة النبوية فروع لمزينة دخلت في قبيلة حرب بالحلف ، وأكثر مزينة خارج الحجاز وجاورة قبائل جذام في سيناء والعقبة ، ومن بدنات مزينة ( العويصات و الشذاذنة والعلاونة ... الخ ) كما ذكر ذلك أوبنهايم في ( البدو ) ( 240) . وجاء ذكرهم أيضاً في ( وثائق دير سانت كترين ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد