تكون الأمم أو لا تكون

mainThumb

27-06-2018 10:54 AM

هو عنوان، كما ترون، ربما تحتاج الكتابة فيه إلى مؤلفات وكتب ومقالات وطروحات كثيرة مما يتطرق إليه أهل العلم والبلاغة والسياسة والاقتصاد، وغيرهم من نوابغ العلم الذي لا يمر حين من الدهر إلا ويأتي بجديد منه في مختلف العلوم العسكرية والسياسية الاجتماعية وغيرها.  تكون الأمم أو لا تكون، بهمة قيادتها وأبنائها، واستقلالية قرارها، وبناء قدراتها، من خلال الاعتماد على الذات والانطلاق نحو إنشاء اقتصادات ومرتكزات دولة صلبة قاعدتها، راسخة مبادئها، مرتكزة على الأساس السليمة علومها، وتعمل وفق منهج دينها الذي دعا إلى الانطلاق والهمة والنشاط وبناء الأجيال المتمكنة التي تعتمد عليه الدول في بناء أركانها، وتطورها تحقيقا لرغد العيش الكريم الذي توفره الدولة لمواطنيها، ولاسيما في مسألة الأمن والصحة والطعام والشراب واللباس والتعليم وهي العناصر التي ينشدها الإنسان في حياته في كل دهر وزمان.  وهنا لنا أن نتذكر بعضا من مقولات جبران خليل جبران "ويل للأمة التي تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع" "وويل لأمة مقسمة إلى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه فيها أنه أمة"، ما يشكل القاعدة التي ينبغي التنبه لها، وهي لا شك حاضرة في عقول الكثيرين، لكن سطرها هنا يأتي من باب التذكير في الشيء إذا ما تم التغافل عنه أو نسيانه.
 
ألمانيا الاتحادية خرجت من الحرب العالمية الثانية منهكة في قواها، مدمرة مدنها وبناها التحتية، كما اليابان التي تعد الدولة الوحيدة في العالم التي تعرضت لقصف بالسلاح النووي على مدينتي هيروشيما وناغازاكي من قبل الولايات المتحدة، وترك آثاره ماثلة ربما حتى اليوم.  ليس بيت القصيد هنا أن نتعرض هنا لحقبة من التاريخ الغابر الذي عانت فيه أمم بعينها أشد المعاناة، كما الحالتين السابقتين، وكما الهند في مرحلة حديثة من تاريخها، وغيرهم من الأمم، لكن المسألة أن ننظر إلى هاتين الدولتين اليابان وألمانيا كحالة استثنائية، تجدونها تمثل كطائر العنقاء الخرافي، نفضتا عنهما غبار الحروب والويلات والدمار، وهاهما دولتان تتبوؤان أعلى المراتب الاقتصادية بين الدول، في الصناعة والتجارة، وليس من المدهش أن الماركات التجارية لكلا الدولتين تغزو العالم برمته.
 
كوريا الجنوبية ليست بعيدة من ذلك، ومثال بسيط واحد فيها، شركة سامسونغ، كفيل بأن يثير دهشة الأفراد والمجتمعات على مستوى النخب السياسية والاقتصادية وعلى مستوى العامة.  سامسونغ بدأت كشركة تجارية يعمل بها نحو أربعين موظفا، وها هي تنشط الآن في قطاع الاتصالات، وصناعة الحاسبات، وانطلقت نحو منتجات جديدة، منها بناء السفن والأدوية والمنتجات الصيدلانية وغيرها، ولا ينسى أنها رائدة صناعة الهواتف الذكية، حتى أن شركة أبل الأمريكية صاحبة الهاتف ذائع الصيت آيفون، تستخدم بعضا من مخرجاتها في هاتفها ذاك، كما تنشط في العديد من المجالات الصناعية الأخرى، وفروعها منتشرة في العديد من دول العالم، وموظفوها يعدون بعشرات الآلاف.
 
 
الإرادة أيها السادة، العنصر أساسي في الانطلاق نحو الهدف المنشود وحتى وإن استغرق الأمر حينا من الدهر. سيدنا موسى عليه السلام، انتظر سنين عديدة حتى يحقق ما أوحاه الله إليه، ودعوة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم استمرت ثلاثا وعشرين سنة أقام فيها دولة العدل بالدين الحق الذي اختاره الله للبشرية.  
 
أما نحن في الأردن الحبيب، فقد تشكلت لدينا حكومة جديدة عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله رئاستها إلى الدكتور عمر الرزاز، لكي تعمل بجهد دؤوب وعزم لا يلين للانطلاق بالأردن نحو غد أفضل ومشرق يحقق الانفراج المنشود من خلال بناء اقتصاد قوي ترتكز إليه الدولة في كل مجالاتها الأخرى، سياسيا وعسكريا واجتماعيا وماديا، ينشده الجميع. 
 
أما وقد عهدنا بتصريحات الدكتور عمر الرزاز انطلاقة جديدة تستند إلى الشفافية والأخذ بالرأي الآخر وتؤمن بالمشاركة والمساهمة الجماعية في اتخاذ القرارات، والقرب من الناس، ومثال ذلك قول دولته على تويتر لشاب اسمه قتيبة، قال هل أهاجر يا دولة الرئيس أم أبقى في الأردن، فكان جواب دولته لا تهاجر يا قتيبة فالدولة تبنى بأيدي أبنائها، ولكن يجب المبادرة.  فهذا يعني أننا أمام عهد جديد يؤمل أن يؤدي إلى أن تبحر السفينة الأردنية بأيدي أبنائها لتصل إلى مبتغاها في بناء الدولة الحديثة في ظل الرعاية الهاشمية أبقاها الله صمام أمام للأردن والأردنيين.
 
 
كاتب ومحلل سياسي مستقل
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد