أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 30

mainThumb

22-02-2014 08:36 PM

أفغانستان وحلف شمال الأطلسي  : 30
" النموذج الآخر للإمبراطوريات المهزومة "

الى جانب الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، فان العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة شاركت في مهمات القتال في أفغانستان ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة، ومن الدول غير الأعضاء  في حلف شمال الأطلسي، الأردن والامارات العربية المتحدة والبحرين وماليزيا، وهي مثل غيرها من الدول التي سارعت الى تأييد الحملة العسكرية ضد حركة طالبان عقب احداث 11 سبتمبر 2001، ورغم قلة امكانيات تلك الدول، بما فيها الأردن، واعتبار مشاركتها رمزية، الا أنها أبدت حماسا كبيرا في المساهمة في الحرب ضد الإرهاب، وفق الرؤية الأمريكية، تعاطفا مع الحدث الكبير الذي أودى بحياة الآلاف من الأمريكيين، وللمحافظة على مبدأ الصداقة والشراكة مع الدولة العظمى في العالم، ومشاركة الأردن في عمليات عسكرية خارج الحدود ليست المرة الأولى، فقد شارك الجيش الأردني في استتباب الأمن في معظم دول الخليج العربية "عُمان، الكويت، البحرين، قطر، الامارات العربية المتحدة" واليمن وسوريا، أضف الى ذلك مساهمات الأردن في مهمات حفظ السلام في العالم، مثل "هاييتي، ساحل العاج، دارفور السودان، البوسنة والهرسك، تيمور الشرقية، وغيرها"، ثم جاءت أفغانستان، كل ذلك كان معلنا للشعب الأردني، حتى مشاركة الأردن في أفغانستان تم إعلانها بشكل رسمي، ولكن الإشكال الذي حصل هو ان الأردنيين وقعوا في ارباك شديد حينما ادركوا ان ابناءهم لم يذهبوا فقط لتحقيق مهمات انسانية خدمة للشعب الأفغاني المسلم  فحسب، بل تعدت تلك المهام الجانب الإنساني الى الجانب القتالي.

ورغم خطورة الوجود العسكري الاردني على ارواح الجنود، لأن أفغانستان قادرة على تشكيل تلك الخطورة في اي وقت وفي اي زمان، وقادرة على احراج الدول الكبرى في العالم، ليس دولة بحجم الأردن، على سبيل المثال، فالاردن لا يستطيع باي حال من الأحوال ان يواجه حركات المقاومة الإسلامية الأفغانية وعلى أرضها، وهي التي هزمت الإمبراطورية البريطانية، والإمبراطورية السوفيتية، وهي بصدد إلحاق نفس الهزيمة بالإمبراطورية الأمريكية، فعلى الرغم مما ستواجهه القوات المسلحة الأردنية من مخاطر وتهديدات مباشرة، الا ان الأردنيين كانوا قد أبدوا رضاهم في بداية الحملة على المشاركة الأردنية والتي جاءت على شكل إنساني محض، وذلك من خلال تأسيس لبناء مستشفى في مدينة "مزار شريف" لعلاج الأفغان المصابين في الحرب الأمريكية  على حركة طالبان وتنظيم القاعدة، بل وكان مرحبا به من قبل الشارع الأردني، حيث بدأت الأردن مشاركتها في شهر كانون الأول 2001 حينما سارعت القوات المسلحة الأردنية الى إرسال قوات خاصة أردنية الى مدينة "مزار شريف" للقيام بمسح المنطقة وفحصها من الألغام او التهديدات الأمنية الأخرى، وبعدما انهت المجموعة مهمتها، شرعت في بناء المستشفى العسكري الميداني، الذي يضم 50 سريرا برفقة الفريق الطبي الأردني، ووفقا لتقرير وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، فان المستشفى الأردني قدم خدمات علاجية لأكثر من 650 مواطنا أفغانيا بشكل يومي، وكان المستشفى قد عالج حتى سنة 2006 م ، أكثر من 500 الف مواطن أفغاني "Defense link News article: Jordan,July 5,2010".

وقد اوضح العميد الطبيب "عبدالعزيز الزيادات" مدير المستشفى ، أن المستشفى يتألف من طواقم طبية وتمريضية وإدارية مختلفة، يصل قوامها الى 200 فرد، ما بين طبيب وممرض وفني وإداري، بينهم 27 طبيبا من مختلف التخصصات الطبية، في الجراحة والمسالك البولية والباطنية والنسائية والتوليد والأذنية، والعيون، والنفسية، والجلدية، والأطفال، والإسعاف، والتأهيل، وطب الأسرة، والطب الوقائي والتخدير والأشعة "الشرق الأوسط ، العدد 8467، 2فبراير 2002م" .

وتمكنوا من إجراء 1131 عملية جراحية منذ ان باشر المستشفى عمله هناك ، وأكدت صحيفة الدستور الأردنية  بتاريخ  22 يوليو 2002 ، انه أجرى عدد من العمليات الصعبة والمعقدة ونادرة الحدوث / مثل التصاق الفك الصدغي واستئصال بعض الأورام السرطانية ، وبلغ عدد المراجعين للمستشفى من الأفغان في الفترة نفسها نحو 98 الف مراجع لمختلف العيادات إضافة الى الخدمات الصحية للمرضى الذين يراجعون من المنظمات الإنسانية العاملة في شمال أفغانستان .

هذه المهام الإنسانية ، والتي قوبلت بالترحيب من الشارع الأردني والأفغاني ، حافظت على نسقها الإنساني ثمان سنوات تقريبا ، منذ تأسيس المستشفى في سنة 2002م  وحتى حادثة "خوست " الأفغانية ، في 30 كانون الأول 2009، التي راح ضحيتها الضابط الأردني "النقيب علي بن زيد " ابن عم جلالة الملك عبدالله الأول بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تفاجأ الشارع الأردني بهذه الحادثة الأليمة، بل وشكلت منعطفا حادا في قبوله للوجود العسكري الأردني على أرض أفغانستان، بل وخلقت حالة من الرفض والاحتجاجات مطالبة بإعادة القوات الأردنية الى أرض الوطن، وان الحرب على أرض أفغانستان ليست حرب الأردنيين، وتشكلت جماعة اطلقت على نفسها "ليست حربنا" إشارة الى الحر ب في أفغانستان، وتعالت الأصوات تستنكر المهمة القتالية للجيش الأردني في أفغانستان، منوهين الى ان الجيش الأردني هو جيش عربي هاشمي مسلم، لا يجوز له  قتال المسلمين الأفغان .

وهكذا بدأ المشهد السياسي في الأردن  منقسما حول المشاركة الأردنية في الحرب في أفغانستان ، ومما زاد المشهد في الأردن  ارتباكا  ، مقتل اثنين من الضباط الأردنيين في أرض أفغانستان ، مقتل الملازم الأول " ماجد عامر ابو قديري" ، في 21 مايو /أيار 2011م، ومقتل الملازم الأول " عبدالله سليمان نجيب النوافلة " ، في "22 سبتمبر /ايلول 2012م" ، قُتِلا  في ولاية " لوغار " الأفغانية ، حيث تتمركز  بعض قطاعات القوات المسلحة الأردنية المقاتلة ، والتي تعرف بأسم "قوة الواجب الخاصة الأردنية في أفغانستان " ، والتي حملت رموزا منها " قوات النسر ، وقوات النشامى ، وقوة 300 أفغانستان ، وقوة 222 افغانستان " ، والحقيقة ان الأردن لم يعلن بشكل رسمي عن عدد القوات العسكرية المقاتلة في أفغانستان ، لكن المتابع لمواقع وزارة الدفاع الأمريكية ، ومراكز الدراسات العسكرية والاستراتيجية الأمريكية امثال " بروكينجز ،و راند " ، وموقع حلف شمال الأطلسي ، اضافة الى وثائق "ويكيليكس " ، يستطيع ان يتعرف على حجم القوات الأردنية في افغانستان ، والتي ذكرتها تلك المواقع على انها 90 جنديا اردنيا ، وهي غير الفريق الطبي المشرف على مستشفى "مزار شريف" ، وهذه القوة الأردنية انتشرت في "ولاية لوغار " و"ولاية هلمند" و"ولاية بروان" ، ومعلوم لدى وسائل الإعلام  العالمية توزيع قوات "إيساف" على الأقاليم والمناطق في أفغانستان ، وهي ليست اسرارا عسكرية ، بل ان معظم قادة دول العالم المشاركة قواتها في تلك الحرب قامت بزيارات ميدانية  للقاء جنودها في الأقاليم المنتشرة فيها والتحدث اليهم بشكل مباشر ، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش ، وباراك اوباما " ، ورؤساء وزراء بريطانيا " توني بلير 97-2007، جوردون براون 2007-2010 ، ديفيد كاميرون 2010 - حتى الآن" ، والقوات الأردنية ، التي لم يحاول ولا رئيس وزراء أردني واحد زيارتها والاطمئنان عليها ، وهو أمر يتطلب التساؤل والاستفسار ، وهل جنود الأردن رخيصة الى هذه الدرجة ، حتى  لا يسال عنها رؤساء الحكومات الأردنية ، وهم :" علي ابو الراغب 2000-2003، فيصل الفايز 2003-2005، عدنان بدران 2005-2005، معروف البخيت 2005-2007، 2011-2011، نادر الذهبي 2007-2009، سمير الرفاعي 2009-2011، عون الخصاونة 2011-2012، فايز الطراونه 2012، وعبدالله النسور 2012-حتى الآن" ، ولماذا لم يقتدوا برؤساء امريكا ورؤساء وزراء بريطانيا .

ومنذ سنة 2009 ، اي بعد حادثة "خوست" ، بدأت  مصادر القوات المسلحة الأردنية تعلن تباعا عن وجودها العسكري في أفغانستان ، من توديع للمجموعات او استقبال لها ، ومعلوم ان المجموعة او القوة الواحدة كانت تخدم في افغانستان ستة أشهر متواصلة ثم تعود الى الوطن ، وهذا يعني ان عدد الجنود الأردنيين الذين خدموا فعليا في أفغانستان منذ سنة 2002 ولغاية  ، 2013 اي أحد عشر  عاما ، يبلغ قرابة الفي جندي (2000) ،  هذه القوة العسكرية المتواضعة حظيت باحترام القوات الدولية ، الى درجة ان الأمين العام لحف شمال الأطلسي " فوغ راسموسن"  وفي محاضرة له في العاصمة الأردنية عمان ، وجه دعوة للشركاء ومن بينهم الأردن للمساهمة في تطوير قدرات الجيش الأفغاني العسكرية من حيث التدريب والتعليم ، إذ أن الأردن يتمتع بسمعة جيدة في التدريب العسكري ، حيث درب عشرة الآف جندي و65 الف شرطي عراقي ، مشيرا الى "أن الحلف دهش من خبرة الأردن الهائلة في مجال محاربة الإرهاب " (الجزيرة، 9/3/2010) ، ونجد من الضرورة بمكان الإشارة الى بعض اسماء القادة العسكريين الأردنيين الذين قادوا قواتهم في أفغانستان ، والذين استطعنا العثور على اسمائهم في الصحافة ووسائل الاعلام العالمية والاردنية والعربية ، "العقيد الركن عارف الزبن (2010) ، العقيد الركن مخلد عواد السحيم (2011) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 300 أفغانستان 4 ، العقيد الركن ابراهيم عبدالغفور الحراحشة (2012)(ولاية هلمند) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 300 أفغانستان 2 ، العقيد الركن محمد العجارمة (2012)(ولاية لوغار) ، المقدم الركن عبدالباسط الشرع (2012)(ولاية لوغار) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 222 أفغانستان 7 ، العقيد الركن أحمد الجرايده (2012) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 300 أفغانستان ، المقدم الركن فوزي فريوان الدراعين (2013)(ولاية لوغار) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 222 أفغانستان 9، المقدم الركن محسن عليان الخالدي (2013)(ولاية لوغار) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 222 أفغانستان 8، المقدم الركن محمد حميدان المشاقبة (2013)(ولاية هلمند) ،  العقيد الركن يونس محمد الخوالده (2013)(ولاية هلمند) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 300 أفغانستان 4، العقيد الركن عواد محمد الزيود (2014)(ولاية هلمند) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 300 أفغانستان 9 ، العقيد الركن محمد حاكم الخريشا (2014)(ولاية بروان) قائد قوة الواجب الخاصة الأردنية 222 أفغانستان 10 " .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد