أبطالنا قرابين على مذبح الصهيونية العالمية

mainThumb

07-11-2011 02:06 PM

عيد الاضحى في تاريخنا العربي الاسلامي بات يحمل مضامين ومعان جديدة لم تكن موجودة من قبل، فلم يعد عيد الاضحى مرتبطا بالاضاحي الحيوانية، بل اصبح يرتبط ايضا بالاضاحي البشرية، نعرف من خلال الميثولوجيا بان الانسان القديم كان يلجأ الى الاضاحي البشرية للتقرب من الآلهة وتجنب غضبها على نحو طقوسي نابع من معتقدات تلك الجماعة، اما الاضاحي البشرية في عصرنا هذا فقد اصبحت تقدم للآلهة في تل أبيب وواشطن على نحو همجي نابع من الاهداف الاستعمارية والعبودية .

 هذه الاضاحي تضم كل الابطال والمقاومين والرافضين للركوع للاستعمار والهيمنة والعولمة واقتصاد السوق، هذه الاضاحي مقصود بها كل زعيم عربي وكل حر يرفض الانصياع لشروط الغرب وطفله المدلل اسرائيل.

الانظمة العربية العميلة تعمل باخلاص على تقديم القرابين البشرية لاسيادها ، دويلات الخليج العربي التي تعاني من آلام الرقبة والظهر من كثرة سجودها وانحنائها امام طغيان اسيادها الامريكان والصهاينة والغرب، بلغت من الخيانة والخسة والنذالة مبلغا يأنف التاريخ من تسجيله، اما الشعوب العربية التي لا تعتبر من دروس التاريخ فانها تتبع نعيق قناة الجزيرة واخواتها، هذه القنوات المعدة خصيصا لتمزيق الوطن العربي واعادة توزيع الاوراق والنفوذ والحدود ضمانا لامن وحماية اسرائيل.

خيانة الانظمة العربية وضجيج الرعاع هي كل ما تحتاجة الادارة الامريكية المتصهينة للمضي في مشروعها، لقد تم التضحية بالشهيد المناضل صدام حسين صبيحة عيد الاضحى ، واليوم يتم التضحية بالشهيد المناضل معمر القذافي قبيل عيد الاضحى، ولم يكن اختيار هذه المناسبات عفويا، فالدين الاسلامي يتم استخدامه وتسخيره كادوات تدمير ذاتية، ان اشخاصا مثل صدام حسين ومعمر القذافي قد طلب رأسيهما من قوى الاستعمار لانهما يمثلان الهوية الاسلامية والقومية العربية المعتدة بكرامتها واستقلاليتها وعدم رضوخها للانحناء والخيانة واصرارها على عدم التفريط بمقدرات بلدانها .

لقد تم الاعداد للاجهاز على صدام والقذافي مسبقا من خلال شن هجمة اعلامية لتشويه وشيطنه هذين الزعيمين وتحريض شعوبهم وتأليب الراي العالمي، من خلال اتهامهم بتهم باطلة مثل الابادات الجماعية والاسلحة الكيماوية، فتم احتلال العراق وليبيا بحجة اسقاط الانظمة الديكتاتورية، والترويج للديموقراطية، لقد فضل هذان الزعيمان النضال والمقاومة لاخر قطرة دم وقدموا انفسهم وابناؤهم شهداء في سبيل الدفاع عن اوطانهم ومبادئهم، كلا الزعيمين تعرضا للخيانة وتم اسرهما وتخديرهما من قبل الاحتلال الامريكي، و تم التنكيل بهما واخراجها من حفرة لتشويه صورتيهما ونفي صفة النضال والمقاومة عنهما، وعرضهما على وسائل الاعلام المختلفة حتى يكونا عبرة لغيرهم من الزعماء والاحرار الذين يتجرأون على رفض القواعد الاجنبية او تأميم النفط او عدم الخضوع لشروط العولمة، ليكونا عبرة لكل زعيم يعمل على تنمية قدرات وطنة وشعبه دون الخضوع لاقتصاد السوق العالمي والبنك الدولي والمنظمات الدولية المختلفة.

 لقد تم استهداف كل قلاع القومية العربية والتخلص من رموزها، فالراحل جمال عبد الناصر مات مسموما، وبعده المناضل ياسر عرفات الذي مات مسموما ايضا، اليس غريبا ان يتم اصطياد ابطالنا بابشع الطرق بينما يموت العملاء والمتخاذلين على فراشهم مرتاحين.

ان الطريقة الهمجية التي تم بها اسر المجاهد المناضل معمر القذافي هزت العالم وجعلت الاشخاص الذين لا يؤيدونه ينتفضون لمدى الهمجية التي تعامل بها عملاء الناتو في ليبيا ، هذه الطريقة التي لا تمت لا بالعروبة ولا الاسلام ولا الانسانية ، حتى الشعوب البدائية في مجاهل الغابات تتعفف عن القيام بهذه الافعال المشينة .

ولم يتوقف الامر على قصف القذافي من قبل الناتو وتخديره وأسره وتسليمه للهمج الرعاع الذي قاموا بضربه وسحله وتعذيبه وهتك عرضه ثم قتله ، بل عرضت جثته وجثته ابنه المعتصم شبه عارية في سوق اللحم بمدينة مصراتة لتكون فرجة للشامتين والحاقدين الذين فقدوا كل صلة بالاسلام وبكل الشرائع السماوية وحتى الوثنية. لا استطيع ان افسر مشاعر الشماتة والتلذذ بمشاهدة الاسير معمر القذافي يهان ويضرب ويشتم وهو مضرج بدمائة ، بدون اي مراعاة لعمره ومكانته ، وقد تابعت شخصيا بعض الاسلاميين من حولي وهم يتابعون على الفضائيات مشهد الضباع والكلاب الليبية تنهش في جسد الرجل العجوز معمر القذافي وهم فرحون ومستبشرون يباركون لبعضهم بمقتل الطاغية، وكأنهم يتابعون برنامج صراع البقاء او عالم البراري ، ونسوا في غمرة حقدهم وضلالهم ان كل هذه المشاهد تتنافى مع ابسط مباديء الاسلام الذي كنا نباهي فيه كل الامم وكنا نفاخر باخلاقنا العالية في التعامل مع الاسرى ودخول المدن المفتوحة.

 كم كان مقززا منظر بعض الاسلاميين الذين تجمعوا حول جثة معمر القذافي التي يحوم حولها الذباب وهم يشمتون به ويسبونه ويبشرونه بنار جهنم وهم يكبرون ، كم هو مؤلم ان نسمع مفتى الناتو في ليبيا يفتي بعدم جواز الصلاة على القذافي لانه كافر في نظره، حيث يقول " لا يجوز شرعًا إقامة الصلاة على القذافي في مساجد المسلمين، أو إقامة صلاة الجنازة من قبل عامة المسلمين وشيوخ المسلمين والعلماء والأئمة عليه...عدم الصلاة عليه يأتي لسبب شرعي وهو لكي يكون عبرة لغيره من الحكام.

وتابع فتواه قائلا "يجب دفن القذافي في مقبرة مجهولة تجنبًا لإحداث فتنة بين الليبيين، وحتى لا يتحول قبره إلى مزار". ترى من الذي نصب هؤلاء القتلة ليكونوا آلهة من الذي اعطاهم مفاتيح الجنة والنار؟ من الذي منحهم صكوك الغفران والحرمان؟ ان تسليم القائد معمر القذافي الى هؤلاء الرعاع الهمج كان بقصد التنكيل به واهانته ومحاولة لكسر شموخة وكبريائة الذي طالما كان حجر عثرة في طريق المشروع الامريكي، وبقصد تحقير الانسان العربي والنيل من كرامته وتدمير الهوية العربية واغتيال وتشويه الرموز.

وهذا كله جزء من الحرب النفسية التي تستهدف الانسان العربي، وهي حرب مقصودة مدروسة ومخطط لها بعناية من قبل علماء النفس والاجتماع ، وذلك من اجل تدمير جوهر العروبة والاسلام في نفوس المسلمين وتشويه صورة العرب والمسلمين لدى الشعوب الاخرى، بالاضافة الى تقزيم مفهوم الانا وخلق النفسية المهزومة، و تكريس الصورة المهينة في اللاشعور الجمعي عند الانسان العربي، وتعزيز الشعور بالدونية وايصال رسالة مفادها " انت ايها العربي شخص نكرة لا تساوي شيئا، انت خلقت لتكون تابعا ومهزوما الى الابد".

 ان هذه المحاولات المدروسة لتقزيم وتشويه الذات العربية تهدف الى خلق الشعور بالنقص والدونية والاحتقار، تمهيدا لخلق شخصية مستسلمة ذليلة خاضعة عاجزة فاقدة للاحساس بالقوة والكرامة والكبرياء.

 وسائل الاعلام اظهرت مدى الانحطاط المهنى والاخلاقي في التعامل مع اسر وقتل معمر القذافي ، لغة الشماتة والتحقير والكذب المفضوح تدل على المدى الذي اصبحت به وسائل الاعلام ادوات رخيصة في المشروع الامريكي الصهيوني للشرق الاوسط الجديد.

 لقد انتقد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين نشر لقطات مقتل معمر القذافي، قائلا: "لقد قتلت عائلة القذافي بالكامل تقريبا، وعرضت جثته عبر كافة المحطات العالمية، ولا يمكن رؤية هذا بدون قرف.. ما هذا؟ وأضاف " تبين كيف ان انسانا جسمه مخضب بالدم ومصاب ومازال حيا ويقومون بالاجهاز عليه، وانتقد وسائل الاعلام قائلا "كل هذا يظهر على الشاشة.. لا يوجد شيء مماثل في اخلاقيات اي من الاديان العالمية، لا في المسيحية ولا في اليهودية ولا في الاسلام ، لكي تنشر مثل هذه الاشياء في وسائل الاعلام".

لقد انصف بوتين الديانات الثلاثة واستنكرانحطاط الاعلام ، لكننا في المقابل لم نسمع استنكارا من شيوخ الفتنة الذين يدّعون الاسلام، بل انهم مثل اقرانهم الصهاينة باركوا مقتل القذافي واحتلال ليبيا.

هنيئا للغرب والامريكان والصهيانة بمقتل القذافي واحتلال ليبيا، هنيئا للعربان الذين باعوا دينهم واوطانهم، هنيئا لكم ايها الليبيون دخولكم في دوامة الفوضى والعهد الجديد الدامي والقواعد الامريكية والمعابد الصهيونية والحرب الاهلية، ستندمون حين لا ينفع الندم، سيندم عملاء الناتو والمضللون، فالايام القادمة حبلى بالسواد والايام الكالحات ، ستندمون لانكم قدمتم قائدكم ورمزكم وبلادكم قربانا للصهيونية العالمية لقاء اوهام معسولة عن الحرية والديموقراطية المستوردة، ستندمون لانكم استبدلتم اللون الاخضراليانع باللون الاسود القاتم، ستندمون وستندمون وستقيمون اللطميات والحسينيات جراء خيانتكم وجهلكم وفظاعة ما ارتكبت ايديكم.

- sawsanapril@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد