الصورة صرخة أحياناً!

mainThumb

13-01-2024 08:58 AM

أخط هذه السطور وأنا أتأمل تلك الصورة المؤلمة للطفلة حلا، الرضيعة الغزاوية التي فقدت قدميها في قصف الاحتلال. الطفلة الجميلة لا تبكي وهي في حضن أمها، ولكن قلوبنا تبكي.
وإذا صدر كتاب يضم صوراً من مأساة غزة مع قصف الاحتلال فأنا أجد أن هذه الصورة تصلح لغلاف كتاب.

صور لكتاب

تنجح «القدس العربي» في نشر صور من مأساة غزة مع جنود الاحتلال.
نقرأ: جرحى دفنوا أحياء باقتحام مستشفى كمال عدوان. ونرى صورة معبرة ربما أكثر من النص المكتوب. هذه صورة لرجل تونسي في وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية في تونس، وتقول اللوحة التي يحملها: «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة»، ووجه الرجل يعبر عما تقول لوحته. ورسم الكاريكاتير يعبر عما يقول حول دفن الفلسطينيين أحياء! وهذه صورة مؤثرة من تشيلي، تقول اللوحة الكبيرة: فلسطين حرة. وهذه صورة مؤثرة ليهود ضد إسرائيل التي تحاول دفع الفلسطينيين إلى الهجرة والنزوح إلى مصر.. صورة المتظاهرين اليهود صرخة صدق.

العودة إلى بيتي المدمر!

ثمة صورة مؤثرة لبيوت في غزة دمرها جنود الاحتلال لكن أصحابها يعودون إليها! وإحدى الصور على عرض الصفحة كأنها صرخة عالية ضد المجرمين الذين دمروا بيوت الفلسطينيين. وهذه صور عن تشييع جثامين 8 شهداء في الضفة، وأكاد أسمع صوت بكاء زوجاتهم وأولادهم. أتأمل الصورة، الوجوه الصامدة في التشييع أكاد أسمع صوت بكاء قلوبهم.

صفحة كاملة من الصور

هذه الصفحات أحب مشاهدتها لأنها تعبر عن المأساة كاملة. تتدلى الأعلام الفلسطينية على حشود من اليمن معلنة دعمها لفلسطين، كما صورة أخرى في العاصمة الأردنية، فضلاً عن مسلمين ومسيحيين في رام الله نساء ورجالاً. ونكاد نسمع صوت صورة المواطنين الأفغان في كابول قرب مجسم كبير يحاكي المسجد الأقصى.. وتظاهرة أخرى مع لوحات تصرخ بأن نتنياهو (رئيس وزراء إسرائيل) قاتل.. الصفحة في «القدس العربي» التي تغطيها الصور أسمع أصواتها، فللصورة صوت!

أصوات البكاء في مقبرة جماعية

هذا البكاء لأسر المدفونين في مقبرة جماعية في غزة.. وثمة صورة تنتحب الأطفال فيها حتى من حروف الجريدة حزناً على رب الأسرة القتيل.
صورة أخرى بأصوات آتية من بكين مطالبة بإيقاف إبادة غزة. ومن خيمة في جنوب غزة طفل يبكي بصمت وتحمله أمه خوفاً على مصير والده في حرب الإبادة الإسرائيلية. يحرص جنود الاحتلال على تدنيس المساجد (كما في جنين) رغم استشهاد 12 مدافعاً فلسطينياً عنها، وهذا كلام صور مؤثرة لها صوت.

أتمنى كتاباً من الصور فقط

هل يمكن لنا إصدار كتاب من صور (مذبحة غزة) على يد جنود الاحتلال دون نصوص مطولة، بل بسطر حول مكان ومناسبة الصورة؟
من طرفي، أجد للصورة صوتاً يعبر عن المجازر والمقابر الجماعية وغير ذلك من (فظائع) جنود الاحتلال، ولكن الكتاب الذي أحلم به لا يضم غير الصور. ففي نظري، للصورة صوت أسمعه عالياً كلما كانت صورة متقنة الالتقاط من زاوية معينة.. وأنا شخصياً أسمع للصورة «صوتاً».. وأظن قارئ الصحيفة الجيدة كذلك.

هل سجنوه لأنه أسود؟

كعادتي، أنتقل إلى موضوع آخر كنت أتمناه اليوم أقل كآبة لكن.. عالمنا في معظمه يسبب لنا الحزن. هذا رجل أسود (أي أن لون بشرته سوداء لا أكثر من نظري) أمضى 48 سنة في سجن في ولاية أوكلاهوما الأمريكية، ثم تبين للمحكمة أن الرجل كان بريئاً من التهمة التي حكموه بسببها بالسجن 48 سنة! الخبر من واشنطن. تخيلوا معي الحياة في السجن طوال 48 لإنسان بريء! وبعدما تمت تبرئته وإطلاق سراحه، ما الذي سيفعله؟ هل ستدفع له محاكم الولايات المتحدة تعويضاً عن الخطأ الحقوقي بحقه؟ ما الذي يمكن أن يعوض أي إنسان عن سرقة 48 سنة من حياته؟ وما الذي سيفعله بعد ذلك لبناء حياته من جديد، أم أن ذلك هو المستحيل؟ ستدفع الدولة له تعويضاً عن ذلك الخطأ في المحكمة ولكن ما من مبلغ يوازي حرمان إنسان من 48 سنة من حياته وشبابه وحتى كهولته. ترى، هل كان للون بشرته كأسود (دور) في هذا الظلم؟

 

 

(القدس العربي)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد