أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 15
أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 15
" النموذج الآخر للإمبراطوريات المهزومة "
اين تقع باكستان في مشهد إنسحاب حلف شمال الأطلسي من أفغانستان ؟ فباكستان الدولة التي باتت مستهدفة جنبا الى جنب مع أفغانستان ، بل لا نبالغ اذا ما قلنا ان باكستان ربما تشكل الهدف الإستراتيجي الأول للخطة الأطلسية في القضاء على حركة طالبان في افغانستان ، وذلك لإعتبارات هامة ، نجملها بما يأتي :
اولا : إمتلاك باكستان للسلاح النووي ، حيث أعلنت باكستان في 28 مايو 1998م عن أول تفجير نووي باكستاني ، حيث تم تفجير خمس قنابل نووية ، كان لتفجيرها وقعه المذهل على العالم برمته ، لاسيما الهند واسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .
ثانيهما: ولادة حركة طالبان الأفغانية في باكستان ، حيث ترعرت في المدارس الدينية الباكستانية التي قامت في معسكرات اللاجئين الأفغان في باكستان ، واصبحت الحركة التي سيطرت على العاصمة الأفغانية كابول سنة 1996م على علاقة وتحالف كبيرين مع الحكومة الباكستانية .
ثالثهما: العلاقة الوثيقة بين الاستخبارات العسكرية الباكستانية وحركة طالبان ، الأمر الذي ولد مخاوف كبيرة لدى القيادة الامريكية ان مثل هذه العلاقة ربما تهدد المصالح الغربية في منطقة جنوب آسيا برمتها ، لا سيما تهديد الهند الحليف الجديد لأمريكا في المنطقة .
لقد فرض الاحتلال الروسي لإفغانستان في 27 كانون الأول 1979م ، حالة جديدة من التوتر السياسي والمني في منطقة جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط ، إذ باتت المنطقة تتخوف من حصول امتداد في الزحف الروسي نحو منطقة الخليج العربي ، وكانت باكستان اكثر الدول تضررا من الاحتلال السوفيتي لإفغانستان ، حيث أصبحت مطالبة من المجتمع الدولي ، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والعربية في تحمل مسؤولياتها تجاه تردي الأوضاع في أفغانستان ، وطولبت بفتح أراضيها أمام المهاجرين الأفغان الذين تجاوز عددهم اكثر من 2 مليون مهاجر ، بالإضافة الى فتح أراضيها أمام حركة المقاومة والجهاد الأفغانية الجديدة والتي غلب عليها الطابع الإسلامي الجهادي ، وتوفير الدعم اللوجستي والعسكري من خلال توفير السلاح الحديث للمقاتلين الأفغان ، وتدريبهم على تلك الأسلحة ، لاسيما الأسلحة الثقيلة والمتقدمة مثل صواريخ ستنجر المضادة للطائرات .
استجابت القيادة الباكستانية ممثلة بالزعيم الباكستاني " محمد ضياء الحق " الى تلبية مطالب المجتمع الدولي ، فساهم هو وحكومته وعبر كافة القنوات السياسية والدبلوماسية للتصدى لخطر الاحتلال السوفيتي لإفغانستان ، بل وأصبحت باكستان من حينها معنية في توفير كافة الوسائل امام حركة المقاومة الأفغانية للعمل على إضعاف التواجد السوفيتي في أفغانستان ، فقدمت الحكومة الباكستانية دعما كبيرا الى كافة الفصائل المقاتلة ضد الروس ، مثل الاتحاد الإسلامي بزعامة عبدرب الرسول سياف ، والحزب الإسلامي بقيادة "قلب الدين حكمتيار" ، والجمعية الإسلامية بزعامة " برهان الدين رباني " ، وحركة الإنقلاب الإسلامي بقيادة " محمد نبي محمدي" ، والحزب الإسلامي ، بقيادة "يونس خالص " ، والجبهة الإسلامية التقدمية بقيادة " جيلاني" ، والجبهة الوطنية الأفغانية التحررية بقيادة " مجددي" .
نجحت باكستان بالتعاون مع معظم دول العالم ، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية ، في تحقيق تقدم ملموس على جبهة القتال في أفغانستان ، اذ أصبحت المقاومة الأفغانية قادرة على التعاطي مع القوات السوفيتية في الميدان ، من خلال ايقاع الكثير من القتل والأسر والاستيلاء على الاسلحة السوفيتية ، والأهم من ذلك قدرة المقاومة على اسقاط الطائرات المروحية الروسية بواسطة استخدام صواريخ " ستنجر" المحمولة على الكتف ، وبعد مرور عشر سنوات على الاحتلال السوفيتي ، أدركت روسيا ومعها "حلف وارسو" ان وجودهم في أفغانستان لن يحقق لها ما تصبوا اليه ، وأنها ستتكبد خسائر إضافية كبيرة ان قررت البقاء هناك ، فقررت على إثرها الإنسحاب من أفغانستان سنة 1989م ، وفي مقالة نشرتها في "مجلة المجتمع الكويتية" بتاريخ 22 مارس 1988 ، العدد 859 ، بعنوان" الجهاد الأفغاني والمؤامرات الدولية " نوهت الى ان مؤتمر القمة الروسي - الأمريكي الذي عقد في العاصمة واشنطن بين الزعيم الروسي " ميخائيل غورباتشوف " والأمريكي " رونالد ريغان" ، جاء بنتائج اهمها ،"ان الزعيم الروسي "غورباتشوف" صرح ان بلاده تعتزم الإنسحاب الكامل من أفغانستان بحلول شهر مارس المقبل تاركة البلاد لأصحابها يقررون مصيرها ولتحكمها القوى الوطنية " ، "وحينما وصل مبعوث الأمم المتحدة " دييجو كوردوفيس" الوسيط الدولي لحل الأزمة الأفغانية ، وصل الى العاصمة الباكستانية "اسلام آباد" ، حاملا رسالة الى الزعيم الباكستاني "الجنرال محمد ضياء الحق" ، وفي مقابلات مختلفة مع صحيفة " نيوزويك" الأمريكية ، صرح الزعيم الباكستاني ، ورئيس الوزراء "محمد خان جونيجو" ، :"انه ينبغي ان يشارك في المفاوضات المقبلة بعض من اعضاء حكومة كابول الموالية للإتحاد السوفيتي ، وانه يجب ان يكون لهم مكان في الحكومة الأفغانية الجديدة ، شريطة انسحاب القوات الروسية الكامل من أفغانستان " ، وفي حينها ، استغرب الزعيم الباكستاني إعلان "غورباتشوف" المفاجيء حول الانسحاب الروسي من أفغانستان ، واطلق " ضياء الحق" كلمته المشهورة ، والتي تناقلتها وسائل الآعلام الباكستانية والعالمية ، وهي قوله :" لقد جاءنا خبر قرار الحكومة السوفيتية الإنسحاب من أفغانستان ، وان ذلك بحق يعتبر مُعجزة إلهية كبرى " ، واخيرا انسحبت القوات السوفيتية ، لتدخل أفغانستان بمرحلة سياسية عاصفة بالأحداث ، حيث قام قادة القبائل وزعماء فصائل المجاهدين المختلفة باحتلال المدن الأفغانية الرئيسية ، واحتل "برهان الدين رباني " العاصمة كابول ، وحكمها سنة 1992م الى سنة 1996م ، حيث تفشى الفساد والقتل وعدم الاستقارا ، بل ووقع المحضور ، اشتعل القتال بين فصائل الجهاد المختلفة ، وخلال هذه الفترة ، عملت الحكومة الباكستانية من خلال جهاز مخابراتها ، للعمل على خلق بدائل من اجل تحقيق استقرار في أفغانستان ، فتحالفت مع "حركة طالبان" التي ولدت وترعرعت في المدارس الدينية الباكستانية ، على ان غالبية عناصر حركة طالبان ينتسبون الى قبائل " البشتون" وقد ركزوا جهودهم على محاربة الفساد والجشع والانقسامات التي تفشت في صفوف المجاهدين ، ولذلك وعند قيامهم بأول توسع داخل أفغانستان ، وجدوا تجاوبا وتأييدا من غالبية الشعب الأفغاني ، ونجحوا في احتلا العاصمة "كابول" في عام 1996م ، وسيطروا على كافة الأراضي الأفغانية ما عدا بعض الجيوب الصغيرة .
وجاءت احداث 11 سبتمبر 2001م ، لتضع باكستان وحركة طالبان امام تحدي خطير وباهض الثمن ، والقى بظلاله على الاحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية ، بل وتعرضت باكستان ، باعتبارها الحليف الاستراتيجي للحركة ، ومن المؤيدين القلائل والداعمين لحركة "طالبان" ، منذ الأيام الأولى للهجمات على "نيويورك" و"واشنطن" ، لضغوط امريكية ودولية هائلة ، تحثها على تأييد الحملة العسكرية الأمريكية ضد ما تسميه الإرهاب ، ومارست الولايات المتحدة الامريكية ضغوطا كبيرة وهائلة على باكستان للسماح للقوات الامريكية باستخدام الأراضي الباكستانية ومجالها الجوي من اجل احتلال أفغانستان ، وقد حذرت امريكا باكستان من انها اذا لم تتعاون معها فانها لن تعتبر باكستان بعد الآن صديقا وحليفا ، وانها قد تُعرض مصالحها ومنشآتها النووية للخطر ، وهو ما جعل الرئيس الباكستاني " برويز مُشرف" يُسارع الى الشعب الباكستاني بالقول:"انه على الباكستان ان تتخذ قرارا استراتيجيا يضمن أمنها وسلامتها ومصالحها بالدرجة الأولى "، وجاء الرد الباكستاني الرسمي بالموافقة عل تأييد الحملة الأمريكية على الإرهاب ، من حينها دخلت باكستان الحر ب على أفغانستان جنبا الى جنب مع حلف شمال الأطلسي ، ومن يومها انتشر العنف والاضطرابات السياسية في ارجاء البلاد .
اجتاحت باكستان موجة من المظاهرات المعارضة للتدخل الأمريكي في أفغانستان ، وباتت تلك الموجة تهدد الأمن القومي الباكستاني ، حتى أثيرت شائعات بان النظام السياسي بات قاب قوسين او أدنى من الأنهيار ، وقد استخف "برويز مشرف" بمثل تلك التكهنات ، نافيا إمكانية وقوع انقلاب عسكري ، مشددا في الوقت نفسه على ان تكون باكستان دولة مسالمة مستقرة وآمنة ، وان حكومته تؤمن بحرية التعبير وتعي قيمة الديمقراطية ، ولكن عندما تستخدم هذه الحريات للتلاعب بمصير باكستان ، لا يمكن ان نبقى مكتوفي الأيدي صامتين ، وفي 22 نوفمبر 2001م قررت باكستان إغلاق سفارة "طالبان" في إسلام أباد" .
وحين نجحت الحملة الأمريكية على أفغانستان من اسقاط حكومة طالبان ، واستولت على مقادير السلطة ، وجدت نفسها متورطة في احتلال هذا البلد ، وانها تتكبد يوميا خسائر بشرية ومادية كبيرة جدا ، راحت قياداتها العسكرية تعترف شيئا فشيئا بورطتها في أفغانستان ، وان الرأي العام الأمريكي يُمارس ضغوطات كبيرة على الإدارة الأمريكية لسحب قواتها ، بدأت بتنفيذ خطة جديدة ، وهي السعي الى ضرب العمق الاستراتيجي لحركة طالبان ، وهو القبائل الباكستانية الواقعة على الحدود المشتركة في وزير ستان ، ولأن القوات الأمريكية لا تستطيع القيام بالمهمة على أكمل وجه داخل الأراضي الباكستانية ، كان لا بد من جر وتوريط القوات الباكستانية في هذه المعركة ، وفعلا تورطت باكستان في تلك الحرب ضد شعبها لحساب الاستراتيجية الأمريكية في حربها ضد "طالبان" ، ووفقا لتقرير معهد "بروكينجز" الأمريكي فان القوات المسلحة الباكستانية المشاركة في الحرب ضد حركة طالبان الأفغانية والباكستانية بلغت ذروتها سنة 2009 ، حيث شارك الجيش الباكستاني بـ(144,000 جندي ومقاتل) ، وفي سنة 2011 (144,000 جندي ومقاتل ) ما يدل على الحجم الكبير للقوات الباكستانية المشاركة للقضاء على حركة "طالبان " التي يسميها التحالف الغربي " بحركة التمرد الإرهابية " .
لم يوقف تنحي الرئيس الباكستاني " برويز مُشرف" عن السلطلة في باكستان ، موقف الحكومة الباكستانية المنتخبة من تصعيد عملياتها العسكرية ضد حركة "طالبان " الباكستانية ، التي تعتبر الظهير الاستراتيجي لحركة "طالبان" الأفغانية ، المتواجدة في منطقة القبائل في "وادي سوات" الاستراتيجي ، فالحكومة التي يرأسها " عاصف علي زرداري" ، ورئيس وزرائها " يوسف علي جيلاني" ، أظهرت المزيد من التعاون مع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في حربها ضد طالبان ، الى درجة (وفق موقع مفكرة الإسلام) ان اقدم رئيس وزراء باكستان" يوسف علي جيلاني" على مخاطبة الباكستانيين قائلا في شهر مايو 2009 :" اننا استدعينا القوات المسلحة للقضاء على المسلحين في مناطق القبائل الشمالية ، وان الوقت حان لوقوف الأمة (الباكستانية) الى جانب الحكومة والجيش ضد الذين يحاولون أخذ بلدنا رهينة لديهم وجعل مستقبلنا مظلما بقوة السلاح" ، "وزادت الحكومة من حملاتها العسكرية على "وادي سوات" ، وقصفته بالطيران عبر سلسلة كبيرة من الهجمات ، مما أضطر اكثر من خمسين الف مواطن للنزوح من الوادي ، وان بقية السكان البالغ عددهم اكثر من مليون ونصف مهددون بالنزوح من بيوتهم بسبب تلك الهجمات التي يقودها الجيش الباكستاني ، هذه العملية اثلجت صدر الإدارة الأمريكية ، بل جاءت في حقيقتها عقب اجتماع الرئيس الأمريكي " باراك اوباما" مع الرئيسين الباكستاني" عاصف علي زرداري" ، والأفغاني "حامد قرضاي" ، في البيت الأبيض ، حيث شددت الإدارة الأمريكية على ضرورة " تكوين تحالف ثُلاثي ، امريكي ، باكستاني وأفغاني، ضد حركة "طالبان" ، لمحاولة " استئصالها" .
زراعة المزار الشمالي تدعو لاتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من الحرائق
الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض
مقتل 48 شخصًا جراء الأمطار في الصين
تكريم عمال الوطن العاملين في تلفريك عجلون
أوقاف عجلون تكرم كوكبة من حفظة القرآن الكريم
عمّان الأهلية تشارك بملتقى عمداء الدراسات العليا في الجامعات الأردنية
عمان الأهلية تشارك بالملتقى العربي الـ29 لتبادل فرص التدريب
اعتقال شاعر ليبي بسبب قصيدة .. تفاصيل
ولي العهد يزور الوكيل أول متقاعد إبراهيم الختالين
الأمير فيصل يستقبل وفد مهرجان الأمل والأحلام
زيد الحلواني يتصدر الترتيب العالمي للتايكواندو
تركيا توقف جميع صادرتها باتجاه دولة الاحتلال
بدء التسجيل في منتدى تواصل 2024 .. رابط
بايدن: احتجاجات الجامعات لم تدفعنا لتغيير سياستنا في الشرق الأوسط
متى ينتهي عدم الاستقرار الجوي الذي يؤثر على المملكة
قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض
عشرات المدعوين للتعيين في وزارة الصحة .. أسماء
مطلوبون لدفع مستحقات مالية .. أسماء
مواطن:ظُلمت بسبب دفاعي عن السلام الملكي .. فيديو
فصل الكهرباء عن هذه المناطق من 9 صباحاً إلى 3:30 الأحد
الأردن .. تحذير من الرياح والغبار والسيول خلال الساعات المقبلة
اليرموك تطلب أعضاء هيئة تدريس .. رابط
هل منع الأردن دخول سيارات الكهرباء ذات البطاريات الصلبة
الأردن .. تفاصيل قتل أب ابنته حرقا وهو يشاهدها ويسمع صرخاتها
تحذير من الأمن العام للمواطنين .. فيديو