أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 28

mainThumb

12-02-2014 09:46 PM

الحقيقة ان تضارب الآراء لدى وزراء دفاع استراليا بدأت تطفوا على السطح ، وهي إشارة بارزة على بداية تراجع مواقف استراليا عن حربها على أفغانستان ، وانها باتت متضررة من وجودها هناك ، ومع ان وزير الدفاع  " جويل فيتزجيبون Joel Fitzgibbon " اعترف وامام وزراء دفاع الناتو عن هزيمة الحلف في الحرب ، يأتي وزير الدفاع الجديد " ستيفن سميث Stephen Smith " ، الذي تولى منصبه منذ 14 سبتمبر/ايلول 2010 ولغاية 18 سبتمبر/ايلول 2013 ، ليؤكد على :" استعداد بلاده في مكافحة الإرهاب الدولي ، وإن استراليا الآن أكثر استعدادا وأكثر فعالية في مكافحة الإرهاب الدولي ، وأن القوات المسلحة الاسترالية تقوم بدور هام في الجهود الرامية الى استئصال جهود الإرهاب في أفغانستان " (وكالة الأنباء السعودية 11 سبتمبر /ايلول 2011م) .كما اعلن وزير الدفاع الاسترالي نفسه :"أن بلاده ليس لديها خطة لتسريع إنسحاب قواتها من أفغانستان ، وأن بلاده باقية في أفغانستان حتى عام 2014 " ، وجاء نفس الوزير ليصرح لمحطة "اي بي سي نيوزABC  ، في 26 مارس /آذار 2013" :"أن معظم قوات بلاده العاملة في أفغانستان ستغادر أفغانستان بحلول نهاية العام 2013م ، عندما يتم إغلاق القاعدة العسكرية الدولية في منطقة "تارين كوت"  في إقليم"اوروزغان" الأفغاني ، وحسب الشبكة الإخبارية  الأمريكية ، قال "سميث":" أنه يتم سحب 1000 جندي استرالي على الأقل من أصل 1550 جنديا من المتواجدين في أفغانستان ، بحلول نهاية عام 2013 ، مضيفا أن قرار إنسحاب القوات الاسترالية وإغلاق القاعدة الموجودة بمنطقة "تارين كوت" ، جاء بعد التشاور مع استراليا والسلطات الأفغانية ، كما أنه يتماشى مع الجدول الزمني لإنتقال المسؤولية الأمنية الكاملة بالإقليم الى القوات الأفغانية بحلول 2013" ، وقد اشار وزير الدفاع الاسترالي الى ان مهمة قوات بلاده في أفغانستان كانت طويلة جدا ، وان الحرب هي أسهل شيء يمكن بدؤه في العالم وأصعب شيء يمكن وقفه " ، ويبدو ان قرار الإنسحاب من افغانستان اتخذ من قبل الإدارة الإسترالية ، ودون اخذ اي اعتبارات لموقف الولايات المتحدة والقوات الدولية الأخرى ، ولم تأتي تلك المواقف من فراغ ، بل جاء استجابة لمطالب الشارع الإسترالية في ايقاف الحرب واعادة الجنود ، وان استراليا حذت حذو القوات الهولندية والفرنسية والالمانية وغيرها من الدول التي سحبت قواتها من أفغانستان ، وكان القرار النهائي قد صدر من العاصمة الاسترالية "كامبيرا" في 29 اكتوبر /تشرين الأول 2013 ، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسترالي " توني آبوت Tony Abbott" في بيان لدى زيارته المفاجئة الى أفغاسنتان يصحبه وزير دفاع بلاده "ديفيد جونستون David Johnston ، أن :" أطول حرب لأستراليا توشك على الانتهاء ، وأن مهمة قوات الدفاع الاسترالية في ولاية "اوروزغان" الأفغانية تتقلص " ، وشارك "توني آبوت " وزير دفاعه في مراسيم تقدير احتفالا بنهاية مهمة استراليا في حرب شهدت اربعين قتيلا استراليا على مدى أكثر من عشر سنوات ، مصرحا:"  أن حرب أفغانستان معقدة ، وان أطول حرب لإستراليا توشك على الإنتهاء ، وليس بتحقيق الانتصار ولا بالهزيمة ، ولكن كما نأمل بأفغانستان أفضل، وان إنسحاب قوات بلاده من أفغانستان أمر "حلو ومر"في آن معا ، وانه أمر حلو لأن مئات الجنود سوف يعودون الى الوطن للمشاركة باحتفالات اعياد الميلاد ، وأمر مر لأنه ليس جميع الأسر الأسترالية سوف ترى عودة الأبناء والآباء والأقران " ، ووفق احصائيات الحكومة الاسترالية ، فأن ما يزيد على 20 الفا من الجنود الأستراليين خدموا في أفغانستان ، أصيب منهم بجروح خطيرة حوالي 260 جنديا ، بينما بلغ حجم الإنفاق على الحرب الأفغانية حوالي 6,7 مليار دولار ، في محاولة ، برأي رئيس الوزراء الاسترالي ، لإلحاق الهزيمة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة " .

بعد الدعم اللامحدود الذي قدمته الحكومة الدنماركية والشعب الدنماركي للولايات المتحدة الأمريكية في حربها على أفغانستان ، والذي استمر قرابة عشر سنوات متواصلة ، ظهرت على السطح أغلبية دنماركية ولأول مرة ، تُعارض التواجد العسكري الدنماركي والدولي في أفغانستان ، ويبدو ان هذه الخطوة جاءت من جانب الشعب الدنماركي ردة فعل على عدد القتلى والجرحى من الجنود الدنماركيين الذين قتلوا وأصيبوا على يد حركة طالبان الأفغانية ، فقد نقلت الإذاعة الدنماركية ان احصائية أجريت شهر ( أغسطس /آب 2010) كشفت النقاب عن ان نسبة 55% من الشعب الدنماركي لا تؤيد التواجد العسكري في أفغانستان ، في حين رأى 32% ضرورة دعم بقاء الجيش الدنماركي في بلاد الأفغان ، وحسب ما نقلته الإذاعة الدنماركية فإن السبب في زيادة معارضة المعارضة للحرب على أفغانستان هو قناعة الدنماركيين بأن هذه الحرب لا يمكن الفوز فيها ، وأكدت احصائيات أخرى لمركز" إيبينيون" التابع للإذاعة الدنماركية أن 69% من الدنماركيين لا يعتقدون بإمكانية الفوز بالحرب في أفغانستان " ، ووفق صحيفة "أخبار الدنمارك" الألكترونية في ( 30 أغسطس /آب 2010) فان "هولجر نيلسون" مسؤول لجنة الدفاع في حزب الشعب الإشتراكي الدنماركي ، علق على تلك الإحصائيات بأنها تبين ما يشعر الدنماركيون به بالفعل حيال الحرب في أفغانستان ، وان الوقت قد حان من أجل سحب القوات الدنماركية من هناك "، بينما يرى مسؤول لجنة الدفاع في حزب الشعب الدنماركي "سورين إسبرسن" :"أن الأمر طبيعي بان يفقد الدنماركيين الأمل في الفوز بالحرب نظرا لأن الدنمارك وحلف الناتو يرفضون استخدام القوة الضاربة ضد حركة طالبان ، مشيرا الى رفض الدنمارك ارسال مقاتلات حربية "اف 16" للقتال في أفغانستان "، لقد ألقت الحرب على أفغانستان بظلالها على الواقع الدنماركي ، بل باتت تؤرق مضاجع المسئولين هناك ، الى درجة ان وزيرة الخارجية الدنماركية "لينه إسبرسن"  قالت تصريحات غير دقيقة عن واقع الحرب على أفغانستان ، مما تسبب في أزمة سياسية حادة واجهتها الحكومة الدنماركية ، حيث صرحت:" بأن قوات حركة طالبان تقاتل الآن  " بيأس " ، وأنها لم تعد تملك العديد من الخيارات في مواجهة قوات حلف شمال الأطلسي " ، وقد أشارت الى ان هذه الملعومات هي من اقوال رئيس أركان العمليات الحربية الأمريكية في أفغانستان ، الا ان هذه التصريحات جائت منافية لحقيقة التصريحات التي اطلقها المسئول الأمريكي حول الوضع في أفغانستان ، ووفقا لأخبار "تي في تو TV2" فقد صرح المسؤول الأمريكي بالآتي:" في حقيقة الأمر بأن قوات حركة طالبان قد أصبحت أكثر صبرا مما سبق ، وأن قوات الناتو تواجه بعض المصاعب في السيطرة على الوضع" ، لذلك فقد القى الشارع الدنماركي باللوم على وزيرة الخارجية ، واعتبروها مظللة للرأي العام الدنماركي (أخبار الدنمارك، 11 اكتوبر/تشرين الأول 2010) .

كان قد سبق وان اتخذت الحكومة الدنماركية قرارا بتاريخ ( 26 أغسطس /آب 2010) ترفض فيه طلبا لحلف شمال الأطلسي يتعلق بإرسال طائرات حربية مقاتلة من طراز "إف 16 F16 "  الى أفغانستان ، وارجعت الحكومة الدنماركية سبب هذا الإجراء الى أنها كعضو في حلف شمال الأطلسي ساهمت بشكل كبير في جهود التحالف الدولي في الحرب على أفغانستان ، وقد حرصت وزيرة الخارجية الدنماركية " لينه إسبرسن" في حديث مع الصحفيين في ختام اجتماع لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الدنماركي ، على ان تقول :" نحن إحدى الدول الأكثر مساهمة في أفغانستان ، لهذا السبب رفضنا طلب حلف شمال الأطلسي " ، مضيفة :" هناك رغبة قوية لدى اللجنة في الحد من الإلتزام العسكري الدنماركي في أفغانستان ، وان موازنة الدفاع الدنماركية تواجه ضغطا ، وان الحكومة غير ملزمة بالقيام بالمزيد في هذا البلد ، فيما يتعين على دول أخرى الدخول الى الساحة والإستجابة لمطالب الحلف الأطلسي " (مفكرة الإسلام، 26أغسطس/آب 2010).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد