أين الوطن

mainThumb

28-04-2025 03:13 PM

يُقال إن الوطن أغلى ما يملك الإنسان، لكن يبدو أننا اليوم نعيش في زمن صارت فيه الضرائب أغلى من الوطن نفسه.
فكل يوم تستيقظ لتجد ضريبة جديدة تهنئك على صبرك، وتبارك لك استمرارك في رحلة البحث عن لقمة العيش. أما الوطن؟ فلا بأس عليه، ما دام يتحول إلى إيصال ضريبي طويل عريض في نهاية الشهر.

الشعب؟ آه الشعب... ذاك الذي كان يُغني للأرض وللعلم، صار اليوم يغني للراتب الذي يختفي قبل أن يرى نور الشمس.
تائهون؟ نعم، بل محترفون في التيه! نبحث عن قوت يومنا كما يبحث العطشان عن ماء في صحراء الوعود الحكومية.

ونسأل: أين الرجال؟
يبدو أن الرجال الحقيقيين رحلوا... بعضهم هاجر، وبعضهم اعتكف، وآخرون غابوا قسراً ليُفسحوا المجال لمن يجيدون الخطابة الفارغة، ويعقدون الاجتماعات التي تنتهي بتشكيل لجان لدراسة اللجان.

أما البرلمان، فهو مشهد كوميدي يومي، حيث التصفيق أسبق من التفكير، والمناكفات تسبق القوانين، والشعب يتابع المشهد كمن يتابع مسرحية عبثية يعلم نهايتها مسبقاً... لكنها لا تضحكه أبداً.

في زمن كهذا، السياسة أصبحت تخصصاً في فن إدارة الأزمات لا حلها، والمشهد الاجتماعي ما هو إلا انعكاس لمرآة متشققة لا تملك إلا أن تعكس صورة التصدع الكبير.

ويبقى السؤال: أين الوطن؟
ربما هو موجود... في خطابات المناسبات الرسمية، أو في شعارات تزدان بها الحملات الانتخابية، أو ربما، وربما فقط، في قلوب البسطاء الذين ما زالوا يصرون أن يحلموا، رغم كل شيء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد