أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 8
هل ظاهرة الإنتحار والقلق النفسي عند الجنود الغربيين سببا لإنسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان ؟ ربما لا نُجانب الصواب والحقيقة إذا قلنا :انه من اهم وأخطر الأسرار التي كانت وراء قرار الإدارة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي الإنسحاب من أفغانستان انتشار ظاهرة الإنتحار حتى الموت بين صفوف الجنود الذين خدموا في القوات المسلحة الأمريكية في أفغانستان والعراق ثم رجعوا منها الى بلادهم ، وكذلك انتشار حالات الصرع والقلق والأكتئاب المفرط بين الجنود العائدين من الحرب ، ولقد أدت تلك الحالة الى تفشي الإحباط ، والأنهيار النفسي والمعنوي لدى الجنود البريطانيون والأمريكان الى البحث عن حلول سريعة للتخلص من هذا الكابوس المرعب الذي بات يهدد المجتمع الامريكي والبريطاني بخطر كبير ، الا وهو "النزوع نحو الأنتحار وقتل النفس هروبا من الواقع المخيف والأليم الذي يعانون منه ، وهو الأمر الذي دفع بالجنرال الأمريكي " بيتر تشارلي" نائب رئيس الأركان في الجيش الأمريكي للتصريح الى صحيفة " نيويورك تايمز" في 19 كانون الثاني 2012 ، الى القول :" إن هذا الوضع غير مقبول ، ولم يعد باستطاعتنا تحمل ذلك " ، وذلك إشارة الى ما تم الكشف عنه من حقائق مرعبة في هذا الملف المخيف ، من قبل وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" ، عن ارتفاع معدلات حالات الانتحار بين أفراد القوات الأمريكية العاملة في أفغانستان الى معدلات غير مسبوقة ، بلغت ما يقارب من حالة إنتحار واحدة يوميا ، وحدوث 154 حالة انتحار بين الجنود العاملين في مواقع قتالية خلال الـ 155 يوما الأولى من عام 2012 م ، وان حالات الانتحار ارتفعت بنسبة 50% بين الجنود العاملين في أفغانستان ، ولم يغب عن الجنرال الأمريكي من ان يستعرض في مؤتمره الصحفي بالأرقام ارتفاع حالات الانتحار بين الجنود على مدار ثلاث سنوات ماضية ، 2009 شهد انتحار 162 فردا ، 2010 انتحر 159 فردا ، وفي عام 2011 اقدم 164 فردا على الانتحار ، وهو ما يُعد الرقم الأكبر على الإطلاق خلال حرب هي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية " ، وعاود التأكيد "على أن الإدارة الأمريكية وحلفائها سعت الى وضع حلول ناجعة للتخلص من حالات الانتحار ، الا أن طاهرة الانتحار استمرت باطراد رغم كل الجهود الكبيرة التي بذلت لتلافي اقدام الجنود على الانتحار ، ورغم الإرشادات والنصائح الخاصة ، بتناول الأدوية والعقاقير المسكنة والكحول ، الا أن هذه الجهود ذهبت هباء " ، لقد أفرد موقع " مفكرة الإسلام" الألكتروني ، مقالة خاصة عن ظاهرة انتشار الانتحار بين الجنود المحاربين في افغانستان ، والعائدين الى بلادهم ، وهذه المقالة مستقاة من مصادر عسكرية ورسمية امريكية ، بادر الموقع الى طرح العديد من التساؤلات ، أبرزها ، ما هي الأسباب الكامنة وراء تفشي ظاهرة الانتحار بين الجنود الأمريكيين العائدين من الحرب في أفغانستان ؟ وكيف يواجهها الجيش الأمريكي؟ ، بينما استعان الموقع بما صرح به الجنرال "بيت جيرين" وزير الجيش البري الأمريكي لمحطة " سي إن إن" الأمريكية بالقول :" إنه مرعب" ، وان القوات المسلحة تبحث في اسباب الظاهرة ، وتساءل ،لماذا يستمر المنتحرين في الأزدياد ؟ "لانعرف" ، حسب قول " بيت جيرين" ، اما الجنرال " ستيفن تونسيند" قائد قاعدة " فورت كامبل" فقد قال مخاطبا الجنود العائدين من ساحات القتال في أفغانستان في القاعدة العسكرية :" الإنتحار حل سائد هنا لمشاكل مؤقتة ، بغض النظر عن مدى سوء المشاكل التي تواجهونها ، اليوم ، ثقوا بي ، لن تكون نهاية العالم ، الحال سيكون أفضل غدا ، لا تضحوا بغدكم " .
اما السيناتور الامريكي " جيم ويب" عن ولاية " فرجينيا" ، أعلن عن طرح مشروع قانون للكونجرس الأمريكي يتضمن تحسين برامج " منع الإنتحار" في صفوف الجيش الأمريكي العائد من الحرب في أفغانستان ، كما ان الجيش الأمريكي اعترف في النهاية بان الاتجاهات المتزايدة " للإنتحار " بين الجنود العاملين وأفراد الاحتياطي منذ 2004 استعصت على جهودهم الكبيرة لتفهم تلك الظاهرة القاتلة والدفع بها نحو التراجع ، هذا الحال المقلق والمرعب والمحير دفع بإحدى القواعد العسكرية الأمريكية والتي تدعا " فورت كامبل" بولاية "كنتاكي" الى وقف نشاطها المعتاد للتركيز بجهودها على وضع برامج تحُد من ميل الجنود الأمريكان العائدين من أفغانستان والعراق الى الإنتحار ، وذلك بعد أن خسرت جنديين إنتحرا لينضما الى 248 جنديا أنهوا حياتهم بهذه الطريقة خلال العامين الماضيين ، نتيجة وطأة الأثار النفسية الناتجة عن الحرب المستمرة في أفغانستان .
بريطانيا من جانبها واجهت المشكلة ذاتها من تزايد أعداد المنتحرين في صفوف قواتها المسلحة العاملة في أفغانستان ، بل وأضحت مشكلة عويصة اقلقت الشارع البريطاني ، الأمر الذي حدى بحزب " المحافظين " المعارض الى التحذير من أن بلاده تواجه " قنبلة موقوتة " من الأمراض العقلية وحالات الانتحار بين اوساط جنودها الصغار العائدين من ساحات القتال في أفغانستان ، ولمحاربة هذه الظاهرة والحد من تفشيها داخل الجيش البريطاني ، نقلت صحيفة " الإندبندنت " البريطانية يوم الأربعاء 15/4/2009 ، عن " وليام فوكس" وزير دفاع ظل في حكومة المحافظين الى القول :" أن غياب الرعاية الصحية العقلية للجنود السابقين الى جانب الضغوط النفسية والإجهاد الناجمة عن القتال ضد قوات " حركة طالبان " ستجعل الكثير من الجنود البريطانيين الناجين من الأزمة في أفغانستان يدفعون ثمنا باهضا من المشاكل النفسية وإيذاء النفس " ، مشيرا الى " ان معدلات الإنتحار بين اوساط الجنود البريطانيين في الأزمات السابقة مقلقة للغاية ، ونخشى أن تعود كثافة العمليات الراهنة في أفغانستان الى تفجير قنبلة موقوتة من
مشاكل الصحة العقلية وحالات الانتحار " .
لقد حاول الجيش الأمريكي والإدارة الأمريكية ومعاهد صنع القرار السياسي والعسكري وضع أسباب موضوعية لظاهرة الإنتحار بين الجنود كمبرر لتلك الظاهرة التي باتت ترعب المجتمعات الغربية وفي مقدمتها المجتمع الأمريكي ، وقد رصد موقع " مفكرة الإسلام " الألكتروني ، ومن خلال قراءاته للتصريحات التي أدلى بها مسؤولين عسكريين امريكيين وغربيين حول "اسباب تفشي ظاهرة الإنتحار بين الجنود " ، رصدوها في اربعة أسباب ، هي التي جلبت كارثة الانتحار لصغار الجنود الامريكيين العاملين في أفغانستان :
1- طول مدة الخدمة العسكرية التي يقضيها المجند في أفغانستان ، وكذلك الوتيرة المتزايدة للمهمات العسكرية ، حيث ربط نائب رئيس أركان الجيش الجنرال " بيتر شياريللي" ارتفاع عدد المنتحرين بطول المدة في الخدمة العسكرية في الحرب في أفغانستان ، والتي عقدت العلاقات بين الجنود وعائلاتهم في الوطن .
2- الإكثار من الأدوية والعقاقير المضادة للإكتئاب ، حيث كشفت دراسة أمريكية مستقلة النقاب عن ان حوالي 300 الف جندي امريكي عائدين من العراق وأفغانستان يُعانون من أعراض الإجهاد الذهني او الإكتئاب ، بينما يتلقى حوالي نصفهم فقط الراعية الصحية ، وقدرت الدراسة التي أجرتها بتاريخ (17/4/2008) مجموعة " راند كورب" وهي منظمة أبحاث ذات ملكية خاصة ، وهي دراسة غير حكومية ، قدرت " أن الإجهاد الذهني والإكتئاب يصيبان حوالي 18,5 % من أكثر من مليون ونصف المليون جندي من القوات الامريكية التي انتشرت في منطقتي الحرب في العراق وافغانستان ، بينما النسبة المئوية التي أعلن عنها الجيش الأمريكي في فبراير 2008 ، بلغت 17,9% من القوات الأمريكية كانوا يُعانون من الإجهاد الحاد او الإكتئاب او القلق ، وتشمل الأعراض " حدة الطبع وتفجُر نوبات الغضب وصعوبات النوم ومشاكل التركيز واليقظة المُفرطة وردود الفعل المُفاجئة المُبالغ فيها " ، وقال " تيري تانيليان " ، الباحث في مجموعة " لاند كورب" الذي ساهم في إعداد الدراسة البالغة (500 صفحة) والتي تستند اساسا الى مقابلات مع أكثر من 1900 جندي وبحارا خدموا في أفغانستان والعراق ، قال:" هناك أزمة صحية كبيرة تواجه الرجال والنساء الذين خدموا بلادنا في العراق وأفغانستان ، وأنه مالم يتلقوا الرعاية الطبية المناسبة والفعّالة لعلاج هذه الأعراض الصحية الذهنية ، فستكون هناك عواقب وخيمة على المدى الطويل لهم وللأمة الأمريكية " ، في ذات السياق ، قدرت مجموعة " راند كورب" ان الإجهاد والإكتئاب بين الجنود الأمريكيين العائدين من أفغانستان والعراق يُكلف 6,2 مليار دولار في العامين التاليين للإنتشار ، خاصة نتيجة فقد الإنتاجية والتكلفة الطبية وزيادة مخاطر الإنتحار ، وقد تم إرجاع 478 جنديا من العراق وأفغانستان الى الولايات المتحدة وإدخالهم مباشرة في مصحات نفسية وعصبية ، الأمر الذي لم يسبق وأن حدث في الحروب السابقة التي خاضتها أمريكا .
3- لأنهم يحتلون بلدا ولا يدافعون عن قضية ، حيث أرجعت الطبيبة النفسية في معهد خدمات الجيش الأمريكي " إليزابيث ريتش" السبب الى " أن الأمر لا يحتاج لأي طبيب نفسي او محلل او غيره ، كل ما في الأمر أنهم يحصدون ما زرعوه ، وبشكل أدق يواجهون رجال لا تهاب الموت وهم يدافعون عن أرضهم ، أما هؤلاء " فمجرد محتلون " ، أي أن الموقف ليس في صالحهم أبدا .
4- ممارسة التعذيب والإنتهاكات ، حيث أكد الباحث الروسي " فيلاديمير باكوفيسكي " في نهاية دراسة له بعنوان " طلال التعذيب الممتدة " ، "أن التعذيب قد أدى الى تدمير نفسية من قاموا بالتعذيب بشكل أكثر فظاعة من التاثير الذي أصاب من تعرضوا للتعذيب " .
وقد نشرت صحيفة " التايمز" الإلكترونية مقالا الأربعاء 7 اكتوبر 2009م لأحد القساوسة المرافقين للقوات الأمريكية في أفغانستان ، ، او ما يسمى بالمرشد الديني " الكنسي " لأفراد القوات المسلحة ، يحمل عنوانا مثيرا : الأمريكان في أفغانستان يفقدون قلوبهم " ، منوها الى ان حالة الجنود الذين يخدمون في ميادين القتال في أفغانستان ، أصابها الإحباط والإكتئاب العميق ، وخيبة الأمل ، وان الجميع يشعر بأنه يُخاطر بحياته ، وان كثيرا من الزملاء لقوا مصرعهم في مهة غير ذات جدوى ، وان العديد من الجنود الذين نقابلهم ونستمع اليهم يشعرون بعدم الجدوى من الحرب ، بل وغاضبون مما يجري حولهم " ، كما أكد الكابتن " جيف ما سينجال" من كتيبة المشاة 2-87 شعبة 15 ، "ان الجنود حقا في حالة من اليأس والإكتئاب ، وجميعهم يريد العودة الى البلاد ، وأنهم يشعرون أنهم يُخاطرون بحياتهم من أجل تحقيق تقدما من الصعب ان يتحقق " ، بينما الكابتن " سام ريكو " من الشعبة الميدانية 4-25 كتيبة المدفعية أشار الى " ان جنودنا مُتعبون ، مُتوترون ، ونحن خسرنا "We"re Lost" ، لست متأكدا بالضبط لماذا نحن هنا ؟ " .
محادثات لوضع اللمسات الأخيرة على ممر للمساعدات إلى غزة
أول رد من راغب علامة بعد منعه من الغناء في مصر
منتدى استثماري سعودي سوري يعقد الأربعاء في دمشق
إنجلترا تبلغ نهائي بطولة أوروبا للسيدات على حساب إيطاليا
وزير الاقتصاد الرقمي: مساعٍ لتوفير آلاف الوظائف بحلول 2033
الدولة الوطنية وحساسيات الهوية
سيدي أبي مدين التلمساني/ بين العرفانية والتخييل
تونس بعد أربع سنوات من انقلاب قيس سعيّد
افتتاح معرض فني وتاريخي يوثق مسيرة الملك المؤسس
التربية تدعو هؤلاء لإجراء المقابلات الشخصية لوظيفة معلم/ـة
سيدة تعثر على أبو بريص في وجبة شاورما من مطعم شهير بعمان
فصل الكهرباء عن هذه المناطق غداً من الساعة 8 صباحاً حتى 6 مساءً
مطالبات مالية على مئات الأردنيين .. أسماء
وظائف شاغرة في مؤسسات حكومية .. تفاصيل
نتائج الفرز الأولي لوظيفة أمين عام وزارة التربية .. رابط
رئيس وزراء السودان يتعهد بإعمار الخرطوم
مواعيد الترخيص المتنقل المسائي في لواء بني كنانة .. تفاصيل
مكافحة الأوبئة يعلن عن وظائف شاغرة .. صورة
مراهق يقتل شقيقته طعنا جنوب إربد
مستشفى السويداء مقبرة جماعية .. صور
نفي مزاعم حول مغادرة الرئيس الشرع وعائلته سوريا
بديل جديد للسجن .. الجريدة الرسمية تنشر تعليمات المراقبة الإلكترونية