أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 13
والهند من البلدان التي تنظر بعين الريبة والقلق من تحقيق حركة طالبان اي انتصار في افغانستان ، وريبتها عظمت حينما بات الإنسحاب الأطلسي والأمريكي بحكم المؤكد من أفغانستان ، ومعلوم ان الهند شاركت بقوة في الحرب الدولية على افغانستان للإطاحة بحركة طالبان التي تحكم أفغانستان ، والتي هي بنظر الحكومة الهندية احد الأعداء الخطرين الذين يهددون أمن الهند ، بل تشكل بتحالفها مع حركة طالبان الباكستانية مصدر قلق كبير للمناطق الهندية الشمالية برمتها ، ومعلوم تاريخيا ان هناك عداء تقليدي قديم بين الهند وأفغانستان ، لأن العديد من الأسر الإسلامية الأفغانية اجتاحت اراضي الهند وأسست فيها دولا اسلامية من أبرزها الدولة الغزنوية والدولة الغورية والدولة الخلجية ، ونشرت الإسلام في ربوع الهند قرون طويلة .
لا يقل قلق الهند عن قلق دول الجوار لأفغانستان ، ايران وروسيا وحتى الصين ، فإن إعلان حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إنسحابها من أفغانستان ، تعتبره خسارة كبيرة في استراتيجتها في جنوب آسيا ، وخاصة لحليف قوي مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، هذا الحليف الذي أمن حدود الهند الشمالية من نفوذ الحركات الإسلامية المتشددة المتنامي ، بل عزت الهند في الآونة الأخيرة كافة الأعمال الإرهابية والمتطرفة - حسب وصفها - الى الجماعات الإسلامية التي تحمل مسميات مختلفة ، التي لها ارتباطات قوية مع حركة طالبان الأفغانية وحركة طالبان الباكستانية ، هذه المخاوف والقلق الهندي عبر عنه احد الكتاب الهنود وهو " هاريندار سينج" في مقالة له نشرها في مركز دراسات وتحليلات الدفاع في الهند ، والمركز العربي للدراسات الإنسانية ، في 2 يونيو 2009 ، بعنوان " الخطر الطالباني على الهند " ، مشيرا الى الخطر الكبير الي تشكله حركة طالبان على طرفي الحدود الشمالية لباكستان والجنوبية لأفغانستان ، يقول :" وبينما لا يزال من المبكر الحكم على شكل الخطر الطالباني المتوقع ، إلا أنه من المهم أن ندرس بضعة سيناريوهات محتملة من وجهة نظر الهند ، فمن الناجية النظرية ، يمكن ان يأتي التهديد من اتجاهين : إحداهما من خلال محاولة اختراق مكثفة عبر خط السيطرة كما حدث في آواخر التسعينيات من القرن الماضي ، عندما قام مسلحون من الحزام القبلي للبشتون باختراق الخط بعدد كبير من الأفراد والتحموا بصورة مستفزة مع قوات الأمن الهندية في جامو وكشمير ، والسيناريو الثاني ، هو انتشار أفكار طالبان داخل المناطق الحدودية الهندية ، ويمكن ان يتطور كتأثير ثانوي نتيجة للعنف المتزايد وعدم الاستقرار في باكستان ، ويفترض هذا السيناريو أن ايديولوجية طالبان سوف تؤثر اولا على سهول باكستان ، ثم بعد ذلك يتم نقلها الى الأراضي الهندية على يد أجيال أخرى من المسلحين الموالين لطالبان من اراضي باكستان ، كما يمكن أن يتزامن التهديدان مع بعضهما البعض ، وبذلك يُمثلان التهديد الأكبر " .
ويؤكد الكاتب الهندي " هاريندار سينج " ، أن محاولات الاختراق المتصاعدة من قبل حركة طالبان تُعد مؤشرا على وجود نوايا حقيقية لحركة طالبان في اختراق الهند ، وفي ذات السياق يحاول الكاتب الهندي الذي صرخ باعلى صوته محذرا من خطر حركة طالبان ، رسم صورة حسنة لوضع القوات الأمنية الهندية ، على الحدود الشمالية مع باكستان وأفغانستان ، التي اعتبرها قوات مُدربة تدريبا جيدا قادرة على مواجهة محاولات الإختراق الطالباني للهند " ، وعلى حد تعبيره ، لن يكون هناك سبب للقلق طالما كان هناك تنسيق فعّال بين عمليات القوات الأمنية بطول خط السيطرة في جامو وكشمير ، فيبدو ان القوات الأمنية الهندية منتشرة بصورة جيدة ومؤهلة لمعالجة أي موقف أمني ، ويقترح حلولا لمنع تلك التهديدات بما يؤمن به ، وهو " الحاجة الماسة الى تقوية الآليات الأمنية المطبقة بالفعل ، ووجوب سد الثغرات الأمنية ، كما ان الهند بحاجة الى اعادة النظر في استراتيجيتها لمكافحة التمرد في كشمير (على حد زعمه) ، ويجب اضعاف قدرات الميليشيات في المناطق النائية ".
دخلت الهند الى أفغانستان بالتزامن مع الدخول الأطلسي الامريكي ، عقب احداث 11 سبتمبر 2001م ، الا انها لم تدخل قوات عسكرية مقاتلة بصورة مباشرة ، بل توجهت الى حرب خفية داخل المجتمع الأفغاني ، العدو التقليدي للهند ، الى استغلال الأفغان الذين يمرون في ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية وعمرانية في غاية التعقيد والصعوبة ، بتقديم المساعدات المالية والعملية في مواجهة تلك الظروف ، ويبدو ان السياسة الهندية في أفغانستان قامت على تحقيق مصالح اقتصادية ومالية اكثر منها سياسية ، لأن موقفها باعتراف الخبراء الاستاتيجيين الهنود وغيرهم ضعيف جدا ، بل وصفه البعض الى حد الموقف السياسي المُخجل .
في هذا السياق يرى الكاتب " عبدالحكيم مرة " في مقالته " أهداف الهند الخفية في أفغانستان" ، المنشور في مجلة "المجتمع " الكويتية ، عدد 2065 بتاريخ 30تشرين الثاني 2013 ، أن " الهند كانت مساندا قويا للإتحاد السوفيتي اثناء احتلاله لأفغانستان عام 1979م ، وبعد الإنسحاب العسكري السوفيتي كانت الهند مؤيدا قويا للقوات المعارضة لحركة طالبان ، وبعد احداث سبتمر 2001 ، كانت داعما قويا للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أفغانستان ، وسارعت الهند الى مد حكومة كرزاي بكافة أنواع المساعدات ، حتى بلغ حجم المساعدات المالية الهندية التي قدمتها لأفغانستان 1،3 مليار دولار ، كما تعهدت بصرف 1,2 مليار دولار خلال السنوات الأربع القادمة ، بذلك تشغل الهند المركز السادس ضمن قائمة الدول المانحة لأفغانستان " ، ويشير ايضا الى ان "الهند عملت على تدريب ضباط وأفراد قوات الجكومة الأفغانية ، من جيش وشرطة ومخابرات ، وتوجت العلاقات بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين الهند وأفغانستان ، والتي وقعها الرئيس الأفغاني ورئيس وزراء الهند في اكتوبر 2011 ، كما أقامت الهند قاعدة عسكرية لها في ولاية "هلمند" ، بذريعة حماية مؤسساتها ةالعاملين الهنود في أفغانستان " ، ويبدو ان النفقات الكبيرة والمشاريع الواسعة والمتنوعة التي قدمتها الهند من اموال الخزينة الهندية للشعب الأفغاني مهددة بالمخاطر جراء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، بل ان هذا المشروع الهندي الكبير والمهم مرشح للإنهيار السريع اذا ما غادرت قوات حلف شمال الأطلسي افغانستان ، وهو أمر يثر القلق لدى الإدارة الهندية ولدى البرلمان الهندي ايضا ، الأمر الذي دفع بالكاتب الهندي " ارفيند كوبتا " في مقالته التي نشرها في موقع " معهد دراسات الدفاع والتحليلات في الهند IDSA" ، بعنوان " على الهند ان تعيد النظر في حساباتها في أفغانستان " ، بتاريخ 15 تشرين اول 2010 ، حيث أشار الى ان للهند مصالح حقيقية في استقرار أفغانستان ، وقد اختارت ان تكون شريكا مهما في مساعي المصالحة بالإلتزام بانفاق ما يقرب 1،5 مليار دولار في السماعدة الأقتصادية وإعادة الإعمار ، لكن نفوذ الهند السياسي متواضع بسبب المعادلة الباكستانية الأمريكية في البلاد ، ويُرجح ان يبقى الحال على ما هو عليه في المستقبل القريب ، نظرا لإعتماد الولايات المتحدة المفرط على باكستان ، يبقى ان تبق الهند مشاركة ، مع التواري عن الأنظار ، وأكتساب حسن ظن الشعب الأفغاني من خلال برامجها للمساعدة متعددة الوجوه ، وينبغي أن تنأى بنفسها ، مستفيدة من الخبرات الأمريكية والسوفيتية ، عن أية مغامرات مُكلفة غير محبوسة ، وعلينا كذلك الأستمرار في توضيح خيارات الحل الإقليمي الحالي ، ويجب ان تكون للهند صلات مع كل المجموعات العرقية في أفغانستان ، خاصة مع البشتون ، بينما تعارض الهند بصورة عامة إجراء محادثات مع طالبان " الطيبة " وطالبان "الشريرة" " .
اكثر الكتاب والمحللين الهنود تشاؤما من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، وترك الهند ومصيرها المحتوم ، هو الكاتب ،" سوشانت سارين Sushant Sareen" ، في مقالته المنشورة في معهد الدراسات العسكرية والتحليلات IDSA" في 20 مارس 2012 ، " أفغانستان : الخيار ات السيئة ، والعوائد الأسوأ Afghanistan :Bad Options " " ,Worse Outcome " ، موضحا الحالة السيئة التي تعيشها القوات الهندية والدولية في أفغانستان ، داعيا الحكومة الهندية بدلا من دفع فاتورة باهضة من الثمن ، الى البحث من مخرج آمن من أفغاستان وبأقل الخسائر .
أعربت الهند اكثر من مرة عن خشيتها من تداعيات الإنسحاب الأطلسي من أفغانستان على اراضيه ، لا سيما من تزايد اعداد المسلحين الفارين الى اراضيها من أفغانستان المجاورة ، عقب إنسحاب القوات الأمركية من أفغانستان ، وا المسلحين قد يلجأون الى مرتفعات همالايا التي تعتبر منطقة نزاع بين الهند وباكستان ، هذه المخاوف الهندية دفعت بوزير الخارجية الأمريكية " جون كيري " الى زيارة خاصة الى الهند ، يوم الأثنين 23 يونيو 2013 ، حاول من خلالها تهدئة مخاوف الهند من الإنسحاب المبرمج للقوات الأمريكية من أفغانستان ، بدعوة منه الى دور اكبر تلعبه نيودلهي في المنطقة ، وهي من التطمينات التي أكد عليها " كيري" لرئيس الوزراء الهندي" مانموهان سنج" ووزير الخارجية الهندي " سلمان خورشيد" ، ويبدو ان مخاوف الهند كبيرة جدا ، الأمر الذي جعل وزير الخارجية الأمريكية ان يلقي خطابا قصيرا مجرد وصوله الى ارض المطار في نيودلهي ، مؤكدا على ان الولايات المتحدة الأمريكية " واقعية جدا " ، بشأن الصعوبات التي تواجهها في أفغانستان ، واعترف بان التوصل الى اتفاق مع طالبان يحتاج الى وقت طويل على الأرجح ، قائلا ،مطمئنا الحكومة الهندية :" لنكن واضحين، أي اتفاق سياسي يجب ان يُترجم بالضرورة بقطيعة بين طالبان و"تنظيم القاعدة" ، والتخلي عن العنف ، وقبول الدستور الأفغاني ، وأكد ان أفغانستان يجب الا تصبح مجددا ملاذا للإرهاب الدولي ، ودعا الهند للعب دور رئيسي في الانتخابات الأفغانية التي ستجري في 2014 ، وقال :"أكبر ديمقراطية في العالم يُمكنها ان تقوم بدور رئيسي في مساعدة الحكومة الأفغانية على تحسين نظامها الأنتخابي ".
محادثات لوضع اللمسات الأخيرة على ممر للمساعدات إلى غزة
أول رد من راغب علامة بعد منعه من الغناء في مصر
منتدى استثماري سعودي سوري يعقد الأربعاء في دمشق
إنجلترا تبلغ نهائي بطولة أوروبا للسيدات على حساب إيطاليا
وزير الاقتصاد الرقمي: مساعٍ لتوفير آلاف الوظائف بحلول 2033
الدولة الوطنية وحساسيات الهوية
سيدي أبي مدين التلمساني/ بين العرفانية والتخييل
تونس بعد أربع سنوات من انقلاب قيس سعيّد
افتتاح معرض فني وتاريخي يوثق مسيرة الملك المؤسس
التربية تدعو هؤلاء لإجراء المقابلات الشخصية لوظيفة معلم/ـة
سيدة تعثر على أبو بريص في وجبة شاورما من مطعم شهير بعمان
فصل الكهرباء عن هذه المناطق غداً من الساعة 8 صباحاً حتى 6 مساءً
مطالبات مالية على مئات الأردنيين .. أسماء
وظائف شاغرة في مؤسسات حكومية .. تفاصيل
نتائج الفرز الأولي لوظيفة أمين عام وزارة التربية .. رابط
رئيس وزراء السودان يتعهد بإعمار الخرطوم
مواعيد الترخيص المتنقل المسائي في لواء بني كنانة .. تفاصيل
مكافحة الأوبئة يعلن عن وظائف شاغرة .. صورة
مراهق يقتل شقيقته طعنا جنوب إربد
مستشفى السويداء مقبرة جماعية .. صور
نفي مزاعم حول مغادرة الرئيس الشرع وعائلته سوريا
بديل جديد للسجن .. الجريدة الرسمية تنشر تعليمات المراقبة الإلكترونية