كرة القدم ليست حكراً على الغرب

mainThumb

27-10-2022 10:29 AM

في وقت تصاعدت في بعض المدن الفرنسية نداءات مقاطعة كأس العالم قطر 2022، ومنع عرض مباريات البطولة على شاشات عملاقة في مناطق المشجعين، احتجاجا على تنظيم البطولة في بلد لا يحترم حقوق الإنسان والعمال والمثليين، ولا يوفر كل الظروف التي يقتضيها الحدث العالمي على حد تعبير المقاطعين، خرج الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عن صمته مدافعا عن قطر، ومنددا بـ”رغبة الغرب في احتكار لعبة كرة القدم”، وخرج زين الدين زيدان يعبر عن سعادته باحتضان قطر للمونديال، ويدعو للتركيز على كرة القدم قبل أيام عن موعد البطولة، وعدم الخوض في جدل عقيم حول مواضيع فصلت فيها الفيفا والمنظمات الدولية، وبالتالي تجنب حرمان الجماهير الفرنسية من متابعة منتخب بلادها في الساحات العمومية كما جرت العادة.
نيكولا ساركوزي استهدف بانتقاداته عمدة باريس آن هيدالغو التي انضمت إلى قائمة المدن الثماني المقاطعة احتجاجا على شروط تنظيم مونديال قطر البيئية والمناخية، منددا بسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير في التعامل مع قطر من طرف رئيسة بلدية ترحب من جهة باستثمارات القطريين في نادي باريس سان جيرمان، لكنها تنتقد استثمارهم في كأس العالم لبناء بلدهم والمساهمة في صناعة تاريخ كرة القدم العالمية مثل غيرهم من البلدان التي سبقتهم في أفريقيا وآسيا، بعد أن كان تنظيم المونديال حكرا على الأوروبيين وبلدان أمريكا الجنوبية الذين ما زالوا يعتقدون أنهم الأكثر جدارة وكفاءة وقدرة على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، وأن العرب والمسلمين تكفيهم المشاركة أحيانا بمنتخباتهم، ويكفي السماح للجماهير بحضور مباريات المونديال.
زيدان من جهته خرج عن صمته اثر تصاعد موجات المقاطعة في بلديات فرنسية وبعض البلدان الأوروبية على غرار انكلترا وألمانيا وهولندا والنرويج، عن طريق لاعبيهم ومدربيهم السابقين والحاليين، ودعا إلى “فسح المجال للغة الكرة قبل أيام عن موعد المونديال” الذي صار أمرا واقعا وتحصيل حاصل، صمد أمام كل حملات التشويش والتشويه التي طالت قطر منذ 2010 تحت تأثير أبواق اعلامية وسياسية، لا تعرف عن قطر سوى أنه بلد عربي، مسلم، صحراوي صغير في الحجم ومن حيث عدد السكان، ويقع على الخليج الغني بثرواته الطبيعية، لكنه فقير في نظرهم فكريا وثقافيا وعلميا وحضاريا، ومشكوك في نزاهته، لا يمكنه تنظيم كأس عالمية، ويجب عليه أن يبقى صغيرا، وبعيدا عن صناعة التاريخ التي يجب أن تبقى حكرا على الغرب وأمريكا.
المشجعون والنشطاء في فرنسا طالبوا من جهتهم بمقاطعة الشركات الفرنسية التي حصلت على صفقات بناء منشآت المونديال، وتتحمل مسؤولية ضمان حقوق عمالها الذين استقدمتهم معها، ومقاطعة كل الشركات الفرنسية التي تستثمر في أفريقيا وآسيا بدون أدنى احترام للشروط البيئية والمناخية ومعايير منظمة الصحة العالمية ومنظمات حقوق الإنسان والعمال الذين يتم استغلالهم بشكل بشع، وليس مقاطعة المونديال وبلد أنقذ فريق العاصمة باريس من الافلاس وبوأه مكانة عالمية، ومنح شركات فرنسية مشاريع مرتبطة بالمونديال، أنقذتها من الإفلاس أيضا، لكن يبدو أن أموال قطر حلال على الفرنسيين، أما سعيها لتحقيق طموحاتها وآمالها فهو حرام ولا يجوز.
كل الأكاذيب والإشاعات ستكشفها الحقائق بعد أيام في مونديال لن يكون بالضرورة الأفضل في التاريخ، لكنه سيكون مختلفا ومتميزا يبقى في التاريخ رغم الحملات غير مسبوقة التي تعرضت لها قطر على مدى سنوات.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد