سفيرة الشؤم .. ماذا تحيك للاردن ؟

mainThumb

27-09-2011 09:26 PM

فرنسا اسم يوحي بكل شيء جميل وراق، يوحي بالاناقة والرقي والفنون والحرية والفكر والثقافة، لكن هذه الصورة الخارجية صورة خادعة ، ففرنسا هي عضو أساسي في التجمع الإمبريالي الناهب لثروات الشعوب ، وكانت فرنسا تاريخيا من أهم الدول الإستعمارية التي امتازت سياستها في طمس ثقافات الشعوب ومحو ذاكرتها وفرض الثقافة واللغة الفرنسية .

وبانتهاء القرن العشرين ودخول القرن الواحد والعشرين ، صار واضحا ان فرنسا تحن بقوة الى العهود الاستعمارية، ففرنسا اليوم تتخلى عن ارث ديغول وشيراك وتعود بشراسة الى تاريخها الاستعماري متمثلا في الاختراق الصهيوني لفلاسفة العنصرية والصهيونية ضد الشعوب العربية.

لقد كان تاريخ فرنسا الاستعماري في شمال افريقيا وفي سوريا ولبنان وحروبها الاستعمارية بحجة التنوير والليبرالية، اما اليوم فهي تجتاح الوطن العربي باسم الديموقراطية ، ان تعطش فرنسا لتسويق سلعة الديموقراطية يوازي تعطشها لرائحة الدم في البلدان التي تسعى فيها لنشر تلك الديموقراطية.

عراب الثورات العربية الفيلسوف الصهيوني هنري ليفي "رجل الميدان" الذي يعشق الخراب وصديقة الصهيوني ساركوزي يشكلان ثنائيا متناغما للحقبة الاستعمارية الجديدة لفرنسا بوجهها المتصهين، فقد انجزا المهام المطلوبة في اسقاط ثلاث دول مهمة في شمال افريقيا ، مصر وتونس وليبيا، وذلك باسم الثورة والديموقراطية ، وبهذا تكون فرنسا قد ضمنت نفوذها واسواقها واستثماراتها في تلك المنطقة .

 لقد تزعمت فرنسا عمليات الناتو العسكرية في ليبيا ، واستضافت مؤتمر" أصدقاء" ليبيا ، واعلنت الإفراج عن مليارات الدولارات من الأصول الليبية لصالح مشاريع "إعادة الإعمار= اعادة الاستعمار"، وهي الان تلوح بتهديداتها ضد التدخل في سوريا ، ويتحرك السفير الفرنسي في سوريا محرضا على الفتنة والمظاهرات والاحتجاجات مما دفع السوريون الاحرار للتظاهر امام السفارة الفرنسية رافضين التدخل في شؤون بلادهم.

اما في الاردن فان تدخل فرنسا اصبح ملحوظا بالرغم من عدم وضوح ابعاد خطورته ، فالاستثمارات الاقتصادية الفرنسية تهيمن على قطاعات هامة في مجال الاتصالات والطاقة والمياه والاسمنت ، بالاضافة الى الدور الاعلامي النشط والمشبوه المتمثل في قناة فرنسا 24الذي يتزامن مع مقدم ما يسمى( بربيع الثورات العربية) حيث تعمل هذه القناة بشكل مخلص للاجندة الاستعمارية في اغراق المنطقة العربية بالفوضى تمهيدا لخلق شرق اوسط جديد، وقد كان لهذه القناة سابقة مريبة مخالفة للاصول المهنية بنشر تقارير مفبركة طالت الملكة رانيا وعائلتها، بالاضافة الى ما احتواه التقرير من لمز ومساس في التركيبة السكانية في الاردن و تحريض واضح على افتعال الفتنة .

 السفيرة الفرنسية في عمان تصول وتجول وتحث على المظاهرات والاحتجاجات ، بل وتصرح برفض استخدام العنف ضد المتظاهرين، قامت ايضا بفتح قنوات للاتصال مع مع جماعة "الإخوان المسلمون" والاجتماع بهم والتنسيق معهم .

وتشارك السفيرة في المسيرات بانتظام بصفة مراقب على حد زعمها ، ولم تكتف السفيرة بالتدخل السافر في شؤون الاردن بل تعدى ذلك بتحريض المواطنين للاطاحة بنظام بشار الاسد من قلب عمان.

 وقد تنبه بعض الناشطين المناهضين للامبريالة في الاردن الى الدور الخطير الذي تلعبه السفارة الفرنسية في الاردن، فقاموا مؤخرا بالاعتصام امام السفارة الفرنسية رافضين تدخل فرنسا في شؤون الاردن ومعبرين عن إحتجاجهم على هذا الشكل من التدخل الإستعماري.

بعد ان ضمنت امريكا حصة الاسد من تدمير العراق، سمحت لفرنسا وبريطانيا وايطاليا لتكون في واجهة المشروع الاستعماري الجديد، وتركت لها الاشتغال المباشر بالثورات العربية، بينما تقوم امريكا بدور المراقب والموجه، وقد دخل الاردن مؤخرا في خانة الدول المستهدفة بشكل واضح من خلال نشر بعض وثائق ويكيليكس الذي تزامن مع الحملة الاعلامية لقناة الجزيرة وتصريحات الصحف الاسرائيلية ، وكثرت الايادي التي تريد العبث بالوطن، وهنا نتساءل عن الدور الذي ستلعبه فرنسا اوبريطانيا في المرحلة المقبلة، وما هو شكل التغيير الذي يريدونه ؟ وما هي الوسائل التي سيلجأون اليها ؟ ترى ماذا يعدون لك يا وطني ؟ .

هل أعدوا لك مجلسا انتقاليا خائنا كالذي اعدوه لليبيا، هل أعدوا لك مجلسا عسكريا عميلا كالذي اعدوه لمصر؟ هل جهزوا لك فتنة ناعمة ام دامية؟ هل يدبرون لك فتنة جغرافية ام عشائرية ام دينية ام ماذا؟ هل جهزوا قناصتهم وعصاباتهم الاجرامية ؟ وهل نحن على وعي ودراية كافية بما يجري حولنا، وهل نستفيد من تجارب الدول العربية المحيطة بنا ؟ .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد